لماذا تثير لعبة “بوبجي” كل هذه الضجة بمصر؟
“بوبجي” لعبة قتال عادية في المناطق السكنية ولا داعي لهذا القلق”.. هكذا قال علي عبدالحي صاحب مقهى إنترنت الذي أكد أنها لعبة عادية مثل أي لعبة صدرت خلال السنوات العشر الماضية.
عبد الحي قال للجزيرة نت إن هناك إقبالا كبيرا من فئة المراهقين والشباب على هذه اللعبة كونها “موضة” مثل أي شيء ستأخذ وقتا ثم تبدأ في التلاشي تدريجيا.
ولعبة “بوبجي” عبارة عن معارك متعددة يشارك فيها لاعبون من جميع أنحاء العالم عبر الإنترنت، وفي كل مباراة يهبط 100 لاعب إلى خريطة مملوءة بالأدوات والأسلحة المختلفة ومن ثم يقاتلون بعضهم البعض حتى يموت الجميع وينجو شخص واحد أو فريق واحد متكون من(2-4).
صنعت هذه اللعبة من قبل شركة كورية في مارس/آذار 2017، ومنذ ذلك الحين بيع أكثر من 15مليون نسخة، في حين تجاوز عدد اللاعبين مليوني لاعب، وأصبحت من أكثر الألعاب رواجا وشهرة، التي انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وصارت في مقدمة التطبيقات التي يجري تحميلها في أكثر من 100 دولة في العالم.
مبدأ اللعبة هو أن تختار منطقة للبدء منها، تجمع الأسلحة، تبقى داخل منطقة اللعب، تقتل الجميع، وتفوز أنت أو أنت وفريقك في النهاية. الفكرة بسيطة جدا وهناك العديد من التكتيكات التي يمكنك تطبيقها للفوز بحسب نمط لعبك المفضل.
وكون المئة شخص كلهم لاعبين حقيقيين موجودين في مكان ما يجعل الأمر أكثر متعة وتسلية، وإتاحة إمكانية المحادثة الصوتية داخل اللعبة تجعل الأمر أكثر مرحا، خلال (15) دقيقة تقريبا تحولك من شاب يعيش حياة طبيعية إلى مقاتل في ساحة معركة يناضل ليكمل ويقتل ليصمد، والرابح هو من يصمد حتى النهاية.
وينقلك سير اللعبة إلى ساحة المعركة، وخلال دقائق قليلة تندمج مع اللعبة ويبدأ القتال والقتل والدفاع عن النفس في ساحة المعركة والقتال داخل الأبنية ومحاولة الصمود لأطول فترة ممكنة.
تخوف رسمي
هذه اللعبة دفعت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب المصري إلى عقد اجتماع لمناقشة إمكانية حذفها من متاجر التطبيقات الإلكترونية.
واعتبر أحمد بدوي رئيس اللجنة أن اللعبة تدعو إلى العنف وتندرج تحت ما وصفها بـ”حروب الجيل الرابع على المنطقة العربية” فضلا عن أنها تشكل “خطورة على الأطفال”.
وطالب النائب بسرعة التدخل وحذف اللعبة من متاجر التطبيقات لحماية الأطفال، والتواصل مع وزير الاتصالات من “أجل رفع وعي الأسر وحمايتهم من ألعاب الموت وحروب الجيل الرابع”، على حد تعبيره.
أزمة اجتماعية
ويرى الدكتور أحمد زايد عالم الاجتماع وعميد كلية الآداب جامعة القاهرة أن اللعبة تلامس الواقع تقريبا، لكونها تظهر المعالم والأسلحة وعدة القتال، لهذا نجد الشباب يندمجون مع اللعبة وينتقلون إلى هذا العالم الخيالي الافتراضي وينطوون على أنفسهم جلوسا في غرف منفردة بعيدا عن الأهل والأصدقاء لغرض مواكبة اللعبة.
ويعتبر زايد أن اللعبة هي نتاج أزمة اجتماعية بحتة حيث من الممكن أن يصاب البعض من لاعبيها بالانعزال عن المجتمع لساعات طويلة تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 12 ساعة لعب متواصلة، مما يخلق عددا من المخاطر على الشباب والمراهقين.
ومن مخاطر اللعبة على الشباب بصورة خاصة وعلى المجتمع بصورة عامة، أنها توهمهم بأن أسلوب العنف هو أفضل طريقة للدفاع عن النفس، وأن العنف هو الوسيلة المنشودة للوصول إلى الهدف، مع إلغاء مبادئ كثيرة من فكرهم مثل الحوار.
وحول الآثار السلبية لهذه اللعبة يقول “مثل أي لعبة أخرى من الممكن أن تتسبب في انعزال الشخص عن المجتمع، وتحويله إلى شخص سيئ المزاج وعصبي”.
عنف وإرهاب
وعلى المستوى الإعلامي أثارت اللعبة موجة من الجدل إلى حد وصف إحدى الصحف لها بأنها البوابة الخلفية لتنظيم الدولة الإسلامية لاستقطاب الشباب وتجنيده. وهو ما يتفق معه الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، مشيرا إلى أنها ربما تشجع اللاعب على استخدام السلاح في الحياة الحقيقية للاستمتاع بنشوة النصر.
واستشهد عبد العزيز بحادثة وقعت في الإسكندرية، حيث قتل طالب معلمته بسلاح أبيض، بعد إدمانه لهذه اللعبة.
أما على المستوى الديني، فقد رفض الدكتور خالد عبد السلام عبد اللطيف المدير العام للإرشاد الديني بوزارة الأوقاف تحريم أو تجريم هذه اللعبة، مؤكدا أنه لا ضرر منها إلا في حالة الإدمان.
واستشهد عبد اللطيف بأن هناك العديد من الألعاب القتالية، لم يجرم الأزهر أيا منها، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة مراقبة الأهل لأطفالهم وذويهم.