لا للعنف في شوارع الكويت
مع تزايد العنف في شوارع الكويت، يبرز قلق كبير لدى السلطات ومنظمات المجتمع المدني والأهالي الذين بات كثيرون منهم لا يأمنون على ذهاب أبنائهم المراهقين إلى المجمعات التجارية أو الساحات العامة. وبحسب إحصاءات وزارة الداخلية، فقد شهدت الكويت خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2018، ثلاثة آلاف حالة شجار وتبادل للضرب أدّت إلى مقتل أربعة أشخاص وجرح وإصابة أكثر من 600 آخرين.
يقول المدير السابق لإدارة حماية الأحداث في الإدارة العامة للمباحث الجنائية، بدر الغضوري، إنّ 90 في المائة من حوادث العنف في الشوارع يرتكبها شبان تراوح أعمارهم ما بين 16 عاماً و26. وهذه الجرائم تتنوّع ما بين الضرب والتشابك بالأيدي وصولاً إلى الطعن بالآلات الحادة والأسلحة البيضاء.
وتتركز أعمال العنف بين الشبان غالباً في المجمعات التجارية التي باتت غير آمنة. يقول أحمد المرزوق، وهو مسؤول أمن أحد المجمعات التجارية الضخمة، لـ”العربي الجديد”، إنّه “منذ افتتاح المجمع التجاري عام 2008 قتل ستة أشخاص بسبب مشاجرات بين شبان وأحداث، كان آخرها مقتل طبيب أسنان لبناني على يد مراهق بسبب خلاف حول أولوية الوقوف في مواقف المجمع”.
وقبل بضع سنوات، بدأت المجمعات التجارية بالتعاقد مع شركات أمنية لتوفير حراس مدربين، غالباً ما يكونون رجال شرطة سابقين من مصر، وتزوّدهم بهراوات شبيهة بهراوات شرطة الشغب، وقد انتدبت وزارة الداخلية كذلك رجال شرطة للمرابطة حول المجمعات التجارية، خصوصاً في نهاية الأسبوع.
يتحدث محمد ماطر، وهو مواطن ثلاثيني، عمّا شهده في خلال زيارته قبل أشهر إلى أحد المجمعات التجارية المخصصة للمطاعم. فقد فوجئ عند تناوله الطعام مع عائلته في القسم الخارجي للمطعم، بشجار بين مجموعتَين من المراهقين بسبب اصطدام أحدهم بالآخر بشكل غير مقصود في أثناء المشي. ويخبر ماطر “العربي الجديد”، أنّ “الشجار امتدّ إلى طاولتنا ووجدت نفسي وزوجتي على الأرض، وهو ما حصل لكثير من الزبائن الآخرين أيضاً”.
في سياق متصل، أطلقت سيدة الأعمال الكويتية غدير الصقعبي حملة وطنية ضدّ العنف وتشجيع التسامح تحت عنوان “كافي عنف”، وذلك في محاولة لتوعية فئة الشبان حول خطورة العنف في الشوارع بعد تعرّض ابنها إلى حادث طعن بالخطأ كاد أن يودي بحياته في أثناء سيره بأحد الشوارع. تقول الصقعبي لـ”العربي الجديد”، إنّ “إحصاءات العنف في الكويت باتت مخيفة جداً، ففي كلّ يوم بتنا نسمع عن حادثة قتل أو إصابة خطيرة لشاب يتجول في مجمع تجاري، أو بالقرب من منشأة رياضية بسبب شجار تافه. وبعد إطلاقي الحملة بأيام قرأت خبراً عن مقتل شاب آخر في سوق طعناً بالرقبة”. تضيف: “نتعاون في هذه الحملة مع خبراء التربية والصحة النفسية والأمن لتحديد الأسباب النهائية لتنامي العنف، ووضع خطط توعوية لوقاية الشباب منها، وكلّ ما نريده بعد سنوات قليلة أن نقول إنّ العنف كان موجوداً في شوارع الكويت لكنّه انتهى”.
كذلك، أطلقت جمعية المحامين الكويتية، بالتعاون مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ووزارة الأوقاف، حملة “دراية” للحدّ من الجريمة وزيادة توعية الشباب حول خطورة العنف والأسباب المؤدية إليه. تقول نائبة رئيس الحملة دلال العثمان لـ”العربي الجديد”، إنّ “الحملة تهدف إلى التوعية القانونية حول أضرار العنف، وما قد يؤدي إليه من ضياع مستقبل الشاب أو المراهق، بسبب غضبة بسيطة أو موقف لا يستحق أن يدمّر معه الإنسان عائلته”. تضيف أنّ “التوعية القانونية هي الأهم من وجهة نظري، لأنّ شباناً كثيرين بعد ارتكابهم التضارب أو القتل بالخطأ يقولون في أثناء التحقيقات معهم: لم أكن أدري… أي أنّهم لا يعلمون بفداحة الجرم الذي ارتكبوه لصغر سنّهم. لذلك استهدفنا فئة المراهقين عبر وجودنا في المجمعات التجارية وتنظيم معارض مصغرة لشرح خطورة العنف على النفس وعلى المجتمع، في حين ننظم محاضرات في المدارس بالتنسيق مع وزارة التربية لتوعية التلاميذ حول خطورة هذه الأفعال”.
ويتطوع في ذلك النوع من الحملات شبان كثر كانوا من ضحايا العنف وأهل راح أبناؤهم ضحايا لحوادث عنف. من هؤلاء جميل الشمري الذي تعرض للعنف قبل 10 أعوام، عندما كان في الحادية والعشرين. هو تورّط في شجار عند شاطئ الكويت مع مجموعة من الأشخاص بسبب الخزّ (تبادل النظرات، وهي إهانة في عرف الشبان). بدأ التضارب، وأطلق أحد المشاركين كلبه المفترس على الشمري متسبباً له بإعاقة دائمة في رجله. يقول لـ”العربي الجديد”: “أتمنى دائماً أن يصل صوتي إلى جميع الشبان في الكويت بأنّ العنف لن يوصل أحداً إلى نتيجة وسيجعلك تمرّ مع عائلتك والأشخاص الذين تحبهم بمأساة لن تنتهي”.