حملة “خليها تصدي”.. هل تنجح في خفض أسعار السيارات بمصر؟
مع تزايد موجة ارتفاع الأسعار التي ضربت جميع السلع والخدمات في مصر مؤخرا، يتهم بعض المصريين كبارَ التجار ورجال الأعمال باستغلال الأزمة لمضاعفة الأرباح، وهو ما دفع نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تدشين حملة لمقاطعة شراء السيارات الجديدة، تحت شعار “خليها تصدي” بالعامية المصرية، أي “اتركها لتصدأ”.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية العام الجاري دعوات لمقاطعة شراء السيارات الجديدة، لحين الوصول إلى الأسعار العادلة، وبلغ عدد المتابعين للصفحة الرئيسية للحملة أكثر من 170 ألف متابع.
ويتداول النشطاء صورا لوثائق ومستندات يقولون إنها فواتير شراء السيارات من الخارج، بعد إضافة رسوم الجمارك والضرائب إليها، مشيرين إلى أن مكسب المستوردين والموزعين يتخطى عشرات الآلاف من الجنيهات في السيارة الواحدة، حيث يصل هامش الربح إلى أكثر من مئة ألف جنيه (الدولار يساوي نحو 18 جنيها).
جشع التجار
ورغم انتشار الحملة مؤخرا وتفاعل وسائل الإعلام معها، فإنها بدأت بالفعل في أكتوبر/تشرين الأول 2015 بسبب ارتفاع أسعار السيارات، وتزايدت وتيرتها نهاية 2016 بعد قرار تعويم الجنيه، الذي أدى إلى هبوط العملة المصرية، مما أثر على ارتفاع السلع المستوردة بشكل لافت، وهو القرار الذي يقول رجال الأعمال إنه السبب وراء ارتفاع الأسعار، وليس الاحتكار أو الاستغلال.
واشتعلت الحملة في الأيام السابقة بعد قرار الحكومة المصرية تخفيض الجمارك على السيارات ذات المنشأ الأوروبي، وهو ما يعني انخفاض أسعار هذه السيارات، إلا أن نشطاء الحملة يتهمون المستوردين بالتحايل على القرار للاحتفاظ بهامش ربح كبير.
يقول مؤسس الحملة محمد راضي إن أسباب اعتراضه على شراء السيارات في الوقت الحاضر لم تختلف عما كانت منذ تدشينها قبل أربع سنوات، مؤكدا أن المطلب الرئيسي للحملة هو ضرورة وجود رقابة على أسعار السيارات وعدم ترك الأمر لما وصفه بجشع التجار.
وأشار إلى أن المبالغة الشديدة قبيل إلغاء الجمارك أوهمت الكثير من المواطنين أن الجمارك ستنخفض من 100% إلى صفر، وهذا ليس صحيحا، حيث يتم تطبيق هذه الاتفاقية بواقع 10% كل عام، مضيفا أنه “ورغم ذلك لم تنخفض الأسعار طوال هذه المدة”.
ركود في الأسواق
ويرى منظمو الحملة والنشطاء على صفحتها أن حركة المبيعات تأثرت بسبب نشاط الحملة، لكن علاء السبع عضو الشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية نفي تأثير حملة “خليها تصدي” على حركة المبيعات، مشيرا إلى أن السوق يعاني من حالة ركود منذ أشهر، ولا علاقة للحملة بتراجع المبيعات.
وأوضح السبع في تصريحات صحفية أن انحسار المبيعات يعود إلى توقعات العملاء بانخفاضات كبيرة في الأسعار مع بدء تطبيق الشريحة الأخيرة من التخفيضات الجمركية على الواردات الأوروبية وإحجامهم عن الشراء.
في المقابل، اتهم رجالُ أعمال الحملة بالعمل على إرباك السوق وتشويه سمعتهم، وهو ما نفاه بيان للحملة، أشار إلى أن الهدف الرئيسي ليس إنهاء أعمال التوكيلات أو موزعيها أو التسبب لهم في خسائر مادية، مؤكدا أن لهم الحق في التجارة والمكسب بشكل يرضي طرفي عملية البيع.
وأصدرت شركة “غبور أوتو” -وكيل سيارات هيونداي وجيلي ومازدا وشيري- بيانا حذرت فيه من تداول معلومات تتعلق بتكلفة بعض السيارات التي تستوردها الشركة، وأكد البيان أن الشركة ستتخذ الإجراءات القانونية لكل من “يروج أو يتداول معلومات مغلوطة عن قيمة التكلفة”.
وردا على بيان الشركة، تداول رواد التواصل الاجتماعي حسابا لتكلفة بعض السيارات المستوردة يوضح قيمة تكلفة السيارة بعد دفع الرسوم والضرائب قبل الإعفاء الجمركي، والذي يبين تحقيق الشركة مكاسب وصفوها “بالخرافية”.
ولم يكتف النشطاء بصفحة حملة “خليها تصدي”، بل أنشأ بعضهم مجموعات خاصة للتواصل بخصوص الحملة ومشاركة تجاربهم في الأسعار ومقارنتها بالأسعار العالمية، مثل مجموعة (خليها تصدي، وزيرو جمارك، وضد جشع توكيلات السيارات)، وتفاعل عدد من المصريين في الخارج مع المجموعة، وشاركوا فيديوهات توضح أسعار السيارات في الخارج.
وطبقت مصر في الأول من يناير/كانون الثاني الجاري إعفاء جمركيا جديدا على السيارات القادمة من الاتحاد الأوروبي بشكل رسمي، تطبيقا لاتفاقية الشراكة الأوروبية، التي تنص على خفض الجمارك على السلع الواردة من دول الاتحاد الأوروبي لتصل إلى صفر بحلول عام 2019.
ووقعت مصر اتفاقية عام 2001 مع الاتحاد الأوروبي، ودخل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2004، وتنص الاتفاقية على إلغاء تدريجي للرسوم الجمركية على الصادرات الأوروبية إلى مصر خلال الفترة من 2004 حتى 2019، بحيث تصل إلى صفر بانتهاء الفترة الانتقالية التي مدتها 15 عاما، وتنتهي في 2019، في حين تمنح الاتفاقية الصادرات المصرية الصناعية إلى أوروبا إعفاء كاملا من الجمارك منذ 2004.