يوم الرجل العالمي… لكل فكرة سعرها
أكثر من سبعين دولة في العالم تحتفل بيوم الرجل العالمي في التاسع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني سنوياً، من بين 196 دولة عضواً في الأمم المتحدة، منها دول عربية تحتفل وأخرى لا.
غير أن الدول المتبقية التي لم تنضم إلى لائحة المحتفلين وهي أكثر من 120 دولة، لديها ربما أيامها الرجولية، أو أن رجالها يصنعون المجد سبعة أيام في الأسبوع، ولا وقت لديهم للمجاملات.
دول ورثت الاتحاد السوفييتي ما زالت تحتفل بيوم “المدافع عن أرض الآباء”، وهو يوم مختص في الرجال، باعتبار أن هناك حصة مقدرة للمرأة، ومنها يوما المرأة العالمي، والأم.
دول كثيرة تحتفل بالجندي المجهول الذي يكرم بتماثيل رجال بذلوا أرواحهم، وتجعل لهم نصباً تذكارية تتوسط الميادين.
لكن يوم الرجل الدولي لا يبدو مرتبطاً بقضايا قومية كبرى، بل بالأفراد الذين نطالب بحقوقهم تبعاً لشرعة حقوق الإنسان في العالم، هذه الشرعة التي تفيض حولها كوارث صناعة يدوية بشرية، تطيح الكائنات الحية الناطقة والخرساء.
لقد تناسلت أيام عديدة متأثرة بأدبيات المساواة بين الجنسين، مثل يوم الأم، ويوم الفتاة، مقابل يوم الرجل، ويوم الأب.
حين تعلق المتحدثة باسم اليونيسكو انغبورغ برنيس على يوم الرجل، تصفه بـ”الفكرة الممتازة، التي ستعطي بعض التوازن بين الجنسين”.
لماذا تلمح برنيس إلى توازن رجالي نسائي؟ هل لأن لحقوق المرأة مليشيات تسيء إلى حقها أكثر مما تعطيها قدرها، وآن الأوان لإعطاء يوم حقوقي للرجل؟
بدأ يوم الرجل يأخذ حضوره منذ عام 1999 في ترينيداد وتوباغو جنوب البحر الكاريبي، على يد الطبيب جيروم تيلوكسينغ، الذي أطلقه تكريماً لعيد ميلاد والده.
وتقول مدونة هذا اليوم إنه يهدف إلى تكريم وتعزيز دور الرجل في المجتمع، وتسليط الضوء على مساهمة الرجال في الحياة على الأرض، وكذلك إلقاء الضوء على أولئك الذين يمكنهم نشر الوعي الإيجابي، حول العديد من القضايا التي تهم الرجل على الصعيد العالمي.
وتضيف أن هذا اليوم يأتي تشجيعاً للرجل على إجراء نقاشات ومحادثات، وبصورة أكثر انفتاحاً، حول العديد من القضايا، مثل الصحة العقلية للرجل، ومعدلات الانتحار لديه وأسبابه، والنهوض ومواصلة الحياة بقوة، وتحسين العلاقات بين الجنسين، وتسليط الضوء على نماذج دور الذكور.
يذهب تسليط الضوء أبعد إلى الحديث عن التمييز ضد الرجال والفتيان، وصولاً إلى الهدف الأوسع والأخير لهذا الحدث وهو تعزيز القيم الإنسانية الأساسية.
لم تتوقف يد الكتّاب منذ فجر التاريخ عن الكتابة للرجل والمرأة أو الإنسان فيهما، إلا أن هذه الأيام السنوية تبدو ملائمة أكثر لأخبار الصفحات الأخيرة والخفيفة في الصحف.
إعلامياً، لم يؤخذ يوم الرجل على محمل الجد والبحث، ولا قدمت فيه كتابات عميقة، لأن الأمر مشكوك في أصالته منذ البدء. بقي حضور هذا اليوم مذكراً بالمجلات الأسبوعية والشهرية المتخصصة بأزياء الرجل، مقابل مجلات نسائية.
أما في عهد “الإعلام الجديد” أو الإعلام البديل” فإن ثمة شغفاً، لترك “الرجل” نهباً لمواقع التواصل الإعلامي. هناك مئات من الرجال والنساء يكايدون بعضهم بهذه المناسبة وما يشبهها.
مباشرة حين تسمع عن أيام الفتاة أو السعادة أو اكتمال القمر، أو المرحاض، يخطر بالبال فقط وسوم تويتر، والتريند العالمي.
يوم الرجل يبدو في نظر الكثير من المتابعين جزءاً من موضة مئات المناسبات التي تصب في ماكينة الاستهلاك.
كل شيء يصبح له سعر حتى الفكرة اللطيفة. كل شيء يستمد قيمته من ضربة “كليك” على محركات البحث.