مصر

الانتخابات النقابية العمالية في مصر: انتهاكات واستبعاد مرشحين وتدخل أمني

عربي تريند_ انتقادات واسعة وجّهتها منظمات حقوقية لما شهدته الانتخابات النقابية العمالية المصرية، التي بدأت في شهر مايو/ أيار الماضي بمرحلتيها الأولى والثانية، لاختيار اللجان النقابية، وجرت مراحلها الأخيرة في شهر يونيو/ حزيران الجاري بانتخاب مجالس النقابات العمالية والاتحاد العام لعمال مصر.
شريف هلالي، المدير التنفيذي للمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، قال إن هذه الانتخابات “جرت في مناخ غير ديمقراطي، ويتناقض مع الحق في التنظيم المبدأ المنصوص عليه وفقا للدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وحق العمال في الترشح والمشاركة في انتخاب ممثليهم النقابيين”.
وأكد أن “الإدارة صاغت شروط الانتخاب وتكوين اللجان المشرفة على تلقي الأوراق وإعلان القوائم، من خلال سيطرة كاملة لوزارة القوى العاملة على مجريات هذه العملية، ومشاركة شكلية للقضاة في اللجان العامة حيث تدير اللجنة أعمالها بالتصويت، وتشرف الوزارة عبر أدواتها الإدارية والأمنية على كافة تفاصيل العملية الانتخابية بدءا من عملية الترشح حتى إعلان أسماء المرشحين وإعلان النتائج لاحقا، والتي يتحكم فيها أما جهات حكومية مثل وزارة القوى العاملة، أو نقابات تابعة لاتحاد عمال مصر الرسمي أو المنشأت الحكومية نفسها التي يتم الانتخاب داخلها”.
وزاد: “جرت جميع انتخابات المنظمات النقابية العمالية في وقت واحد تحت الإشراف الكامل لوزارة القوى العاملة، وتُفرض عليها الشروط التي يجب توافرها في المرشح وبينها ألا يكون عاملاً مؤقتاً بينما الغالبية من العاملين في القطاع الخاص يعملون بموجب عقود مؤقتة”.

استبعاد مرشحين

ورصدت المؤسسة في تقرير أمس الإثنين، عددا من الانتهاكات التي شهدتها هذه الانتخابات، بينها شطب المئات من الكوادر النقابية المدافعة عن حقوق العمال من الترشح عبر استبعاد أسمائهم من القوائم الأولى للترشح، وعدم قبول طعونهم فضلا عن محاولة منعهم من تقديم طعون برفض تسليمهم قرارا بعدم إدراجهم في الكشوف.
وتناول التقرير قيام اللجان النقابية التابعة لاتحاد عمال مصر، بعدم إعطاء المرشحين بيان حالة للمرشحين المنافسين، وتفويت الفرصة عليهم سواء بإغلاق مقر النقابة العامة في المنشأة، واستبعاد أسمائهم من عضوية الجمعية العمومية، وبالتالي عدم ظهورها في النظام الإلكتروني لوزارة القوى العاملة، ومن ثم رفض طلبات ترشحهم. فضلا عن تعنت إدارات الشركات في إعطاء المرشحين شهادة بالمؤهل. وحسب التقرير، حرم المرشحون من الدعاية الانتخابية، حيث لم يترك القرار الخاص بالترشح فرصة القيام بأي نوع من الدعاية سواء في أماكن العمل أو خارجها فلم يكن هناك فارق زمني بين إعلان الكشوف النهائية للمرشحين وموعد الانتخابات، حيث اقتصرت الدعاية على وسائل التواصل الاجتماعي فقط.

