ما حاجة مصر لمحطة نووية بعد تحقيق فائض في الكهرباء؟
شكك خبراء في الطاقة النووية واقتصاديون في جدوى استمرار مساعي مصر لبناء محطة “الصبعة” النووية، في ظل مزاعم الحكومة بتحقيق فائض في توليد وإنتاج الكهرباء.
وأكدوا في تصريحات لـ”عربي21″ أن اللجوء للخيار النووي كمصدر للطاقة بتكلفة عالية يثير علامات استفهام بشأن التعاقد مع الجانب الروسي على هذه المحطة من جهة، وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية من ناحية أخرى.
وتنتهي جميع مراحل المشروع في عام 2025، بتكلفة إجمالية 25 مليار دولار، وهي عبارة عن قرض روسي ويُشَكِل 85% من تكلفة المشروع، وتتحمّل الحكومة المصرية باقي التكاليف، على أن تكون فوائد هذا القرض بعد السداد نحو 5 مليارات دولار.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، أعلنت وزارة الكهرباء حصول موقع الضبعة بمحافظة مطروح (شمال غرب البلاد) على الإذن الأساسي من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية، للبدء بالحصول على ترخيص إنشاء المحطة النووية.
وتقول الحكومة المصرية إن لديها فائضا في إنتاج الكهرباء، إذ بلغ إجمالي الإنتاج 149.7 ميجاوات/ ساعة، وذلك خلال الفترة من كانون الثاني/ يناير – تشرين الأول/ أكتوبر 2018، فى حين سجلت الكميات المستخدمة 120.2 ميجاوات، بإجمالي فائض إنتاج بلغ 29.5 ميجاوات، وفق جهاز الإحصاء.
تساؤلات مشروعة
تساءل الباحث في الهندسة النووية بالكلية الملكية بكندا، الدكتور محمد صلاح حسين، “عن الجدوى الاقتصادية لمحطة الضبعة النووية في ظل إعلان مصر تحقيق فائضا قدره 35% مقارنة بمتوسط الفائض في الدول المتقدمة 15%، وفي ظل الوضع الاقتصادي المتردي، على الرغم من أهمية تنويع مصادر الطاقة، واعتباره من الأولويات المرتبطة بأهداف الدولة وإمكانياتها المرحلية”.
مضيفا أن “الرقم الحقيقي للتعاقد هو 45 مليار دولار، وذلك للحصول على 6400 ميجا وات من أربعة مفاعلات روسية، بينما تم الحصول على 14400 ميجاوات من ثلاث محطات كهربائية تم التعاقد عليها مع شركة سيمينز الألمانية عليها في 2014 مقابل 8 مليارات دولار فقط، بغض النظر عن المقارنة العلمية والتي ستأتي لصالح المصدر النووي من الناحية البيئية”.
وأشار إلى أن “هذا الفارق الشديد في سعر تكلفة الميجاوات لصالح محطات الغاز اقتصاديا يؤكد حقيقة ما ذكره قائد الانقلاب في إحدى كلماته أنه (لا يعتمد على دراسات الجدوى)؛ لذا فإن اللجوء للخيار النووي الآن كمصدر للطاقة هو اختيار غير ذي جدوى اقتصادية في ظل وجود 60% من المصريين تحت خط الفقر”.
وأردف الباحث النووي: “كما يحيلنا إلى السؤال مجددا عن سبب التعاقد مع الجانب الروسي على هذه المحطة، هل كان نوعا من الرشوة السياسية لحكومة بوتين بعد حادث الطائرة الروسية في مصر، وشراء دعمه للانقلاب؟ أم أنها سياسة لتكبيل مصر بمزيد من الديون؟ أم كليهما؟”.
تقنيات بائدة
وقال المستشار السياسي والاقتصادي الدولي، حسام الشاذلي، لـ”عربي21″: “قد يبدو الأمر عجيبا للوهلة الأولى عندما نرى دولة بحجم مصر، وفي الحالة المتردية للبنية التحتية تنظر إلى المفاعلات النووية التقليدية كبديل للطاقة، فقد بات العالم كله يتصارع نحو بدائل الطاقة المتجددة، وباتت دول العالم تتنافس في إغلاق محطات الطاقة النووية التقليدية وتعد شعوبها بمستقبل خال من هذه المحطات وأخطارها وتاريخها الذي لا يخلو من الكوارث”.
ورأى أن “المنظومة السياسية المصرية منحت نفسها حق اللا معقول، حيث أصبحت قراراتها لا ترتبط بالمتغيرات الدولية، ولا بمعايير العلم والتطور، أكثر من كونها تهدف لتثبيت أركان الحكم، والبحث عن حلفاء دوليين”، مشيرا إلى أن “مشروع الضبعة ليس إلا حلقة في تلك السياسة كان هدفه الأساسي دفع ترضية باهظة الثمن إلى الروس من قوت المصريين”.
وأكد أنه “من الجلي والواضح أن نظام السيسي لا يلقي بالا إلى فرضية الأولويات الاقتصادية للشعب المصري الفقير، فبدلا من التركيز على إقامة مشاريع منتجة ترى المنظومة مستمرة في سياسة استعراضية دولية تؤمن لها سيلا من القروض بأسوأ الشروط”.
واختتم قوله بالحديث “إن مصر في حاجة ملحة وسريعة إلى إعادة هيكلة منظومتها السياسية والاقتصادية لكي تخرج من صندوق الاقتصاد المسموم إلى سعة اقتصاد منتج حديث، يمكن رؤية أثره على جودة الحياة ومستوى دخل الفرد”.