طبيب سعودي زار العالم بحثاً عن مرضاه.. يروي قصته
منذ 18 عاماً وحتى اليوم، يحرص الطبيب السعودي، خالد العتيبي، استشاري مناظير وجراحة الكلى والمسالك البولية، على السفر والترحال للوصول إلى مرضاه سواء داخل السعودية أو خارجها، رافضاً فكرة المكوث في عيادته، ومفضلاً التطوع، معتبراً أن الطبيب الذي يتطوع للوصول إلى الناس أكثر إحساناً من الذي يكبدهم المواعيد وعناء السفر للوصول إلى عيادته.
وعن عمله، تحدث الأستاذ المشارك في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل في الدمام، الذي يعتبر أول جراح أجرى عملية إزالة أورام الكلى بالمناظير في الشرق الأوسط عام 1996 لـ”العربية.نت” من محافظة بيشة (جنوب السعودية) قائلاً: “رجعت من كندا بتخصص دقيق عام 1996 وبدأت بالسفر إلى المستشفيات والمرضى محلياً، وزرت عسير وحائل والرياض”.
من السودان إلى سيراليون وجزر القمر
وأضاف: “في تلك الفترات كنت آخذ إجازة للسفر إلى خارج المملكة لإجراء عمليات وزرت السودان وسيراليون وجزر القمر وكنا مجموعة من الأطباء نقيم مخيماً جراحياً يضم عدداً من التخصصات بالتنسيق مع البلد المستضيف، ونعمل 12 ساعة متواصلة يومياً رغم صعوبة المكان وبدائية الأجهزة والحمدلله أن النتائج كانت طيبة جداً”.
الإحسان والخبرة!
ولفت العتيبي الذي يحمل إلى جانب البورد الكندي لجراحة المسالك البولية وجراحة المناظير وحصوات الكلى، قلباً رقيقاً ويدين حانيتين، إلى أن العمل التطوعي عمل إنساني نبيل، وصدقة جارية للطبيب الذي وهبه الله العلم والتخصص، قائلاً : “صحيح أن نفع الطبيب يكون حتى في مكانه، ولكن الوصول إلى شرائح مختلفة من الناس أمر يعود على صاحبه بالفائدة، والمستفيد ليس المريض فحسب بل الطبيب أيضاً الذي يكتسب خبرات ويتعامل مع أمراض وحالات ربما لم تمر به من قبل، والإحسان إلى الناس أجره عظيم وأكون فخورا عندما أرى فرقا طبية من وطني تقدم الخدمة للمرضى في كل أنحاء العالم”.
وتابع حديثه:” عندما نسافر إلى خارج المملكة كنا نأخذ من إجازاتنا الخاصة، لإيماننا بأن هناك أناسا يحتاجون علمنا، سعياً وراء تواصلنا مع شعوب يعرفون أننا قدمنا من السعودية لخدمتهم، وأنصح الإخوة الأطباء بعدم حكر علمهم على مكان واحد وخدمة الناس والتخفيف عنهم لها مردود إيجابي على الحياة”.
وأوضح الدكتور (أبو مطر) كما يناديه الزملاء، أنه يتواجد في مدينة بيشة (جنوب السعودية) نظراً لانضمامه إلى خدمة الأطباء الزائرين التي قدمتها وزارة الصحة، والتي تتيح للأطباء من التخصصات المهمة المختلفة التقدم عبر البوابة لزيارة المدن البعيدة عن المراكز الكبيرة و تفتقد لوجود جراحين متخصصين، وذلك للتسهيل على الأهالي الذين يتكبدون معاناة السفر لإجراء فحوصات أو عمليات وما يترتب على ذلك من إرباك لمنظومة العائلة واستقرارها، وقال: “منذ وصولي إلى هنا قبل بضعة أيام تسلمت قائمة فيها 70 حالة تحتاج إلى عمليات، وسأمضي هنا شهرين وإن شاء الله نتم الجزء الأكبر منها في هذه الزيارة والحالات الأخرى في زيارة قادمة بإذن الله”.
وحث العتيبي الذي عمل مديراً عاماً لمستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر لمدة 6 أعوام في الفترة (2012 -2018) الأطباء بالوصول إلى المرضى في المناطق النائية مؤكداً أن ذلك الأمر فيه نوع من التسهيل وخدمة المرضى وهو نوع من الإنسانية والنبل على حد وصفه.
لم أجبر أبنائي على الطب
إلى ذلك، كشف في سياق حديثه بأن 3 من أبنائه أطباء، اثنان منهم يستعدان لنيل درجة الدكتوراه من أميركا في تخصصات طبية، وابنة تدرس في السنة الرابعة بكلية الطب.
وعند سؤاله هل أرغمهم على دخول التخصص؟ أجاب بابتسامة:” أبداً..أبداً.. هم اختاروا الطب ربما تأثرا بي وحباً لمهنة والدهم”.
وعن الفرق في دراسة الطب بين جيله وجيل الأبناء علق الدكتور العتيبي قائلاً : “طلاب الطب اليوم توفرت لهم التقنية والإنترنت والمعلومات، لكن على أيامنا كنا نتعب في الحصول على المعلومة والكتب نطلبها من الخارج ونصورها أحياناً، والآن بضغطة زر تحصل على الملف كاملا بعدة صيغ”. وأضاف: “الآن هناك تعليم تفاعلي وأجهزة محاكاة سهلت كثيرا من الصعوبات وساعدت على الاستيعاب بشكل أكبر”.
حالة نادرة
وفي سياق آخر، حذر العتيبي السعوديين من حصوات الكلى، موضحاً أن نسبة الإصابة بهذا النوع من الأمراض في السعودية يعد من الأكثر عالمياً.
وبين أن هناك أسبابا كثيرة لانتشار الحصوات محلياً من أهمها: الطقس الحار والجفاف وعدم شرب المياه بقدر كافٍ.
كما أوضح أن السكري المزمن والضغط عند عدم ضبطهما يؤثران على الكليتين وقد يسببان فشلا كلويا، وقال: “هناك مجموعة من الأمراض عادة لا تكون منفصلة نشاهد على سبيل المثال مريض السكر يكون عنده سكر وضغط وأمراض في الأوعية الدموية والقلب”.
وروى الدكتور العتيبي أن من المواقف المؤثرة التي لازالت عالقة في ذهنه، حين جاء مريض صغير في السن (19 عاماً) إلى المستشفى، يعاني من فشل كلوي وليس لديه ضغط ولا سكر، وبعد فحصه تم اكتشاف حصوات كبيرة جداً في كليتيه، وفي الحالب والمثانة، أغلقت مجرى البول، وتم اتخاذ الإجراء اللازم وإجراء عملية له، ولكن ذلك الإجراء جاء في وقت متأخر بعد أن تلفت الكلى، بحسب ما أوضح الطبيب، وأضاف: “هذا المريض كان يعيش في منطقة صحراوية حارة وبعيدة، ولا يشرب السوائل بشكل كافٍ وكان من النادر أن يأتينا شخص لديه فشل كلوي بسبب الحصى”.
وذكر أن أحد أهم المشاكل التي يعاني منها الأطفال اليوم هي التشوهات الخلقية في المسالك البولية، مثل وجود فتحة البول في مواقع مختلفة أو ضيق في حالب الكلى وانتفاخات ويتم اكتشافها في الغالب عند الولادة وهي ليست خطيرة على حد وصفه.