أقباط يرفضون موقف الكنيسة المصرية من تعديلات الدستور
يعول النظام المصري على الكنيسة الأرثوذكسية، أكبر أقلية في مصر، لحشد الأقباط للمشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والتصويت بـ”نعم”، في إطار التناغم القوي بين الكنيسة ونظام زعيم سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، الذي بدأ في أعقاب احتجاجات 30 حزيران/ يونيو 2013.
إلا أن قطاعا من الأقباط يرفضون تلك التعديلات، ويعتبروها تغولا على الديمقراطية، والدولة المدنية، رغم المكاسب التي حصلت عليها القيادة الكنسية، في ظل التحالف القوي مع سلطة الانقلاب.
وأكدوا في تصريحات لـ”عربي21″ أن موقف الكنيسة لا يختلف كثيرا عن موقف الأزهر، أكبر المؤسسات الدينية في مصر، إلى جانب دار الإفتاء المصرية، التي حثت المصريين على النزول والمشاركة في الاستفتاء، باعتباره واجبا وطنيا، لا يجب التخلف عنه.
دعوة الكنيسة والإفتاء
وقال بابا الأقباط في مصر، تواضروس الثاني، إن إدخال تعديلات على الدستور “أمر طبيعي”، مشددا على ضرورة أن يكون لك رأي فعال، ولا وجود للكسل.
وقال خلال العظة الأسبوعية بالإسكندرية، إن “الدستور اللي اتعمل من 5 سنين اتعمل بسرعة؛ لأن البلد كان فيها ضياع، ولما يجي تعديل بعد 5 سنين ليه لأ؟! لما يجي التعديل للأفضل قول رأيك، التعديلات اتناقشت في البرلمان والحوار المجتمعي”.
وحاثا على المشاركة والتصويت، قال تواضروس: “لا يصح أن يكون هناك شخص كسول بحجة عدم الإفادة؛ لأن ذلك يعد إحباطا، فيجب على الجميع المشاركة؛ لأن التعديلات الدستورية شيء جيد، مشيرا إلى أن الدستور أبو القوانين”.
أما دار الإفتاء، فدعت للمشاركة في استفتاء التعديلات الدستورية، وأصدرت فتوى اعتبرت فيه التقصير في تحقيق مبدأ المسؤولية خيانة لله ولرسوله.
تراجع دور الكنيسة
ويرى الناشط القبطي الأرثوذوكسي، المعارض للتعديلات الدستورية، أكرم بقطر، أن دور الكنيسة وتأثيرها تراجع في ظل تماهي قيادة الكنيسة مع نظام السيسي الديكتاتوري، قائلا: “قيادات الكنيسه (المجمع المقدس) جزء من النظام ومستفيد بشكل أو بآخر”.
مضيفا لـ”عربي21″: أما المسيحيون فهم جزء من الشعب؛ يعانون اقتصاديا وتعليما وصحيا، يعانون من الفساد والمحسوبية،”، مشيرا إلى أنه “حتى وقت قريب، كان البابا يستطيع أن يستغل مكانته الروحيه للتأثير على قررات المسيحين سياسيا، أما الآن فقوه تأثير البابا والكهنة ضعف جدا بسبب ما وصلت إليه الأحوال فى مصر”.
مردفا: “بسبب فشل السلطه الحالية على معظم المستويات، فقد اهتزت بشده ثقه المسيحيين في تأييد البابا والمجمع المقدس لهذه السلطه الفاشلة، أصبح للبابا دور سياسي نلاحظه في حرص كل السفراء الأجانب على مقابلته والوقف على آرائه في الأحداث”.
وتوقع بقطر ألا تلقى دعوة البابا تواضروس صدى لدى قطاع كبير من الأقباط للمشاركة في الاستفتاء، على الرغم من موقف البابا الداعي للمشاركة بقوة، قائلا: “أتوقع أن الأغلبيه العظمى ستقاطع الاستفتاء، وأن تصوت نسبة قليلة من المشاركين بـ”نعم” على التعديلات الدستورية”.
وجهان لعملة واحدة
بدوره، قال الناشط السياسي، المعارض للتعديلات الدستورية، كمال صباغ، لـ”عربي21″: “لم تخالف أي مؤسسة دينية في مصر موقف السلطات من التعديلات الدستورية؛ فقد وقفت دار الإفتاء نفس موقف الكنيسة في التشجيع على النزول والمشاركة في الاستفتاء، وطبعا المقصود المشاركة “بنعم”؛ فالمؤسسات الدينية في مصر تحظى برعاية الدولة، وفي تاريخها لم تقف ضد الحالكم، فلا ننتظر منهم مشهدا آخر”.
وأكد أن “هذه القرارات سواء من الكنيسة أو دار الإفتاء ليست ملزمة للأقباط أو المسلمين بالتصويت “بنعم”؛ لإنها تعديلات تصل بالدولة إلى مشهد ديكتاتوري غير مسبوق، ولا يمكن فصل موقف الكنيسة عن الإفتاء وكأن هناك تنسيقا بين الطرفين، حتى الكلمات يقتبسوها بعضهما من بعض”.
واختتم حديثه بالقول: “أسلوب المؤسسات الدينية في مصر هو إثارة الحماسة والنعرة أيا كانت دينية أو غيرها، بشكل مغلوط، للوصول إلى أهداف النظام في المقام الأول، وقرارات تلك المؤسسات الدينية ملزمة فقط للبسطاء من الأقباط والمسلمين، أو هكذا يعتقدون، وأغلب المثقفين يعلمون ذلك”.