ليبيا: اغتصابات جماعية للنساء واعتداءات مروّعة ارتكبها موظفون ومسلّحون ومهربون
ذكرت الأمم المتحدة يوم الخميس، أن المهاجرين واللاجئين يتعرضون «لأهوال لا يمكن تخيلها» منذ اللحظة التي يدخلون فيها ليبيا وطوال فترة إقامتهم في البلد، أثناء محاولاتهم المتلاحقة لعبور البحر المتوسط.
جاء ذلك في تقرير أصدرته الأمم المتحدة يوم الخميس، بمشاركة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ويغطي فترة 20 شهراً حتى شهر آب/ أغسطس 2018،
ويشير التقرير إلى «سلسلة مروعة من الانتهاكات والاعتداءات التي ارتكبها عدد من موظفي الدولة وأفراد المجموعات المسلحة والمهربون وتجار البشر ضد المهاجرين واللاجئين».
وبيّن أن «هذه الانتهاكات والتجاوزات تشمل عمليات القتل خارج نطاق القانون والتعذيب والاحتجاز التعسفي والاغتصاب الجماعي والرق والسخرة والابتزاز».
الأمم المتحدة: المهاجرون واللاجئون يقاسون «أهوالاً تفوق الخيال»
وبناء على 1300 رواية مباشرة جمعها موظفو حقوق الإنسان في ليبيا نفسها، وكذلك من المهاجرين الذين عادوا إلى نيجيريا أو وصلوا إيطاليا، يتتبع التقرير كامل الرحلة التي يخوضها المهاجرون واللاجئون، بدءاً من الحدود الجنوبية لليبيا، مروراً بالصحراء، ووصولاً إلى الساحل الشمالي – وهي رحلة «تشوبها مخاطر كبيرة تتمثل في الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة ضد حقوق الإنسان في كل خطوة على الطريق».
وذكر التقرير أن «مناخ الانفلات الأمني الذي يسود في ليبيا يوفر أرضاً خصبة لانتعاش الأنشطة غير المشروعة من قبيل الإتجار بالبشر وشبكات التهريب الإجرامية، تاركاً المهاجرين واللاجئين تحت رحمة عدد لا يحصى من المتربصين الذين يرونهم كسلعة سهلة للاستغلال والابتزاز».
ويضيف التقرير: «أن الغالبية العظمى من النساء والفتيات المراهقات اللواتي قابلتهن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أفدن بأنهن تعرضن للاغتصاب الجماعي من قبل المهربين أو تجار البشر».
وأجرى موظفو الأمم المتحدة زيارات إلى 11 مركز احتجاز يقبع فيها آلاف المهاجرين واللاجئين، وقاموا بتوثيق التعذيب وسوء المعاملة والسخرة والاغتصاب من قبل الحراس، وأفادوا بأن النساء غالباً ما يُحتجزن في مرافق ليس فيها حارسات من الإناث، ما يفاقم من خطر التعرض للاعتداء والاستغلال الجنسي. وكثيراً ما يتم إخضاع المحتجزات إلى عمليات تفتيش يقوم بها حراس ذكور بعد تعريتهن.
أما أولئك الذين ينجحون في نهاية الأمر في محاولاتهم المحفوفة بالمخاطر لعبور البحر المتوسط، فيتم اعتراضهم في البحر أو إنقاذهم من قبل خفر السواحل الليبي الذي يعيدهم مرة أخرى إلى ليبيا ليتعرض العديد منهم إلى نمط الانتهاكات والاعتداءات التي هربوا منها .
وتم نقل ما يقرب من 29 ألف مهاجر أعادهم خفر السواحل في ليبيا منذ أوائل عام 2017 إلى مراكز احتجاز المهاجرين التي تديرها إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية، والذين لا يزال الآلاف منهم محتجزين فيها لأجل غير مسمى، وبشكل تعسفي دون اتباع الإجراءات القانونية أو منحهم إمكانية الاستعانة بمحامين أو خدمات قنصليات بلدانهم.
ويشير التقرير إلى أنه لا يمكن اعتبار ليبيا مكاناً آمناً بعد الإنقاذ أو الاعتراض في البحر، نظراً للخطر الشديد من التعرض للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وينوّه التقرير إلى أن «عمليات الصدّ» هذه قد اعتبرها مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب انتهاكاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي.
ويدعو التقرير الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى إعادة النظر في سياساتهم وجهودهم الرامية إلى الحد من قدرة المهاجرين واللاجئين على الوصول إلى شواطئ أوروبا، نظراً للخسائر البشرية المترتبة على هذه السياسات، وضمان أن يكون التعاون والدعم المقدمان إلى السلطات الليبية قائمين على أساس من حقوق الإنسان، بما يتماشى مع التزاماتها في ضوء القانون الدولي لحقوق الانسان وقانون اللاجئين، وأن تضمن ألا يؤدي ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر إلى إبقاء رجال ونساء وأطفال عالقين في ظروف تعسفية مع قليل من الأمل في تلقي الحماية أو جبر الضرر.
وحسب التقرير: «يتعرض المهاجرون المحتجزون في هذه المراكز وبشكل ممنهج للتجويع والضرب المبرح والحرق بأجسام معدنية ساخنة والصعق بالكهرباء، ويقاسون أشكالاً أخرى من سوء المعاملة، وذلك بهدف ابتزاز الأموال من أسرهم عبر نظام معقد من التحويلات المالية».
وأضاف: «تتسم مراكز الاحتجاز بالاكتظاظ الشديد ونقص التهوية والإضاءة وعدم كفاية مرافق الاغتسال والمراحيض. وبالإضافة إلى الإساءات والعنف المرتكب ضد المحتجزين هناك، يعاني العديد منهم من سوء التغذية والتهابات الجلد والإسهال الحاد والتهابات الجهاز التنفسي وأمراض أخرى، فضلاً عن عدم كفاية العلاج الطبي، فيما يتم احتجاز الأطفال مع البالغين في الظروف المزرية نفسها.»
ويشير التقرير إلى «التواطؤ الجلي لبعض الأطراف الحكومية، بمن فيهم الموظفون المحليون وأفراد المجموعات المسلحة المدمجة رسمياً في مؤسسات الدولة وممثلو وزارة الداخلية ووزارة الدفاع، في تهريب المهاجرين واللاجئين أو الإتجار بهم».
وقال الدكتور غسان سلامة، الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: «هناك إخفاق محلي ودولي في التعامل مع هذه الكارثة الإنسانية الخفيّة التي لا تزال تحدث في ليبيا.»
وقالت ميشيل باشليه، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: «الوضع مروّع للغاية. إن التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب المتفشية لن ينهي معاناة عشرات الآلاف من المهاجرين واللاجئين من النساء والرجال والأطفال الذين يسعون إلى حياة أفضل فحسب، بل سيقوِّض الاقتصاد الموازي غير المشروع والقائم على استغلال هؤلاء الأشخاص، ويساعد على إرساء سيادة القانون والمؤسسات الوطنية».