أزمة الكرة الأردنية تتواصل بعد أحداث ديربي الوحدات والفيصلي
تتواصل تداعيات انسحاب فريق الوحدات من المسابقات المحلية الأردنية لكرة القدم، بعد الأحداث المثيرة للجدل التي شهدها ديربي العاصمة عمان بين الفيصلي والوحدات، وصدرت على أثرها عقوبات كبيرة بحق الناديين.
وبات قرار نادي الوحدات الأردني بتعلیق مشاركة الفریق الأول في كافة أنشطة اتحاد الكرة المحلي، محط اھتمام الشارع الرياضي الأردني وكذلك وسائل الإعلام العربیة، بعد القرارات القطعية التي أصدرتها لجنة الاستئناف، والتي كانت اللجنة التأدیبیة قد اتخذتھا سابقا، إثر أحداث الشغب في مباراة الديربي بين الفیصلي والوحدات في دوري المحترفین.
هذه هي القصة
بدأت فصول القصة، حينما قرر الاتحاد الأردني إيقاف لاعب الفيصلي عدي زهران لمدة 6 سنوات، على خلفية تصرف مشين وصف بأنه “خارج عن نطاق المألوف” قام من خلاله بعد انتهاء المباراة بخلع سرواله أمام جماهير ناديه احتفالاً بفوزه على الوحدات 2-1، وحُرم من جميع الأنشطة التي تتعلق بكرة القدم.
القرار أثار غضب الفیصلي وإدارته، لكنه ما لبث أن تغير في غضون أيام، بعدما قدم الفيصلي استئنافا تسمح به اللائحة التأدیبیة الداخلية، فظهر الوحدات بدوره هذه المرة غاضبا بشدة، لا سیما فیما یتعلق بتخفیض عقوبة اللاعب عدي زھران من 6 سنوات إلى الإیقاف 5 مباریات، فیما تم تثبیت عقوبتي مدرب الوحدات قیس الیعقوبي الإیقاف 6 مباریات واللاعب محمد الباشا الإیقاف 3 مباریات ضمن أحداث شهدتها المباراة ذاتها.
انسحاب من البطولات!
المقارنات بین أفعال المعاقبین الثلاثة دفعت جمهور الوحدات والنقاد أيضا للتساؤل: كیف لعقوبة التونسي قيس الیعقوبي أن تكون أكبر من عقوبة مدافع الفيصلي عدي زھران؟ مع أن اللجنة التأدیبیة وصفت عقوبة زھران بـ”غیر الأخلاقیة” وخارجة عن النطاق، واعتبرھا الاستئناف “فعلا یخدش الحیاء العام”.
في حین وصف فعل الیعقوبي بأنه قام بعمل “إشارات غير أخلاقية” أثناء خروجه إلى غرف غیار اللاعبین بعد نھایة المباراة؟ وبسبب غياب القواعد في العقوبات، وجدت لجنة الاستئناف نفسھا في موقف لا تُحسد علیه، ذلك أن معظم القرارات التي صدرت عن اللجنة التأدیبیة، جاءت مخالفة لما نصت علیه اللائحة التأدیبیة الأردنیة، ومخالفة أیضا لما نصت علیه لوائح “الفیفا” خصوصا فیما یتعلق بفعل اللاعب عدي زھران.
لوائح “الفیفا” تتخذ مواقف مشددة من حالات الاعتداء على الحكام والتمییز العنصري والحث على الكراھیة والرشاوى وتعاطي المنشطات، في حین تبدو الأفعال غیر الأخلاقیة عادیة العقوبة من حیث الإیقاف لكنھا مرتفعة من حيث الغرامة المالیة، ولا یوجد أي نص قانوني یتعامل مع حالة “سوء السلوك غیر الأخلاقي” من بلد إلى آخر، لأن لائحة “الفیفا” تتعامل مع الأحداث بالدرجة ذاتھا أینما حدثت بغض النظر عن العادات والتقالید وغیرھا.
ويبدو أن لجنة الاستئناف بررت تقلیص عقوبة اللاعب عدي زهران إلى 5 مباریات بالقول: “حتى وإن كان الفعل المرتكب من قبل اللاعب فعلا یخدش الحیاء العام، إلا أن لجنة الاستئناف مقیدة بالنصوص القانونیة الواردة في اللائحة التأدیبیة، واستنادا إلى نصوص المواد”.
تلك القرارات أغضبت الوحدات فھدد باللجوء إلى “الفیفا” وأعلن انسحابه، وهو مدرك للنواحي القانونیة التي تجیز له الذھاب إلى المحكمة الریاضیة الدولیة “كاس” في سویسرا دون اللجوء إلى “الفیفا” أيضا.
وكذلك يدرك حجم العقوبات المترتبة علیه في حال انسحابه؛ إذ تنظم المادة 44 من اللائحة التأدیبیة حالات الانسحاب والتغیب، ومن أهمها الحرمان من المشاركات الخارجية والهبوط لدرجة دنيا، وشطب نتائجه كافة من البطولة، وغرامة باهظة تصل لـ 100 ألف دینار (ما يقارب 141 ألف دولار)، بالإضافة إلى حجز المستحقات المالیة الخاصة بالنادي المنسحب.
وتقدم نادي الوحدات بشكوى رسمية للمدعي العام في عمّان للتحقيق في تصرف لاعب النادي الفيصلي عدي زهران، وقال الناطق الرسمي لنادي الوحدات خضر صوان: “أسند لزهران جرم قيام المشتكى عليه بارتكاب فعل علني فاضح للعيان، وقيام المشتكى عليه بإحداث الشغب، والذم والقدح والتحقير عقب نهاية أحداث اللقاء”.
وبما أن قرارات لجنة الاستئناف تأخذ الصفة القطعیة باعتبارھا أعلى جھة قضائیة في غیاب المحكمة الریاضیة بالأردن، فإن للھیئة التنفیذیة في اتحاد الكرة الحق بنزع فتیل الأزمة من خلال إصدار عفو جزئي أو كلي عن جمیع أو بعض العقوبات التي اتخذتھا اللجنة التأدیبیة وأقرتھا لجنة الاستئناف في صیغتھا النھائیة.
أزمة تهدد الاستقرار
وكان من سوء الطالع أن قرارات لجنة الاستئناف تتزامن مع اقتراب موعد انتخابات نادي الوحدات المقررة یوم 19 إبريل/نیسان الحالي، إذ ستجد الإدارة الحالیة برئاسة یوسف المختار نفسھا في موقف لا تحسد علیه، لأنھا راغبة في كسب الانتخابات المقبلة ولا ترید الظھور في موقف الضعیف. كما قد تكون ھذه الحالة المثيرة للجدل والتي شهدت عليها الكرة الأردنية هذه الأيام، من أصعب المواقف التي تعیشھا.
وربما یكون أيضاً من حسن الحظ أن مباراة الوحدات مع الأھلي ضمن الجولة السابعة عشرة من الدوري، مؤجلة إلى یوم 23 إبريل الحالي، لتضارب موعدھا مع مشاركة الوحدات بكأس الاتحاد الآسیوي، ما یعني أن ظھور فریق الوحدات سیكون ضمن الجولة التي تليها بلقاء فريق البقعة یوم السبت الموافق 6 من ذات الشهر، الأمر الذي یسمح بحل الإشكالیة في موعد یسبق المباراة المقبلة، لأن تنفیذ الوحدات قرار تعلیق المشاركة سیؤدي إلى عواقب كبیرة وكلفة عالیة لا یستطیع الوحدات والاتحاد معا تحمل نتائجھا وتبعاتھا بحسب المتابعين.
وتردد في الأوساط الرياضية الأردنية أن الأمير علي بن الحسين رئيس اتحاد كرة القدم يريد التدخل بالفعل لحل هذه الأزمة المستعصية على الجميع، خاصة أن الوحدات لا يزال متشبثا بقرار الانسحاب الذي يتوقع كثيرون أن يعود النادي عنه في قادم الأيام، سواء بتدخل الأمير شخصيا أو لإرضاء الطرفين الفيصلي والوحدات بقرارات أخرى جديدة.