إعلامي تونسي يكشف معلومات جديدة حول اغتيال محمد الزواري
أثار إعلامي تونسي جدلا كبيرا، بعدما كشف عن معلومات جديدة حول اغتيال محمد الزواري، تزامنا مع الذكرى الثانية لعملية الاغتيال، حيث أكد أن الإسرائيلية إيليس كوهين أدارت العملية من تل أبيب، مشيرا إلى أن عملية الاغتيال تتشابه إلى حد ما مع عملية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
وقال راشد الخياري صاحب موقع الصدى الإلكتروني، في لقاء بثته قناة «التاسعة» الخاصة، إنه أجرى تحقيقا استقصائيا على مدى العامين الماضيين، مستندا إلى وثائق حصل عليها من محاضر التحقيق مع عناصر الشبكة التونسية الـ13 المتورطين في عملية اغتيال خبير الطيران التونسي والقيادي في حركة حماس، محمد الزواري.
إيليس كوهين أدارت العملية من تل أبيب وتتشابه مع تصفية جمال خاشقجي
وأشار إلى أن مديرة فريق الاغتيال تُدعى إيليس كوهين، وهي إسرائيلية من أصول نمساوية، متزوجة من تونسي يقيم معها في مدينة تل أبيب، وقد أدارت عملية الاغتيال من إسرائيل بالتنسيق مع 13 عنصرا تونسيا.
وقال الخياري إن كوهين زارت تونس مرات عدة في وقت سابق، حيث «التقت في 2014 وزيرة السياحة آمال كربول وباتت ليلة في نزل الهناء في تونس وآخر في مدينة الحمامات».
وأشار إلى أنه يمتلك صورا لها وهي ترقص مع سفير دولة، لم يكشف هويته، لكنه قال إنه معروف جدا في تونس، فضلا عن صورة أخرى لها مع وزير تونسي في أحد الملاهي، وأخرى خلال مشاركتها في تظاهرة في شارع الحبيب بورقيبة. وقال إنها تشرف على إدخال أي إسرائيلي إلى تونس «بطرقها الخاصة».
ونشر نشطاء على موقع فيسبوك صورا قالوا إنها لكوهين، حيث تبدو في إحدى الصور مع وزير السياحة ريني الطرابلسي، وفي صورة ثانية مع السفير الفرنسي أوليفييه بوافر دارفور، وهو من أكثر السفراء الأجانب إثارة للجدل في تونس.
وأشار الخياري إلى أن فريق الاغتيال قام بـ”استدراج” الزواري إلى تظاهرة بعنوان «السيارات القديمة» في مدينة زغوان بهدف تصويره من قبل الصحافية التونسية مها بن حمودة، التي قال إنه تم استخدامها من قبل الموساد دون علمها.
وأضاف «الصحافية التونسية كانت تبحث عن عمل على غوغل فوجدت شركة إنتاج نمساوية تُعنى بمجال الاختراعات في مجال الطب والهندسة في تونس، أرسلت لهم سيرتها الذاتية واقترحوا عليها راتبا بثلاثة آلاف يورو، مقابل إجراء تحقيق عن المخترعين في تونس، وإجراء حوار خاص مع الشهيد محمد الزواري، الذي أشادوا بأهميته كمخترع تونسي، وأخبروها أنهم يرغبون بإجراء حوار معه قبل بقية وسائل الإعلام الدولية، وهي لم تكن تعرف أنه ينتمي لحركة حماس الفلسطينية».
وتابع الخياري «وبعد نهاية عملها أعطوها النقود خارج تونس (النمسا)، وسلموها علبة شوكولاتة كهدية، لكن الأمن التونسي اكتشف بعد عودتها أن الشوكولاتة «مسمومة»، وبذلك تمكن من إنقاذها قبل تناولها، أي أنهم أرادوا تصفية بن حمودة بعد انتهاء العملية».
وكانت قناة الجزيرة القطرية أكدت في تحقيق بثته العام الماضي، أن شخصا يدعى يوهان (لم يتم كشف جنسيته) تمكّن من استقطاب الصحافية مها بن حمودة، والشابين التونسيين سالم السعداوي وسامي المليان، للعمل معه في شركتين منفصلتين أدارهما بنفسه باسمين وهميين، أعلن عنهما على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قام باستخدامهم لاحقا بشكل غير مباشر في عملية اغتيال محمد الزواري.
