مونديال قطر 2022: قط ميت لقاء خمسة ملايين إسترليني
كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية تفاصيل خطة علاقات عامة متكاملة لسحب تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022 من قطر، مقابل 5,5 مليون جنيه استرليني، على قاعدة دفعات شهرية بقيمة 300 ألف لمدة 18 شهراً، إضافة إلى 100 ألف خاصة لقاء بحوث من شأنها ربط الدوحة بالإرهاب في أذهان الجمهور. وقد وقّع الخطة شخصياً السير لينتون كروسبي، الناشط السياسي الأسترالي الأصل الذي قدّم خدمات سابقة لحزب المحافظين البريطاني اثناء انتخابات عمادة لندن في 2008 و2012، والانتخابات التشريعية في 2005 و2015، كما اتضح أن المحافظين دفعوا له أربعة ملايين جنيه استرليني عن خدماته في انتخابات 2017 وحدها. كذلك تمتد خدمات كروسبي لتشمل كندا ونيوزيلندا وسري لانكا، بالإضافة إلى بعض الأحزاب في انتخابات البرلمان الأوروبي.
ورغم أن سجل كروسبي ليس مضيئاً دائماً في هذه الخدمات، بدليل الفشل الذي مُني به المحافظون في انتخابات بريطانيا الأخيرة، إلا أنه يحظى بإقبال شديد من الأحزاب والحكومات والشركات الكبرى، ويُلقب بـ«سيد الفنون السوداء في السياسة»، أو «ساحر أوز»، أو صاحب نظرية «القط الميت» التي امتدحها وزير الخارجية البريطاني الأسبق بوريس جونسون وتقوم على مبدأ إلقاء قط ميت على الطاولة لصرف الانظار وإجبار الجميع على التعاطي مع هذه الواقعة وإهمال سواها. فأي قط ميت يقترحه كروسبي في الوثيقة؟ وأي جهة حمقاء تشتري ذلك القط بما لا يقل عن 5,5 مليون استرليني؟
يقول «الساحر» في الوثيقة: «سنحدد هوية جميع الحلفاء المحتملين في وسائل الإعلام والسياسة والصناعة والأوساط الأكاديمية والحكومية، وسنتواصل معهم في توجيه محاولة متعمدة لإعلامهم وتحفيزهم بشأن الحاجة إلى إعادة النظر في استضافة قطر لكأس العالم عام 2022». ويتابع، بعد التشديد على أهمية تنظيم حملات في مواقع التواصل الاجتماعي كافة: «إن التركيز على فريقنا المتفاني سيكون لخلق النشاط والتفاعل، وتشجيع المستخدمين للانضمام إلى مجتمع دولي على الإنترنت، والاشتراك والمشاركة مع أسرهم وأصدقائهم. ويمكن بعد ذلك تعبئة هؤلاء المؤيدين للتواصل المباشر مع صانعي القرار الرئيسيين في الفيفا».
وأما الجهة التي يمكن أن تشتري هذا «السحر»، فإنها لا تخفى على كل ذي عقل، إذ أن أجهزة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحاكم أبو ظبي محمد بن زايد صاحبة سوابق عديدة في جهود تأليب الرأي العام العالمي ضد قطر بصفة عامة، والسعي إلى إفشال تنظيم مونديال 2022 بصفة خاصة. ولقد افتُضحت مراراً محاولات عقد مؤتمرات هزيلة معادية للدوحة، أو تقديم هدايا سخية إلى نوّاب في مجلس العموم البريطاني عُرفوا بولائهم للرياض وأبو ظبي، وبالتالي فإن مقترحات كروسبي لا يمكن أن تتوجه إلا إلى أجهزة قادرة على صرف الملايين مقابل خدمات من هذا النوع.
ومن الخطأ الفادح الظن بأن حقد بن سلمان وبن زايد في موضوع مونديال 2022 يقتصر على قطر، ضمن إجراءات الحصار المفروضة على الشعب القطري منذ حزيران (يونيو) 2017. لقد تابع العرب، والعالم بأسره، موقف العاصمتين من تقديم المغرب ملف استضافة كأس العالم 2026، حيث صوتتا لصالح العرض الأمريكي الشمالي. ولم يكن ينقص الرياض وأبو ظبي سوى الخسارة أمام فريق قطر الشاب خلال كأس آسيا مؤخراً، لكي تتعمق الأحقاد وتتفاقم الضغائن.