المغرب العربي

انتقادات لقرارات قيس سعيّد بشأن الانتخابات: فوقيّة وتفرّد بالقرار

عربي تريند_ واجهت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد بشأن التصويت في الانتخابات التشريعية المقبلة على الأفراد وليس القوائم، وفي دورتين على قاعدة نتائج الاستشارة الوطنية، انتقادات واسعة من الأحزاب السياسية.

فقد أكد الأمين العام لحزب التكتل خليل الزاوية أن “سعيّد يريد فرض الإصلاحات التي يريدها، وبالتالي، هو قرر أن يكون الاقتراع على الأشخاص، من دون حوار وطني أو تشاور مع أي طرف”، مشيراً في حديث للـ”العربي الجديد” إلى أن “الاقتراع على الأفراد طُرح منذ 2011، ونوقش حينها، وجرى اختيار أن تكون الانتخابات على القوائم، لتمكين الطيف الواسع من العائلات السياسية من الوجود في المجلس التأسيسي حينها، حيث إنه يجب أن يكون جامعاً لكل الأطياف ويؤسس لدولة جديدة وقوانين، ويقع الاتفاق على قواعد مشتركة”.

وأوضح أن “الاقتراع على الأفراد من حيث المبدأ هو موضوع قابل للنقاش، وهو رأي من الآراء، يتضمن جوانب إيجابية وأخرى سلبية ككل النظم الانتخابية”، مؤكداً أن “المسألة الجوهرية تبقى في طبيعة اختيار هذا الأمر”، مشيراً إلى أنّ الرئيس يفعل ما يريده، وهو الذي يقرر قواعد اللعبة وطبيعة الانتخابات، أي من دون أخذ رأي المجتمع المدني ولا المنظمات ولا الأحزاب، وهنا يلغي مرة أخرى ما صرّح به سابقاً في لقاء مع هذه المنظمات، متسائلاً “على ماذا سيكون النقاش إذاً؟”.

وبيّن أن “سعيّد ألغى الأحزاب من النقاش، ولكن لا يمكنه إلغاء وجودها”، لافتاً إلى أن “هناك، بعد تجربة انتخابات 2014 و2019، عدة آراء حول هذا الموضوع، بعضها ذهب لاعتماد الاقتراع على القوائم، مع إضفاء إصلاحات على المسألة، كوضع عتبة انتخابية وشروط تحدّ من القوائم المستقلة”، مؤكداً أن الاقتراع على الأشخاص يخضع إلى فلسفة أخرى، إذ يجب أن يكون على دورتين، والعملية هنا أصعب، وهناك إشكالات من حيث التقسيم الترابي”، مشيراً إلى أن “الأمر يتطلب عملاً فنياً كبيراً، ونجاح الانتخابات مرتبط بالتصور السياسي والقانوني وعدد السكان في كل دائرة، وبالتالي، هناك عدة صعوبات تقنية، ويتطلب الأمر إعادة تسجيل الناخبين وأيضاً التقسيم الترابي، وهو ما قد يخلق عدة إشكالات، فحتى لو فرضنا الذهاب إلى انتخابات على الأفراد بعد الاستفتاء، فستكون العملية غير ممكنة في ديسمبر/كانون الأول 2022، إذ يلزم على الأقل سنة من العمل، وبالتالي، فالأمر شبه مستحيل”.

بدوره، أكد مستشار رئيس حركة النهضة سامي الطريقي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أنه “في أي سياسة عقلانية، لا وجود لأمر يفرض بطريقة فوقية وعن طريق استغلال منصب داخل الدولة من أجل تمرير أجندات خاصة في أي مجال من المجالات، سواء كان انتخابياً أو دستورياً”، مبيناً أن “الحديث عن انتخابات على الأفراد، وعلى ضوء نتائج الاستشارة التي هناك شبه إجماع على فشلها، غير مجدٍ”.أخبار

وأشار الطريقي إلى أن “هناك العديد من المغالطات التي تروّج لبناء خط سياسي مستقبلي للبلاد، وهذا الأمر يتحمل مسؤوليته رئيس الدولة”، لافتاً إلى أن السياسة تقوم على الحوار الذي يضم الأحزاب والمنظمات الوطنية، وعلى التوافق في النقاط الخلافية، ومن دون ذلك، فإن الأمر يتحول إلى استئثار وحكم فردي، من دون احترام التمثيليات السياسية المختلفة في تونس”، مبيناً أن “سعيّد تحول إلى رئيس لمجموعة تؤيده وتدفعه نحو هذا المسار”.

