تشاؤم قتل صاحبه.. ملك كره “الثلاثاء” وكان محقاً!
يوم 16 من شهر آب/أغسطس سنة 1921، خلف ألكسندر الأول (Alexander I) والده بيتر الأول (Peter I)، الذي توفي بنفس اليوم، على رأس مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين، والتي ظهرت عقب نهاية الحرب العالمية.
وفي الأثناء، تولى الملك الشاب البالغ من العمر 32 سنة الحكم خلال فترة حساسة من تاريخ هذه المملكة حديثة النشأة، حيث عانت الأخيرة من أزمة القوميات التي هددت بقاءها.
وحفاظا على وحدة مملكته، لجأ الملك ألكسندر الأول إلى جملة من الإجراءات كحل الحكومة وإلغاء العمل بدستور عام 1921 وحظر جميع الأحزاب المبنية على القوميات والتوجهات الدينية وتوحيد النظام الإداري والتعليمي بالبلاد، واعتماد برنامج أعياد وطنية موحّد، كما عمد خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر سنة 1929 إلى تغيير اسم البلاد من مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين إلى مملكة يوغوسلافيا.
وعلى الصعيد الإقليمي، أبرم ألكسندر الأول جملة من التحالفات مع عدد من دول الجوار، واتجه في نفس الوقت لتحسين علاقاته الدبلوماسية مع البلغاريين.
في غضون ذلك، اعتبر الملك ألكسندر الأول يوم الثلاثاء يوما مشؤوما، ففي السابق فارق 3 من أفراد عائلته الحياة خلال ذلك اليوم ولهذا السبب فضّل ألكسندر الأول إلغاء أداء مهام رسمية أمام عامة الشعب يوم الثلاثاء من كل أسبوع.
لكن يوم الثلاثاء 9 تشرين الأول/أكتوبر سنة 1934، أجبر الملك على كسر هذه العادة من خلال قيامه بزيارة رسمية لفرنسا، التي لجأ إليها لفض خلافاته مع إيطاليا وعقد تحالف معها لمجابهة صعود النازيين بألمانيا وحصولهم على السلطة.
خلال ذلك اليوم، حلّ ملك يوغوسلافيا بمدينة مرسيليا الفرنسية، عقب رحلة بحرية عبر البحر الأبيض المتوسط، ليستقل السيارة برفقة وزير الخارجية الفرنسي لويس بارتو (Louis Barthou).
بعد نحو 5 دقائق من نزوله على التراب الفرنسي وبداية جولته على متن السيارة بمدينة مرسيليا، اندفع من بين الجماهير الحاضرة رجل بلغاري يدعى فلادو تشيرنوزمسكي (Vlado Chernozemski)، يبلغ من العمر 36 سنة وينتمي لإحدى المنظمات الثورية المقدونية المطالبة بالانفصال عن يوغوسلافيا وعلى علاقة بالانفصاليين الكرواتيين، اندفع نحو سيارة الملك ألكسندر الأول وأطلق عليه وابلا من الرصاص بمسدس من نوع ماوزر سي 96 (Mauser C96).
فيما أقدم شرطي فرنسي على توجيه ضربة بسيفه لفلادو تشيرنوزمسكي الذي قتل عقب تعرضه للضرب المبرح من قبل الجماهير الحاضرة فيما أشارت مصادر أخرى لمقتله على يد رجال الشرطة.
أسفرت هذه العملية عن مقتل ملك يوغوسلافيا ألكسندر الأول والذي استلقى إلى الوراء عقب إصابته ليموت وعيناه مفتوحتان، كما أصيب وزير الخارجية الفرنسي لويس بارتو إصابة خطيرة استوجبت نقله على جناح السرعة للمستشفى ليفارق الحياة لاحقا بسبب تدهور وضعه الصحي. وقبل أن يفارق الحياة بلحظات، ردد الملك ألكسندر الأول كلماته الأخيرة قائلا “احفظوا يوغوسلافيا”.
لاحقا، حظي الملك اليوغوسلافي بجنازة هائلة بصربيا حضرها ما يزيد عن نصف مليون شخص دفن على إثرها بالمقبرة الملكية بكنيسة القديس جورج.
في غضون ذلك، حظيت عملية اغتيال الملك اليوغوسلافي ألكسندر الأول بمكانة تاريخية هامة، حيث صنّف كأول عملية يتم تصويرها بشكل مباشر بفيلم إخباري حيث كان أحد المصورين الصحافيين حاضرا في المكان ليصور الحدث لحظة وقوعه وينقل اللحظات الأخيرة من حياة الملك.