“العدل” الدنماركية ترفض مقترح حظر الحجاب في الوظائف العامة
ردت وزارة العدل الدنماركية مقترح حزب الشعب، اليميني المتشدد، باعتبار “غطاء الرأس الديني غير قانوني لموظفي القطاع العام”. وجاء رفض الوزارة الدنماركية تبني نص القانون المقترح كونه “يخالف بحد ذاته القوانين والدستور في البلد”.
ويسعى “الشعب” منذ 2017، من خلال مساع حثيثة يقودها مقرر شؤون الهجرة فيه، مارتن هينركسن، لاعتبار “أي غطاء يوضع على الرأس، سواء أوشحة أو حجاب أو عمائم أو قلنسوات يهودية، ممنوعة أثناء الدوام الرسمي لموظفي القطاع العام”.
وبحسب رد رسمي من قبل وزارة العدل الدنماركية، وجه إلى وزيرة الدمج من حزب فينسترا، الليبرالي الذي يقود ائتلاف حكومة يمين الوسط، بدعم البرلمانية من اليمين المتشدد، انغا ستويرغ، اعتبرت الوزارة أن حظر غطاء الرأس “يعد مخالفة للمادة 70 من دستور البلد، والمادة 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”.
وعرضت الوزيرة الدنماركية، ستويبرغ، على أعضاء لجنة الدمج والهجرة في البرلمان، الممثلة للأحزاب السياسية المختلفة، رد رجال القانون في وزارة العدل. وأوضح هؤلاء في ردهم على الأسئلة التي وجهتها لجان عدلية ومعنية بالهجرة في البرلمان أن “تطبيق قانون حظر غطاء الرأس في أماكن التوظيف العام يعتبر إجراءً تمييزياً بحق مجموعات مؤمنة ممن لديها هكذا طقوس”.
ويمضي الحقوقيون في الوزارة للقول إن المنع يعد مخالفة صريحة للمادة التاسعة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تنص على أنه “لكل فرد الحق بالتفكير بحرية بما يشمل حرية الإيمان والمعتقد”. ويشمل ذلك الحق أيضا “حرية ممارسة الدين من خلال طقوس دينية وتمسك بالتعاليم”.
الحجاب بين الحرية الشخصية والرمز الديني(ناصر السهلي)
ورأى اليمين المتشدد، على لسان مارتن هينركسن، وفقا لما نقل التلفزيون الدنماركي عنه اليوم الأحد، أنه “يوجد فقرة إضافية تسمح بالحظر، وهي تلك التي تقول: ولكن هذه الحريات يمكن أن تقيد بحسب القوانين والحاجات الضرورية للمجتمع الديمقراطي بالنسبة لعدد من المصالح والحسابات”.
ويستند حزب الشعب الدنماركي، وعدد من مؤيدي حظر غطاء الرأس، أو وضع ما يشير إلى معتقد ديني وفق مقترحه الذي يشمل كل “رموز التدين”، على قرار من محكمة أوروبية قبل عامين اعتبرت فيه أن طرد موظفات في فرنسا وبلجيكا بسبب ارتدائهن الحجاب (قضية في بلجيكا وقضيتين في فرنسا) كان طردا يتسق مع القانون.
مخاوف من طرح مقترحات تشمل طقوساً ومعتقدات أخرى غير الحجاب(ناصر السهلي)
موظفو وزارة العدل الدنماركية، من المختصين بالقوانين الدستورية، رأوا في مقترح حزب الشعب الدنماركي حظر غطاء الرأس أثناء الدوام الرسمي في القطاع العام اقتراحاً “يصيب الجميع، بمن فيهم الذين يعملون في المكاتب ولا يلتقون بالمراجعين”.
واستغل مارتن هينركسن هذه النقطة ليصرح اليوم الأحد أن حزبه سيمضي في مقترحه “وسنعدل في المقترح ليشمل الموظفين/الموظفات ممن يقابلون المراجعين، فأعتقد أنه في مجتمع ديمقراطي يتوقع المواطن مقابلة موظفين حكوميين يتصرفون بحيادية وبدون إظهار الهوية الدينية، نحن لا نسعى مثلا لحظر قلادات بسيطة يرتديها بعضهم”.
وتطاول مقترحات اليمين المتشدد في الدنمارك المسلمات وأصحاب العمائم، كالسيخ أو اليهود. ورغم الانتقادات الموجهة لهذا الحزب بأنه “يحاول ممارسة سياسات رمزية تقوم على التخويف من الإسلام”، إلا أنه يصر على استغلال نفوذه البرلماني لتمرير عدد من مشاريع القوانين، وإثارة السجال بين فترة وأخرى، مع اقتراب الفترات الانتخابية، كتقديم وجبات حلال في رياض الأطفال، أو منع اللحم الحلال عموماً في البلد.
ودائماً تصطدم تلك السجالات والمقترحات في نهاية المطاف بتدخل يهودي يوقف أي جدل، سياسي أو إعلامي، كما حصل أخيراً مع قضية فرض منع ختان الصبية، إذ فشل المقترح بعد أن أثارت الطائفة اليهودية القضية واعتبرتها “مساّ لأسس الدين اليهودي”، ما حذا بالمشرعين المتشددين لوقف المطالبة بحظر الختان.