سعودية ساعدت طلاب مدرسة في غانا.. فحدث ما لا تتوقعه!
ضربت الشابة السعودية، أميرة سعيد الحارثي، المبتعثة من كلية العلوم (قسم الرياضيات) بجامعة الطائف إلى جامعة “ليدز” البريطانية مثالاً رائعاً في الإحسان والنبل وإسداء المعروف، ولم تمنعها ظروف الدراسة عن الإحساس بالمسؤولية تجاه الإنسانية عندما بادرت بإرسال جهاز كمبيوتر محمول (Laptop) إلى مدرسة في العاصمة الغانية (أكرا)، بعد أن استوقفتها صورة في “تويتر” لمعلم غاني يستميت في شرح مادة الحاسب الآلي وتطبيقاتها عن طريق الرسم بالطباشير لتلاميذه على سبورة لعدم توفر جهاز في المدرسة التي تأسست عام 2011.
تروي أميرة لـ”العربية.نت” قصتها قائلة: “رأيت صورة معلم على تويتر يرسم صفحة “word” على السبورة، ويشرح لتلاميذه الذين بدا لي كأنهم يحركون أذهانهم لتخيّل هذه الصفحة، ويتمنون لو تحسّسوها بأناملهم الصغيرة، فانتابتني مشاعر حزن لأول وهلة، ولكني أيقنت بأن تلك المشاعر لا تكفي ولا بد أن أترجمها لعمل”. وتابعت: “ربما أن أحلامهم في تلك اللحظة صغيرة تشبه بساطتهم، أتخيل هذا النوع من الطلاب لو توفرت لهم الإمكانات لربما تخرج منهم العباقرة والعلماء وقد يساهمون في تغيير واقعهم وواقع البشرية هكذا كنت أراهم وأشعر بهم لحظتها”.
وتبين طالبة الدكتوراة في علم الإحصاء أنها قررت أن ترسل لهم جهاز كمبيوتر محمول، ولكنها لم تكن تعرف عنوان المدرسة أو أي معلومات متاحة على تلك الصورة، فاستعانت في تويتر بشاب سعودي اسمه (نايف الحربي) الذي استطاع أن يحضر لها عنوان المدرس الغاني Owura Kwadwo.
تضيف أميرة: “اليوم الذي يليه كانت الأحوال الجوية جداً صعبة عندنا في بريطانيا (ارتفاع الثلج وصل 50 سم) لكن خرجت، وأرسلت اللاب توب لهم وكتبت عنوان الجامعة على الطرد”.
وتوضح أنها كانت في عجلة من أمرها ولم تأبه بأي شيء مقابل وصول الجهاز إلى أولئك الأطفال ومعلمهم، الذي سيبذل جهداً كبيراً في درس الغد.
وتابعت: “سلمت الطرد البريدي ورفعت الدعوات إلى الله أن يصل إلى المدرسة، هذا كل ما يشغل بالي الآن”.
وأكدت أميرة أنه لم يدر في بالها ماذا سيحدث بعد ذلك، ولا تعرف هل الرسالة وصلت بالفعل إلى الشخص المعني بها أم لا؟! ثم تفاجأت ذات يوم برسالة، وقالت: “يا الله تخيل، حدث ما لم أتوقعه بعد عدة أيام دخلت حسابي على تويتر في الصباح، ووجدت تفاعلا أكثر من المعتاد واستغربت ذلك، المفاجأة أن المدرس استلم اللاب توب، وكتب كلمات معبرة مع صورة لطلاب المدرسة وهم في فناء المدرسة يحملون الجهاز، فسالت دمعتي وبكيت فرحاً بذلك وشكرت الله كثيراً أن وفقني لهذا العمل.. ما ألطف هؤلاء الناس”.
بعد ذلك قامت أميرة بأخذ الصورة ووضعتها أمامها في مكتبها، معتبرة أن ابتسامة أولئك الأطفال الصغار في الصورة تمنحها القوة والأمل، وتشعرها بأن الجمال وحده في هذه الحياة يكمن في التفاصيل الصغيرة.
وتلفت وهي تتحدث بمنتهى الطمأنينة و السعادة إلى أن مبادرتها لقيت احترام وتقدير جامعة “ليدز” التي على إثرها تكرر اسمها في بعض وسائل الإعلام الأجنبية التي تطرقت لموقف السعودية أميرة الحارثي بنوع من الاحتفاء والاهتمام، وطلبت منها الجامعة إجراء حوار على موقعها الرئيسي، وقالت فيه: “الهدف والدافع الأساسي للقيام بذلك كان صورة المدرس الغاني وهو يضرب أروع الأمثلة في التفاني بالعمل، ولم يألُ جهده في الشرح لطلابه وفق الإمكانات المتاحة له، إضافة إلى أن المعرفة والعلم ونشرهما هو أساس الدين الإسلامي والعلم يطور من جودة حياة الأفراد وبالتالي المجتمعات”.
كما تشدد أميرة الحارثي على أن العطاء والتطوع في كل الأحوال أمر جالب للسعادة، متمنية في ختام حديثها أن تتمكن من مساعدة الأطفال حول العالم لتوفير فرص عادلة لهم للتعليم والتعلم، موضحة أن هذه الأمنية لن تتحقق دون دعم أصحاب الأيادي البيضاء.