حياة أردوغان في فيلم.. بائع الكعك الذي صار رئيسا لتركيا
بشريط بالأبيض والأسود يستمر دقيقة و46 ثانية، يسرد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قصة طفولته في حي قاسم باشا الفقير بمدينة إسطنبول، ويقدم نفسه للمجتمع التركي منذ كان صبياً لا يتجاوز 12 من عمره، ليجسد بطريقة درامية مراحل حياة البسطاء في تركيا.
ويبدأ الفيلم بمشاهد تمثيلية تظهر عودة “الرئيس” من مدرسته إلى بيته ليجد والدته تعمل على آلة الخياطة، فيلقي عليها التحية، ويضع حقيبة كتبه ثم ينطلق إلى مخبز السميت “فرن قاسم باشا”.
ويجسد المشهد التالي الحياة العملية التركية السلسة، فيحيي أردوغان معلمه في المخبز “الأسطة”، ويضع حلقات السميت حول عصا طويلة، ويبدأ رحلة التجول لبيع الكعك التركي الشهير.
الكعكة والكتاب
ذاع صيت السميت “الكعك بالسمسم” بين الأتراك منذ القرن 14 في عهد الدولة العثمانية، وحافظوا عليه ليصبح وجبتهم الشعبية الأولى، ويتناولونه وحده أو مع الجبن في الشوارع والمطاعم والمقاهي والمخابز، ويشترونه أثناء توقف سياراتهم في زحمة الطريق.
وفي حي قاسم باشا وما شابهه من أحياء إسطنبول القديمة، تلقي المرأة التركية سلتها من نافذة البيت لبائع السميت، مثل أردوغان الطفل حين ينادي على بضاعته الطازجة.
ويظهر أردوغان الممثل في الفيلم القصير وهو يجمع قطعه النقدية المعدنية في حصالة بسيطة من الزجاج وعيونه ترمي إلى كتاب من ثماني مجلدات كان يتطلع إلى شرائه من مدخراته في بيع السميت.
ويحفل المقطع الدرامي بصورٍ شديدة القرب من الواقع الذي يجسد حياة الأتراك في كثير من التفاصيل، بما فيها من سير تحت المطر وإطعام كلب جائع أثناء استراحة الطريق.
الحقيقة والخيال
يغلق أردوغان الممثل زاوية التصوير في المقطع الدرامي بكتابه الجديد الذي يضعه في مكتبة بيته الصغيرة في حي قاسم باشا بإسطنبول، ليفتح أردوغان الرئيس الجانب الوثائقي من الفيلم بإخراج الكتاب من زاوية المكتبة نفسها، ولكن في القصر الأبيض بالعاصمة أنقرة.
ويختتم أردوغان المشهد وهو يقلب صفحات الكتاب ذاته مخاطباً الشعب التركي ليخبرهم أن من يحكم تركيا اليوم كان في يوم من الأيام بائع سميت متجولا في الطرقات يحمل حلمًا بأن يخدم وطنه.
ويقول “عندما أنظر لذلك الكتاب (يقصد الكتاب ذا المجلدات الثمانية الذي ما زال يحتفظ به منذ صغره) أتذكر طفولتي وحلم الطفولة”.
تفاعل كبير
لقي الفيلم القصير تفاعلا شعبيا واهتماما واسعين من المتابعين الأتراك، لا سيما أنه نُشر قبل أيام من إجراء الانتخابات البلدية التركية.
وغرد مئات الآلاف من الأتراك على تويتر على وسم (ılkkitabim)، ويعني بالعربية “كتابي الأول”، مقتبسين ذلك من عبارة الفيلم التي رددها أردوغان في وصف كتابه ذي المجلدات الثمانية الذي جمع ثمنه من عمله في بيع السميت.
كما نشروا على الوسم ذاته في إنستغرام صوراً وفيديوهات لمكتباتهم العامة، وانخراط أطفالهم في القراءة في المراكز الثقافية.
ووصف سلطان شينوجاك تنريكولو الفيلم بالمؤثر، وقال إن مشاهده كانت جميلةً، ولكنها غير كافية. في حين حمدت زينب أصلان الله أن رئيس جمهوريتها افتتح أسبوع القراءة بالدعوة لـ”اقرأ”.
أما عائشة آكدوغان فقالت إن نصيحة “اقرأ” التي بثها أردوغان في الفيديو هي أمر الله للمسلمين في أول آية تنزلت بالقرآن الكريم، وهو الكتاب الأول الذي يحتفل به الأتراك في أسبوع القراءة، وفقاً لتعبيرها.
تغريدات
استغل بعض المغردين الموقف في محاولة بناء علاقة شخصية مع أردوغان، فعلق رمضان أوجاك “إذا أهديت ابني ذا الأعوام السبعة كتاباً أو طقماً من لعبة الشطرنج، سيكون سعيداً جداً بها”.
من جهتها، علقت يتار تشامليشوكور على الفيديو بقولها إنها كانت تتمنى أن ترى رئيس حزب العدالة والتنمية كما هو، الأمر الذي يحيل القراء إلى وثائقي آخر ذاع صيته في الأشهر الأخيرة حول قصة حياة أردوغان.
ونشرت شركة “نيتيف ميديا” التركية مقتطفات لمدة ست دقائق و11 ثانية من فيلم وثائقي أنتجته يحمل اسم “طيب” يكشف جوانب مجهولة من سيرة الرئيس التركي.
ويتضمن الفيلم -الذي يشرف على إنتاجه سردار أوزتكين- مقابلات مع عدد من أصدقاء طفولة الرئيس التركي وأقاربه وجيرانه وشخصيات تعاملت معه من داخل تركيا وخارجها، يتحدثون بعفوية عن الكثير من الوقائع والأحداث التي جمعتهم بأردوغان وعايشوها معه.