تلاعب في الفرز

واتهم اللجان الفرعية المشرفة على التصويت وفرز الأصوات، بعدم الحياد وإتاحة فرصة كبيرة للتلاعب لصالح مرشحين معينين، حيث يرأسها أحد العاملين بالجهاز الإداري للدولة، وهي عرضة لسيطرة الأجهزة الأمنية بشكل مطلق.
وتابع: استمرت الأجهزة الأمنية في استخدام أدواتها للسيطرة من خلال استدعاء المرشحين والضغط عليهم للانسحاب وعدم الترشح، ما يضع علامات استفهام أخرى على مدى حيادية أجهزة الدولة في ممارسة المواطنين لحقوقهم الانتخابية والدستورية.
وبيّن أن طريقة إجراء تلك الانتخابات مع الدعاوى المطروحة من الإدارة السياسية للحوار الوطني، لم تسمح بأي إجراءات ذات مصداقية للترشح فيها، ولم تتح فرص متساوية للمرشحين من مختلف القوى السياسية في الترشح، وأن استخدام أسلوب شطب المرشحين يضع علامات استفهام على مدى ديمقراطية التنظيم النقابي الذي سيكون استمرارا لتبعية اتحاد عمال مصر للسلطة التنفيذية منذ نشأته، حيث ظل مؤيدا لكل السياسات الحكومية المعادية لمصالح العمال، في الخصخصة والمعاش المبكر وفصل العمال من عملهم، ولم يقف في أي وقت ضد تصفية الشركات سواء التابعة منها للقطاع الخاص أو قطاع الأعمال العام.
وأدانت المؤسسة الإجراءات التعسفية، التي تؤدي إلى فقدان مجالس إدارات النقابات العامة، والاتحاد العام لعمال مصر شبه الرسمي لشرعيته الديمقراطية، باعتباره غير منتخب بشكل غير حقيقي، حيث قامت أجهزة الإدارة بمنع المرشحين من الترشح، بسبب العقبات التي يضعها قرار وزير القوى العاملة بالترشح، فضلا عن غياب استقلال الجهات المشرفة على تلك الانتخابات وهي وزارة القوى العامة في اللجان العامة والفرعية.
وطالبت بمراجعة ما جرى في هذه الانتخابات من انتهاكات وإبطال النتائج التي أعلنت في كل المنشأة النقابية التي شهدت منعا وشطبا للمرشحين المستقلين وإعادتها، كما طالبت بإشراف جهة مستقلة على هذه الانتخابات بعيدا عن وزارة القوى العاملة، ووضع نظام أساسي يتضمن قواعد ديمقراطية تضمن حق العمال في المشاركة بانتخاب ممثليهم بشكل ديمقراطي، وعلى أن تكون هذه الجهة المستقلة مشرفة على الانتخابات بدءا من إجراءات الترشح وانتهاء بالتصويت وإعلان النتائج.
إلى ذلك، عقدت دار الخدمات النقابية والعمالية (منظمة حقوقية مهتمة بشؤون العمال) مؤتمرا صحافيا مساء السبت، بمشاركة أكثر من مئة من القيادات العمالية، لإعلان ما رصدته من انتهاكات طالت الانتخابات النقابية العمالية، منها استبعاد مرشحين وتدخلات من قبل جهات عديدة.
كمال عباس، منسق دار الخدمات، قال إن تقرير دار الخدمات النقابية عن الانتخابات وثيقة عن التزوير والتلاعب بنتائج الانتخابات. وأضاف أن مبادئ الحريات النقابية تفترض عدم تدخل السلطات جميعها في الانتخابات النقابية.
وكشف عددا من الانتهاكات أبرزها استبعاد أكثر من 1500 مرشح من خوض الانتخابات، ومنع إجراء الانتخابات في عدد من النقابات المستقلة بضغوط أمنية وسيطرة الجهات الرسمية والحكومية ممثلة في وزارة القوى العاملة على الانتخابات.
وقال إن تشكيل اللجنة العليا للانتخابات النقابية العمالية الصادر به قرار وزير القوى العاملة رقم 61 لسنة 2022 – يتحدث عن نفسه – حيث أننا أمام إشراف وتدخل حكومي بامتياز في الشأن النقابي، ذلك أن العضو الوحيد غير الحكومي – ضمن سبعة أعضاء – هو ممثل الاتحاد الحكومي أيضاً.
وزاد: الانتهاك الأكبر الفظ السائد في هذه الانتخابات النقابية هو حرمان الراغبين في الترشح من حقهم في الترشح، وبالتالي، حرمان العمال من حقهم في اختيار ممثليهم بحرية. وشهد المؤتمر الصحافي تقديم شهادات من مرشحين عن واقع الانتخابات النقابية العمالية التي جرت خلال الخمسة وسبعين يوماً السابقة، وشهادات عن التدخلات الأمنية لمنع انتخابات نقابة أندية قناة السويس وشهادة لمرشح ناجح تم إسقاطه بعد إعلان النتيجة، وشهادة حية عن واقع عمال يونيفرسال وما تعرضوا له من انتهاكات طالبوا خلالها بحقهم في الحصول على رواتبهم وإعادة العمال المفصولين.
وطالب النقابيون بتعديل قانون المنظمات النقابية العمالية رقم 213 لسنة 2017 فيما يتعلق بشروط وقواعد وإجراءات الترشح والانتخاب، ووقف كافة مظاهر تدخل الأجهزة الحكومية في الانتخابات النقابية العمالية، آملين أن تكون هذه آخر انتخابات نقابية عمالية تتم على هذا النسق.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى