حقوق الإنسان في المغرب تراجعت في 2017 و2018
الرباط: قال حقوقيون مغاربة إن عام 2017 والستة أشهر الأولى من عام 2018، شهدت انتهاكات في مجال حقوق الإنسان على رأسها الحق في التظاهر السلمي وحرية التعبير، بالإضافة إلى حرية الصحافة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المستقلة في ندوة صحافية، أمس الخميس، لتقديم تقرير يقع في 296 صفحة عن حالة حقوق الإنسان في المغرب “الحريات العامة 2017 و2018 تميزت باعتقالات واسعة مست الكثير من النشطاء، إذ لا يتعلق الأمر بنشطاء الريف فحسب بل جرادة ومناطق أخرى في الجنوب والوسط”.
الحريات العامة 2017 و2018 تميزت باعتقالات واسعة مست الكثير من النشطاء، إذ لا يتعلق الأمر بنشطاء الريف فحسب بل جرادة ومناطق أخرى في الجنوب والوسط
وشهد أواخر 2016 وعام 2017 احتجاجات في إقليم الريف بشمال البلاد على مقتل محسن فكري بائع السمك طحنا مع أسماكه المصادرة داخل شاحنة نفايات، وتحولت إلى مطالب اجتماعية انتهت باعتقال عشرات النشطاء ومحاكمتهم.
وأصدرت محكمة مغربية في يونيو/ حزيران الماضي حكما على عدد من نشطاء الحراك على رأسهم ناصر الزفزافي بالسجن 20 عاما.
ورشح البرلمان الأوروبي مؤخرا الزفزافي لجائزة سخاروف لحقوق الإنسان للعام 2018.
كما شهدت مدينة جرادة في شرق المغرب أيضا احتجاجات اجتماعية بعد مقتل ثلاثة عمال في انهيارات داخل مناجم الفحم العشوائية المنتشرة في المدينة.
وشهدت أيضا مناطق في الجنوب المغربي مثل زاكورة احتجاجات على ندرة المياه الصالحة للشرب في تلك المنطقة أطلق عليها (احتجاجات العطش).
وقال أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في الندوة: “هناك عودة قوية للتضييق على الحريات وعلى المدونين، ونحن نعتبرها مؤشرات سلبية ستعود بالمغرب إلى سنوات ما يسمى بالرصاص”.
وكان المغرب قد شكل في العام 2005 هيئة لطي ملفات ماضي انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في الفترة من 1956، وهو تاريخ حصول المغرب على استقلاله، إلى 1999، وهو تاريخ وفاة الملك الحسن الثاني.
وتفاءل الحقوقيون ببداية “عهد جديد” يتزامن مع اعتلاء الملك محمد السادس العرش في حين اعتبرها آخرون غير كافية ما دامت الدولة لم تعتذر وتقدم المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى المحاكمة.
وقال الهايج إن أعداد المعتقلين السياسيين تجاوز عدد الذين وردت تقارير عن احتجازهم في التسعينات، مشيرا إلى أن 1020 شخصا إما جرى احتجازهم أو يحاكمون لمشاركتهم في الاحتجاجات السلمية في أنحاء المملكة أو دعمهم لها.
هناك عودة قوية للتضييق على الحريات وعلى المدونين، ونحن نعتبرها مؤشرات سلبية ستعود بالمغرب إلى سنوات ما يسمى بالرصاص
وكان المغرب قد خرج سالما من عاصفة “الربيع العربي” التي ضربت المنطقة العربية في عام 2011 وأطاحت بعدد من الزعماء العرب. وقدم تحت ضغط من الشارع دستورا جديدا يحمل في ظاهره مزيدا من الحريات ويتنازل الملك فيه عن بعض من سلطاته الشكلية.
وسجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “تدخلات عنيفة للقوات العمومية في مدينة الحسيمة في 20 يوليو 2017” أسفرت عن وفاة حالتين فيما بعد، “كما عرفت السجون 9 حالات من الوفيات في ظروف لا زالت عائلات الضحايا تطالب بالكشف عن الأسباب الحقيقة وراءها وتقديم المسؤولين عن السهر على سلامة السجناء وصيانة حقوقهم وحقهم في الحياة للمساءلة”.
كما تحدث التقرير عن وفيات “أثناء التوقيف والتحقيق داخل مخافر الشرطة” وبلغت أربعة.
وانتقد التقرير أيضا اعتقال صحافيين على رأسهم حميد المهداوي الذي اعتقال أثناء تغطية مظاهرة في الحسيمة، وكذلك اعتقال مدونين ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتراجع المغرب مرتبتين على مؤشر منظمة مراسلون بلا حدود لعام 2017 والذي جاء فيه بالمرتبة 133 من بين 180 دولة.
وطالب التقرير السلطات كذلك بتبني قانون يحمي المهاجرين وطالبي اللجوء ويوقف ترحيلهم.
ويجد المغرب صعوبة في التصدي لتدفق المهاجرين الأفارقة الذين يسعون إلى العبور إلى أوروبا.
ولم ترد الحكومة بعد على التقرير، بيد أن وزير حقوق الإنسان مصطفى الرميد قال: “المغرب ليس قهوة خالصة ولا حليبا خالصا، إنه مزيج من القهوة والحليب في مجال حقوق الإنسان بمعنى أنه ليس جحيما حقوقيا ولا جنة كذلك”.