واعتبر الخياري أن طريقة اغتيال محمد الزواري تتشابه إلى حد ما مع طريقة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، وخاصة فيما يتعلق بحجم الفريق الذي يتوزع بين شخصيات محلية وأجنبية، فضلا عن طريقة التخطيط والتنسيق بين الداخل والخارج (استخدام وسائل الاتصال والتصوير وغيرها).
وحول دخول مراسل القناة الإسرائيلية العاشرة، موآف فاردي، إلى تونس، قال الخياري: «فاردي في الأصل ضابط استخبارات في وزارة الدفاع الإسرائيلية، حين دخل إلى تونس اتصلت إيليس كوهين بشخص عبر الفايبر (عن طريق وسيط) وطلبت منه استئجار سيارة لصالح موآف واصطحاب أحد أفراد عائلته معه، وخاصة امرأة، كي لا يثيروا شكوك عناصر الأمن. وقد دفع الصحافي الاسرائيلي 1800 دينار (حوالي 650 دولارا) مقابل استئجار سيارة ليوم واحد».
وأضاف «وفي الطريق أعطاهم موآف صورة لسيارة محمد الزواري فحاولوا التملص من العملية، لكنه عرض عليهم نقودا أكثر فوافقوا على الأمر. وبعدما بث تقريرا مباشرا من أمام منزل الزواري في صفاقس (جنوب) بهاتفه المتطور جدا لصالح القناة الإسرائيلية، عاد إلى العاصمة حيث بث تقريرا من شارع الحبيب بورقيبة».
وأشار الخياري إلى أن الصحافي الإسرائيلي بات ليلة واحدة في فندق أفريقيا في قلب العاصمة التونسية «حيث لاحظ موظف الاستقبال وجود كلمة «تل أبيب» على جواز سفره الألماني فحاول الحديث معه باللغة الألمانية، لكنه أخبره أنه لا يتحدث إلا اللغة الإنكليزية، وهو ما دعاه للشك به، فاستدعى عناصر الأمن وتم التحقيق معه، ولكن جاءت تعليمات لإطلاق سراحه من جهة سياسية عليا (لم يحددها)».
وأضاف «ثمة بعض الأطراف في الدولة التونسية متورطة في عملية اغتيال الزواري، فمن غير المعقول إطلاق سراح جميع التونسيين المتورطين في العملية، رغم أن بعضهم أقرّ بعلاقته مع إيليس كوهين. والغريب أنه لم يتم إصدار بطاقة جلب بحق إيليس، بينما تم إصدار بطاقة جلب بحق موآف بعدما تأكدوا أنه خرج ولن يعود».
وكان عبد الرؤوف العيّادي محامي عائلة الزواري أكد في وقت سابق لـ”القدس العربي” أن الصحافي موآف فاردي هو عنصر موساد منتحل شخصية كاتب، وهناك من ساعده من تونس، وليس هناك أي ضمانات لعدم تكرار العملية (عملية الاغتيال والتغطية لها)، وعموماً ثمة شركات أجنبية مشبوهة تعمل كغطاء لنشاط تجسس في تونس».
وأثارت المعلومات التي كشف عنها الخياري جدلا في تونس، حيث أشاد بها المسؤول الأمني السابق عبد الكريم العبيدي، الذي كتب على صفحته في موقع فيسبوك «العمل الاستقصائي للصحافي راشد الخياري كان عملا جيدا ومميزا. وكل الحقائق التي وردت فيه وتفصيلات أخرى تمكنت الأجهزة المختصة بواسطة أناس شرفاء من إماطة اللثام عنها وفك شيفراتها في وقت قياسي. لكن يبقى الأمني مكبّلا بواجب التحفّظ». فيما استنكر الناشط اليهودي جاكوب بيريز ما ذكره الخياري بشأن إيليس كوهين، حيث دوّن «سيدة من أصل تونسي أرادت أن تستثمر في بلادها سياحيا وكانت واضحة. جواز سفر إسرائيلي ودخلت الى تونس عن طريق الداخلية. الصفحات الخاصة بالإخونجية اتهموها بقتل الزواري وقالوا إنها تابعة للتنظيم الصهيوني العالمي!».
وكانت حماس اتهمت الموساد الإسرائيلي بتصفية الزواري، فيما أكدت هيئة الدفاع عن خبير الطيران التونسي وجود أطراف محلية «متورطة» بالتواطؤ مع إسرائيل، وليس من مصلحتها كشف الحقيقة. ويفترض أن تعقد الهيئة مؤتمرا صحافيا خلال أيام للكشف عن معلومات جديدة حول عملية الاغتيال، تزامنا مع الذكرى الثانية التي تصادف في الخامس عشر من الشهر الحالي.