وشدد على أن “النهضة” لن تشارك في حوار على ضوء الاستشارة الوطنية التي تفتقر إلى الشفافية، فهنيئاً له بها، والحوار مع الأطراف التي تريد ذلك، ومن يرى الذهاب في هذا المسار الذي لن يخلو من تزييف فله ذلك، أما النهضة فلن تكون معنية بهذا المسار”.

تنظيم انتخابات على الأفراد

أمّا القيادي في “التيار الديمقراطي” هشام العجبوني، فلفت بدوره، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إلى أن “سعيّد يسير في اتجاه تفكيك الدولة، إذ كان هناك نحو 5 أو 6 كتل برلمانية ولم تكن متفقة، فما بالنا لو تحوّل الأمر إلى الاقتراع على الأفراد؟”، موضحاً أن” من سيقبل بهذا الاقتراع هم وجهاء الدوائر الصغيرة، ومن يتحكمون في دواليبها، وبالتالي، لن تكون الطريقة موضوعية، أو على أساس برنامج وطني”، مشيراً إلى أن “البرلمان ليس بلدية، أي مجرد برنامج محلي، بل هو مؤسسة تشريعية ورقابية لعمل الحكومة”.

ولفت إلى أن “سعيّد يتعامل مع البرلمان كأنه 265 معتمدية (محلية في كل منطقة)، وبالتالي هو يريد نظاماً مركزياً قوياً وبرلمانا ضعيفاً ومشتتاً، إذ لا نزال بعيدين جداً عن الاقتراع على الأفراد في دور أول وثانٍ”، مبيناً أن الرئيس اعتمد على نتائج استشارة شارك فيها 6 بالمائة من التونسيين لإضفاء مشروعية على برنامجه في البناء القاعدي، وأن هدف الاقتراع على الأفراد إنجاح هذا المشروع”.تقارير عربية

وبيّن أنه “من المستحيل تنظيم انتخابات على الأفراد، إذ إن نجاح أي انتخابات يتطلب مناخاً من الاستقرار، وليس أجواءً متوترة، أو تغييراً لمجرد رد الفعل، وبالتالي، ستفشل هذه الانتخابات وستكون غير ممثلة للتونسيين، وستبقى تونس غير قابلة للحكم لـ5 سنوات أخرى”، مؤكداً أنه “بمثل هذه الانتخابات، لن تنجح أي إصلاحات في تونس طالما أن المناخ السياسي غير مستقر”، مبيناً أنه سبق لهم أن طالبوا بتنقيح المنظومة الانتخابية لمنع ترشح الفاسدين والانتهازيين، ولكن سعيّد استغل الفصل 80 للانفراد بالحكم وإرساء مشروعه الفردي”، مشيراً إلى أن “هذه العملية تفتقد للحد الأدنى من النزاهة والأمانة الفكرية، وهو ما يفسّر توصيف ما حصل يوم 25 يوليو/تموز بالانقلاب، لأنه جرى استغلال الوضع لإرساء فترة استثنائية، رغم أن هناك معايير دولية تحدد الفترات الاستثنائية”.

وأفاد بأنه “لا فائدة من الحوار الذي يعتزم سعيّد تنظيمه طالما أنه اتخذ القرار، لأن هذه اللقاءات تحولت فقط إلى مجرد واجهة أمام المانحين الدوليين لأنه وجد نفسه في مأزق، وبالتالي، هي مسرحية تقوم على تشريك المنظمات الوطنية التي لا تمثيلية سياسية لها”، مؤكداً أن “هناك غياباً واضحاً لتكافؤ الفرص، لأن سعيّد لديه حزب يتخفى وراء التنسيقيات التي تسانده ولا يخضع لقانون الأحزاب، ولا للرقابة”.

من ناحيته، يرى الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي أن الانتخابات ستنظم بقانون جديد سيضعه سعيّد، وستشرف عليها هيئة الانتخابات التي سيتولى تغيير تركيبتها بنفسه، متسائلاً “كيف بعد كلّ هذا سنضمن الشفافية؟”، مضيفاً في حوار لإذاعة “موزاييك” الخاصة: ”ما يقلقنا هو وجود حاكم سلطاته غير مقيدة بقانون، فرغم أن قرارته حظيت بترحيب أغلب التونسيين، لكنه استثمر ذلك من أجل تنفيذ مشروعه الخاص، لا لحل الأزمة وإعطاء نفس جديد لتونس ومؤسساتها وإنقاذ اقتصادها.

وبحسب الشابي، فإن التنظيم الحزبي والحق في التنظيم والتعبير لا أحد بإمكانه أن يلغيهما، وأنّ مقولة “من تحزّب خان” لا يمكن تبنيها في تونس.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى