من «قمة تونس» إلى «بيان أبوظبي».. التحذير العربي من إرهاب إيران عرض مستمر
في توقيت شبه متقارب، حذرت القمة العربية في تونس، من استمرار التحركات المشبوهة لإيران، وهو التحذير الذي تطرق له «بيان أبوظبي»، في ختام أعمال المؤتمر الـ46 لمجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، الذي استضافته الإمارات، مع موقف آخر سجله وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير (خلال الاجتماع رفيع المستوى بمجلس حقوق الإنسان في جنيف)، حول الدعم الإيراني لجماعة الحوثي الانقلابية في اليمن، التي «ترتكب أبشع صور الإرهاب، وحصار المدن ومنع دخول الغذاء والدواء، ونهب القوافل الإغاثية والتجارية، وتجنيد الأطفال، واستغلال المدنيين كدروع بشرية، وزرع الألغام بشكل عشوائي، ما نتج عنه آلاف الضحايا الأبرياء…».
ودعا الجبير حينها المجتمع الدولي لـ«وضع حدٍ للانتهاكات الإيرانية لحقوق الإنسان، سواء الانتهاكات التي ترتكبها ضد فئات من الشعب الإيراني بدافع عنصري مقيت، أو الانتهاكات العابرة للحدود، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وإثارة النزاعات الطائفية من خلال دعم الأحزاب والميليشيات الإرهابية…»، و«الوقوف في وجه الانتهاكات الإيرانية لحقوق الإنسان خصوصًا في الأحواز…».
بدوره، شدد البيان الختامي للقمة العربية في تونس (31 مارس 2019) بوضوح على «رفض التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية»، وقال إنه «من غير المقبول بقاء المنطقة العربية مسرحًا للتدخلات الخارجية…»، وأدان البيان «استهداف الأراضي السعودية بالصواريخ الحوثية…»، مشيرًا إلى أن أمن السعودية جزء من الأمن العربي.
وفيما يتعلق بالتحركات الإيرانية المشبوهة التي يقودها الحرس الثوري في الجوار العربي، قال البيان الختامي للقمة العربية: «في وقت تمر به الأمة العربية بمنعطفات خطرة جراء الظروف والمتغيرات المتسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية، وتدرك ما يحاك ضدها من مخططات تهدف إلى التدخل في شؤونها الداخلية وزعزعة أمنها والتحكم في مصيرها، الأمر الذي يدعونا إلى أن نكون أكثر توحدًا وتكاتفًا وعزمًا على بناء غد أفضل يسهم في تحقيق آمال وتطلعات شعوبنا، ويحد من تدخل دول وأطراف خارجية في شؤون المنطقة وفرض أجندات خارجية…».
وقال البند الثالث من بيان القمة: «نرفض التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وندين المحاولات العدوانية الرامية إلى زعزعة الأمن وما تقوم به من تأجيج مذهبي وطائفي في الدول العربية، بما في ذلك دعمها وتسليحها الميليشيات الإرهابية في عدد من الدول العربية لما تمثله من انتهاك لمبادئ حسن الجوار ولقواعد العلاقات الدولية ولمبادئ القانون الدولي ولميثاق منظمة الأمم المتحدة.. نطالب إيران بسحب ميليشياتها وعناصرها المسلحة التابعة لها من كل الدول العربية.. نؤكد الحرص على التمسك بالمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية، وأن تكون علاقاتنا مع الدول الأخرى مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون الإيجابي بما يكفل إرساء دعائم الأمن والسلام والاستقرار ودفع عملية التنمية…».
وفيما يتعلق بالدور الإيراني (وغيره) في سوريا، شدد القادة العرب على «ضرورة إيجاد حل سياسي ينهي الأزمة السورية، بما يحقق طموحات الشعب السوري الذي يئن تحت وطأة العدوان، وبما يحفظ وحدة سوريا، ويحمي سيادتها واستقلالها، وينهي وجود جميع القوات الخارجية والجماعات الإرهابية الطائفية فيها، استنادًا إلى مخرجات جنيف (1) وبيانات مجموعة الدعم الدولية لسورية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خاصة القرار رقم 2254، فلا سبيل لوقف نزيف الدم إلا بالتوصل إلى تسوية سلمية، تحقق انتقالًا حقيقيًّا إلى واقع سياسي تصوغه وتتوافق عليه كل مكونات الشعب السوري عبر مسار جنيف الذي يشكل الإطار الوحيد لبحث الحل السلمي، ونحن ملتزمون مع المجتمع الدولي؛ لتخفيف المعاناة الإنسانية في سوريا؛ لتفادي أزمات إنسانية جديدة…».
كما ألمح البيان لخطورة الدور الذي تلعبه طهران في لبنان؛ حيث جدد القادة العرب تضامنهم مع لبنان وحرصهم على استقراره وسلامة أراضيه، وهو الأمر نفسه في العراق؛ حيث جدد الإعلان الصادر عن القمة تأكيد أن أمن العراق واستقراره وسلامة ووحدة أراضيه حلقة مهمة في سلسلة منظومة الأمن القومي العربي، وشدد على الدعم المطلق للعراق في جهوده للقضاء على العصابات الإرهابية، وثمّن الإنجازات التي حققها الجيش العراقي في تحرير محافظات ومناطق عراقية أخرى من الإرهابيين، وأيد البيان الجهود الهادفة إلى إعادة الأمن والأمان إلى العراق وتحقيق المصالحة الوطنية، عبر تفعيل عملية سياسية تفضي إلى العدل والمساواة وصولًا إلى عراق آمن ومستقر.
وأعاد الإعلان الصادر عن القمة، التذكير بـ«سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث -طنب الكبرى، طنب الصغرى، وأبو موسى- ونؤيد جميع الإجراءات التي تتخذها؛ لاستعادة سيادتها عليها، وندعو إيران إلى الاستجابة لمبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة؛ لإيجاد حل سلمي لقضية الجزر الثلاث من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية…».
ومن الإعلان الصادر عن القمة العربية إلى «إعلان أبوظبي»، الصادر عن وزراء خارجية ورؤساء وفود الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، في ختام أعمال الدورة الـ46 في العاصمة الإماراتية، فقد تعددت القضايا والملفات التي ناقشتها الدورة الـ46 قبل أن ينص البيان الختامي على 50 مادة تعبر عن طبيعة ما دار في المناقشات، التي تطرقت لـ«دراسة إنشاء آلية تعمم على دول المنظمة من أجل التعامل معها على نحو حاسم، والكف عن تقديم الدعم المباشر وغير المباشر للكيانات أو الأشخاص المتورطين في الإرهاب والتطرف، وعدم احتضانهم أو توفير ملاذ آمن لهم أو تمويلهم أو مساعدتهم…»، في إشارة غير مباشرة لما تقوم به إيران وقطر على وجه التحديد.
وأدان البيان أنواع التدخلات كافة في الشؤون الداخلية للدول، باعتبارها انتهاكًا لقواعد القانون الدولي ولمبدأ سيادة الدول، وطالب إيران للرد الإيجابي على الدعوات السلمية لدولة الإمارات للتوصل إلى حل سلمي؛ لإنهاء احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، وذلك عبر الحوار والمفاوضات المباشرة أو من خلال اللجوء إلى التحكيم الدولي.
وجدد البيان الالتزام بالمحافظة على وحدة اليمن وسيادته واستقلال وسلامة أراضيه، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية، ونجدد تأكيدنا دعم الشرعية الدستورية في اليمن؛ لإعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن، ونؤكد أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة اليمنية المبني على المرجعيات الثلاث المتفق عليها وقرار مجلس الأمن 2216، وفي هذا الصدد نجدد دعمنا لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي إلى اليمن، ونؤكد أن دخول قوات التحالف إلى اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، جاء بناء على طلب رسمي من الحكومة الشرعية في اليمن، واستنادًا إلى قرار مجلس الأمن 2216.
وأدان الانتهاكات كافة التي تمارسها الميليشيات الحوثية الانقلابية في اليمن، واستمرار نهبها وعرقلتها المساعدات الإنسانية والإغاثية الموجهة إلى الشعب اليمني الشقيق، كما نستنكر بشدة استمرار تعنت ورفض الميليشيات الانقلابية السلام في اليمن، والمتمثل في فرض العراقيل والتحديات والمماطلة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مشاورات السويد، بتاريخ 13 ديسمبر 2018، وندعو المجتمع الدولي والأجهزة الأممية المعنية للاضطلاع بمسؤولياتها نحو ممارسة مزيد من الضغوط على الانقلابيين؛ للانصياع إلى السلام، وتنفيذ اتفاق السويد.
وأعرب موقّعو البيان عن رفضهم لاستمرار التدخلات الإقليمية في الأزمة السورية، والتي من شأنها تقويض الجهود الدولية لحل الأزمة السورية، ونعرب عن بالغ قلقنا إزاء تصاعد وتيرة العنف في سوريا، وتداعيات ذلك على الأوضاع الإنسانية وسلامة المدنيين، وفي هذا الصدد ندين العمليات والجرائم الإرهابية ضد المدنيين في مختلف المناطق السورية، التي ترتكبها التنظيمات والجماعات الإرهابية والمتطرفة، خاصة في مدينة إدلب السورية.