المغرب: إضراب عمالي في الذكرى الثامنة لحركة 20 فبراير
شهد المغرب اليوم الأربعاء، دعوة لإضراب عام في الوظيفة العمومية من قبل اتحادات عمالية، غير أن غياب التنسيق بين الاتحادات الكبرى، خفف من تأثيره على سير المرافق العمومية.
وانطلقت في هذه الأثناء مسيرة حاشدة للمعلمين بالرباط، حيث يقدر عدد المشاركين فيها، حسب مصادر من عين المكان، بحوالي 20 ألف، يتقدمهم الأساتذة المتعاقدون الذي دأبوا على الاحتجاج العامين الأخيرين.
واختارت اتحادات عمالية، العشرين من فبراير، الذي يتزامن مع ذكرى احتجاجات الربيع العربي، كي تخوض إضرابا عاما في القطاع العام والمؤسسات العمومية، داعية إلى مواصلة الحوار الاجتماعي.
ودعا للإضراب العام اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وانضم اتحاد الفدرالية الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل، حيث وجهت الاتحادات الثلاثة نداء للموظفين في الإدارات العمومية والجماعات المحلية لخوض إضراب عام اليوم الأربعاء.
وقال العلمي الهوير، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، لـ “العربي الجديد”، إن نسبة الاستجابة للإضراب تتراوح، حسب القطاعات بين 75 في المائة و100 في المائة.
وأكد أن الاستجابة جاءت من قطاعات التعليم والصحة والاتصال والجماعات المحلية، بينما حمل عمال النظافة التابعون للقطاع الخاص الشارة، ما دام قرار الإضراب محصورا في القطاع العام.
وشدد على أن الحكومة، لم تعبر عن أي موقف من الدعوة للإضراب، مؤكداً أن عدم تجاوبها مع مطالب المضربين، يساهم في تأجيج الاحتقان الاجتماعي، خاصة في ظل السياسات الاقتصادية التي لا تراعي المطالب الاجتماعية.
واستطلعت “العربي الجديد” رأي شهود عيان في مدن سلا ومراكش والصويرة والرباط والدار البيضاء، والتي لوحظ بها أن أكبر استجابة للإضراب، تمت في قطاع التعليم، حيث أغلقت العديد من المؤسسات التعليمية أبوابها.
وتندد الاتحادات العمالية بعدم احترام الحكومة التزاماتها التي نجمت عن الحوار الاجتماعي، الذي تزامن مع احتجاجات الربيع العربي، وتستنكر الارتفاعات المتوالية في الأسعار، وعدم اتخاذ تدابير ذات طابع اجتماعي من أجل تحسين ظروف العمل، وتبني إصلاحات فعالة في التعليم والصحة والنقل.
ودعت المنظمة الديمقراطية للشغل، إلى نوع من الانسجام على مستوى تمويل القطاعات الاجتماعية والإعفاءات الجبائية ووضع نظام جديد للضريبة على الدخل، وتبني سياسة اقتصادية تضامنية، وتشدد المنظمة على ضرورة تبني سياسة في مجال الأجور تقوم على المساواة بين الرجال والنساء، وزيادة الأجور وتبني حماية اجتماعية شاملة.
وكشف التنظيم الإسلامي المحظور، العدل والإحسان، عن انخراطه في الإضراب العام، بسبب رفض الحكومة مطالب النقابات، من قبيل الزيادة في الأجور وضعف القدرة الشرائية للأسر، داعيا إلى زيادة الأجور وحماية الحريات النقابية.
ولم تنضم للإضراب نقابة الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والنقابة الوطنية للشغل بالمغرب، التي تعتبر أكثر تمثيلا مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، غير أن الاتحاد الوطني للتعليم، التابع للاتحاد المغربي للشغل، عبّر عن دعمه لنداء الإضراب، حيث شارك في مسيرة دعا لها مهنيو التعليم بالرباط اليوم الأربعاء.
وشهد الإضراب مشاركة الأساتذة المتعاقدين، في الاحتجاجات التي يشهدها قطاع التعليم في الأعوام الأخيرة، حيث دأبوا على التعبير عن رفضهم للتعاقد.
ويعتبر محمد هاكش، الرئيس السابق للاتحاد الفلاحي، أن الإضراب يأتي في سياق عدم استجابة الحكومة لمطالب الاتحادات العمالية التي عبرت عنها في الحوار الاجتماعي.
ويذهب هاكش، إلى أن غياب التنسيق بين الاتحادات العمالية الكبرى، يجعل الاتحادات العمالية غير قادرة على حمل الحكومة على العودة إلى طاولة المفاوضات في إطار الحوار الاجتماعي.
ورغم عدم شمول الإضراب القطاع الخاص، إلا أن الحسين اليمني، الكاتب العام لنقابة البترول والعاز، صرح لـ”العربي الجديد” بأنه تم اليوم في مصفاة سامير حمل شارة الإضراب تعبيرا عن تضامنهم مع الإضراب.
وقال إن 80 في المائة من العاملين في المصفاة حملوا الشارة، احتجاجا على حكومة سعد الدين العثماني، التي لم تتدخل للمساهمة في حل مشكلة المصفاة المتوقفة.
ولم تفلح الاتحادات العمالية، في الحصول على زيادات في الأجور لفائدة جميع الموظفين، حيث اقترحت الحكومة، أن يقتصر ذلك على فئة محددة من الموظفين، بينما لم يقدم رجال الأعمال أي عرض لفائدة العاملين في القطاع الخاص.
وعرضت الحكومة على الاتحادات العمالية، زيادة في أجور الموظفين بنحو 20 دولارا شهريا في العام الحالي، و10 دولارات إضافية في 2020، و20 دولارا في 2021، غير أن هذه الزيادة ستقتصر على شرائح من الموظفين الذين يتقاضون 520 دولارا شهريا، وهو ما رفضته الاتحادات العمالية.
وتدعو الاتحادات إلى تحسين العرض الحكومي، خاصة في ظل تدهور القدرة الشرائية للأسر، مشددة على ضرورة عدم قصره على فئة من الموظفين، حيث ترنو إلى أن يشمل جميع الموظفين، مع التشديد على حماية الحريات النقابية والوفاء بالتزامات سابقة.
وكشف رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، صلاح الدين مزوار في تصريحات سابقة، عن تفضيله مفاوضات ثنائية مع الاتحادات العمالية، مقترحا فكرة ربط الزيادة في الأجور بالتضخم، ومطالبا بالمرونة في سوق الشغل وتنظيم الحق في الإضراب.
وكان رجال الأعمال، اقترحوا على الحكومة، خلال الحوار الاجتماعي، المتعثر منذ حوالي عام، تحسين الدخل عبر الضريبة على الدخل، حيث أبدوا تحفظهم على الزيادة في الأجور، وهي العملية التي يرونها ضارة بتنافسية الشركات.
ويتصور الاقتصادي محمد الشيكر، أنه على غرار النموذج الألماني، تجب مأسسة الحوار الاجتماعي، مشددا على أن الاتفاقات، يجب أن تحظى بضمانة الحكومة، كممثل للدولة، خاصة عندما يتعلق الأمر باتفاقات ثنائية بين الاتحادات العمالية والقطاع الخاص.
ويرى في تصريحات لـ”العربي الجديد” أن الحوار يكون ثلاثيا بين الحكومة والاتحادات العمالية ورجال الأعمال، يجب أن يستحضر عندما يتعلق الأمر بالقطاع الخاص، استحضار ديمومة الشركات عوض التركيز أكثر على رأس المال.