بعد وفاته بـ13 عاماً.. تكريم رائد السينما السعودية
ينطلق يوم الأربعاء معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي سيقام في العاصمة السعودية تحت شعار “الكتاب بوابة المستقبل”، بمشاركة أكثر من 900 دار نشر سعودية وعربية وأجنبية، تمثل 30 دولة، بنحو نصف مليون عنوان.
وللمرة الأولى، يكرم معرض الرياض الدولي للكتاب سبعة من أبرز رواد السينما السعودية، هم: سعد خضر، وإبراهيم القاضي، وخليل الرواف، وسعد الفريح، وعبد الله المحيسن، وهيفاء المنصور، وإبراهيم الحساوي.
عبدالعزيز الفريح، ابن الراحل المخرج السينمائي سعد الفريح الذي عاصر بدايات التلفزيون السعودي، يقول: “إن تكريم والدي بادرة جميلة، ويدل على اهتمام ولاة أمرنا والمسؤولين بتكريم الرواد في السينما، خاصة مع التغيرات التي طالت المملكة في الفترة الأخيرة، والسماح لدور السينما بالتواجد بشكل طبيعي، فوالدي مصدر إلهامي ورمزي بالنجاح والطموح”.
وأضاف: “العلاقة كانت جيدة سواء بالمسرح أو التلفزيون وبالأفلام، ولكن بحكم عادات اجتماعية وسيطرة فئة معينة على الإعلام السعودي، لم يكن هناك من يظهر جهود الرواد ويسعى لتكريمهم، ولكن في هذا العهد تغير الأمر، وأصبح هناك جهود واهتمام واضحان للفن بكافة مجالاته”.
نكران الجميل
وذكر عبدالعزيز أن والده كان يردد: “أنا لن تعرف قيمتي إلا بعد وفاتي، ولكن هذا اليوم سيأتي”، وكان يشعر بنكران للجميل في كثير من الأحيان، سواء من الفنانين الذين اشتغل معهم، أو قدمهم للتلفزيون ونسوه بعد أن اشتهروا، ومن ناحية المسؤولين من وزارة الإعلام كان مهمشاً، ومن جانب جمعيات الثقافة والمجتمع، فلم يكن لديهم فكر تكريم المثقفين والرواد، أو اهتمام بهم، ولكن المجتمع المؤسساتي اليوم أصبح واعياً وناضجاً أكثر وأصبح مطلعاً أكثر”.
وأكد أن والده ساهم في تأسيس الإعلام المرئي السعودي، بداية من تلفزيون أرامكو في منتصف الخمسينات، ثم بعد افتتاح التلفزيون السعودي مع شركة سي أم سي الأميركية، بحكم أنه كان السعودي الوحيد الذي له خبرة بالمجال قبل إنشاء التلفزيون السعودي، وساهم بتأسيس قاعدة فنية سعودية لأنه لم يكن هناك مدارس أو معاهد لتعليم الفن، وكان يبحث عن الفنانين والكوادر الفنية بنفسه.
وأشار إلى أن والده كان يخرج الفعاليات الثقافية لنادي الهلال بالسبعينيات، ويخرج المسرحيات التي كان يشارك بها علي الهواريني وعبدالله السدحان، وأيضا حفلات محمد عبده، طلال مداح، أبو بكر سالم، وعبادي الجوهر، رابح صقر، وعبدالمجيد عبدالله، وقام بعد ذلك باستقطاب هذه الأسماء وإظهارهم عبر التلفزيون عبر برنامج “مسرح التلفزيون” بالستينيات، وأخرج أول ظهور لهم بالتلفزيون بعد أن كان التواصل مع الجمهور سماعيا عبر الإذاعة أو الأسطوانات الفنية.
وسرد عبدالعزيز إسهامات والده سعد: “ساهم والدي بظهور بعض الأسماء وخروج بعض الفنانين بأول ظهور لهم بأعماله الفنية، كمها المصري وأسمهان توفيق، وشارك معهم بأول سهرة فنية كعمل مشترك بين التلفزيون السعودي والكويتي قبل إنشاء مجلس التعاون، وفي الجانب الوطني كان أول شخص يعمل فيلما وثائقيا عن الملك عبدالعزيز باليوم الوطني، ويؤرخ تاريخ المملكة، وكان مكتبة مرجع تاريخي لتاريخ المملكة وحكامها”.
بداية الفريح
وبالعودة إلى بدايات الفريح فقد غادر من حائل إلى الظهران قاصداً “شركة الزيت العربية الأميركية” وقتها، (أرامكو السعودية) حالياً، بصحبة مجموعة من الشباب، استغرقت تلك الرحلة 3 أيام لسوء الطرق ووعورتها وبطء السيارات.
أكمل دراسته في مدارس أرامكو، بجانب دراسته للغة الإنجليزية، ومن ثم عُين في مستشفى الشركة كمراسل بين المختبرات، والعيادات لنقل عينات التحاليل، ومن ثم طلب تغيير عمله ليصبح سائقا لسيارة الإسعاف، ثم عمل موظف استقبال في العيادة لاستقبال المرضى والمراجعين، وتحويلهم بطبيعة الحال على الأطباء، وأثناء عمله هذا كان تلفزيون أرامكو، الذي كان وقتها يُعتبر ثاني تلفزيون في الشرق الأوسط بعد تلفزيون بغداد، ينوي عمل برنامجا عن التثقيف الصحي، وجاءت المصادفة ليكون التصوير في المكان الذي يعمل به سعد، وقتها طلبت مديرته الأميركية منه مساعدة فريق عمل البرنامج في أي شيء يحتاجونه، فظل معهم طوال فترة التصوير يحمل الكاميرات والمعدات.
ثم انتقل من العمل في مستشفى أرامكو إلى العمل في التلفزيون، وذلك بناء على رغبته بعد تِلك المرة (تصوير البرنامج) حيث كان في بادئ الأمر شغوفاً بالأفلام السينمائية التي كان يُشاهدها في الشركة الأميركية أو المصرية، فطلب من مديرته أن تتوسط له ليتم نقل خدماته إلى تلفزيون أرامكو، وتم له ذلك.
في عام 1964، أُعلن عن الشروع في إنشاء تلفزيون المملكة، تقدم الف ريح، وقُبل بسبب خبرته السابقة في هذا المجال، وفي نفس العام مِن شهر نوفمبر ابتعث إلى الولايات المتحدة ضمن البعثة الأولى للتلفزيون السعودي ليزدادوا في التخصص أكثر في الإنتاج التلفزيوني، التحق بمعهدٍ هُناك، وحصل منها على الدبلوم في الإنتاج والإخراج، وعمليات الأستوديو، ودرس لمدة ثلاثة أشهر في معهد Dramatic Workshop، ودرس على يد عميده الشهير الذي درَّس كلا من: James Dean (أهم ممثلي هوليود خلال الخمسينيات)، وMarlon Brando (ممثل أميركي شهير).ثم التحق بكلية Antioch بولاية أوهايو فدرس عناصر المسرح، والإنتاج المسرحي فِيها، بالإضافة إلى أنه مثل في مسرحية (كابتن براسب وند)، من تأليف العملاق George Bernard Shaw، ومسرحية (ترويض النمرة) لـ العملاق الآخر William Shakespeare كما أنه درس الإنتاج التليفزيوني عام 1971في جامعة Syracuse في نيويورك، ودرس لمدة 3 أشهر الإنتاج التليفزيوني والسينمائي في BBC لندن عام 1968.
وفاة سعد الفريح
بعد بلوغه الـ 65 عاما، نام سعد ولم يفق، وتوفي في الثالث من يونيو عام 2006، إثر سكتة قلبية فاجأته وهو يحضر لتصوير برنامج “أسفرت وأنورت” في حائل.
وكان الفقيد في آخر يوم له قد قام بعمل مضاعف تنقل خلاله في مواقع عدة طيلة النهار، شعر في النهاية بألم بسيط في الصدر اعتقد أنه إثر موجة برد، مما جعله يتناساها ويأخذ بعض المسكنات رافضاً الذهاب للمستشفى، في حين تفاجأ أصدقاؤه عندما أرادوا إيقاظه في اليوم التالي أنه قد فارق الحياة.