تونس تطلق مشروع “ابني” لحماية خريجي السجون من التطرف
أطلقت جمعية “العمل ضد الإقصاء والتهميش” التونسية، بالاشتراك مع وزارات الصحة والتربية والشباب في تونس مشروع “ابني” الذي يهدف إلى حماية ومرافقة الشباب من خريجي السجون المعرضين لخطر التطرف، ويشمل البرنامج في دفعته الأولى 200 شابّ وشابّة لتكوينهم وإدماجهم في المجتمع والحياة المهنية بعيدا عن التهميش والإقصاء.
وأكدت الجمعية خلال مؤتمر صحافي انتظم أمس الثلاثاء، بحضور وزراء التشغيل والتكوين المهني والتربية والصحة ومسؤولين من وزارة العدل، وممثلة الاتحاد الأوروبي بتونس والعديد من المتدخلين، على أهمية الإحاطة بهؤلاء الشباب، والعناية بهم خاصة أنهم عادة ما يجدون صدّا من قبل المجتمع عند مغادرتهم السجون.
”
أهمية الإحاطة بهؤلاء الشباب، والعناية بهم خاصة أنهم عادة ما يجدون صدّا من قبل المجتمع عند مغادرتهم السجون
”
ويمتد البرنامج على ثلاث سنوات من 2018 إلى 2021، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، ويهدف إلى مرافقة هؤلاء الشباب قصد إدماجهم اجتماعيا ومهنيا فور خروجهم من السجن، أو من مراكز الإصلاح والتأهيل، ومساعدتهم على تدشين مشاريع خاصة.
وقالت رئيسة جمعية العمل ضد الإقصاء والتهميش، زهرة بن نصر لـ”العربي الجديد”، إنّ البرنامج وقائي، ويهم فئة من السجناء الأكثر عرضة من غيرهم للتطرف، فالشاب الذي يغادر السجن ولا يجد تأطيرا واهتماما وتأهيلا يكون استقطابه سهلا، خاصة إذا تعرض للإقصاء والتّهميش والنّفور من قبل المجتمع، ممّا يجعل هؤلاء صيدا سهلا لجماعات وشبكات إجراميّة أو متطرّفة قد تستقطبهم وتؤثر عليهم فيعودون مجددا إلى السجون.
وأوضحت أن هناك العديد من العوامل الّتي تجعل ظاهرة الاستقطاب أمرا سهلا بالنسبة للشّباب الذين يعانون من الفقر والتفكك الأسري والفشل المدرسي، وهناك فئات تعتبر أكثر هشاشة وتأثرا بالمحيطين بها وبالعوامل الخارجية، مبينة أن هؤلاء عندما لا يجدون تأطيرا وعملا وإحاطة من قبل المجتمع والأسرة، فإن المخاطر تكون مرتفعة.
وبينت أنهم بعثوا هذا المشروع “ابني” لتأطير الشباب المعرضين للتطرف عند مغادرتهم السجون، إذ لابد من تأهيل هؤلاء وبعث الأمل ومساعدتهم على إيجاد فرص للعمل، مشيرة إلى أن الهدف من المشروع إعادة البناء الاجتماعي والاقتصادي للشباب، لأن أي شاب يمكن أن يخطئ، لكن لا يجب أن يدفع الفاتورة مرتين، وبالتالي لابد من إعادة تأهيل هؤلاء الشباب وإدماجهم بعيدا عن التهميش والإقصاء من قبل المجتمع، مؤكدة أنه تم توقيع اتفاقيات مع وزارات الصحة والتربية والشباب للغرض.
ويسعى برنامج ”ابني” ابتداء من يناير/كانون الثاني 2019، إلى إنشاء شبكة وطنيّة من المرافقين والمتعاونين من جمعيات وخبراء ومؤسّسات دعم وشركات خاصة، من أجل رصد ومتابعة مختلف مراحل الإشراف والتّدريب عن كثب، وتقييم التّغيّرات في المواقف والسّلوكيات للشّبان المستفيدين.
وفي كلمة له، قال وزير التربية، حاتم بن سالم إن الفئة المعرضة لخطر الإرهاب تعتبر الأخطر في المجتمع التونسي، وبالتالي لابد من التركيز عليها، مشيرا إلى أن هناك دراسة في تونس بعنوان “العائدون من بؤر التوتر”، والتي تعتبر الأولى التي تم خلالها الالتقاء بسجناء عائدين من بؤر التوتر، مبينا أن هذه الفئة التي نعرف عنها القليل من المعلومات لا تهم فقط الـ1900 شخص المصرح بهم، وقد تكون على الأرجح بحسب معهد الدراسات الاستراتيجية الآلاف من التونسيين.
وأفاد بن سالم أنه بصرف النظر عن كون الشباب الذين غادروا التراب التونسي لبؤر التوتر بإرادتهم أو بفعل فاعل، وهو ما سيتعهد به القضاء، فإن قبولهم وعودتهم إلى تونس دون أي إجراءات مسبقة، ودون التأكد من ابتعادهم عن الفكر الداعشي تعتبر مسألة مهمة وضرورية قبل التفكير في الإدماج أو إعادة التأهيل.
وبيّن أنه لابد من اتباع حلول وقائية لكي لا تنعكس عودة البعض سلبا على المجتمع، موضحا أن وزارة التربية تعتبر أن سبب تغلغل الفكر الداعشي لدى بعض الشباب هو إخفاق المنظومة التربوية في زرع الأمل، وفي تكوين هؤلاء الشباب ثقافيا لتحصينهم من تأثيرات هؤلاء الأشخاص.
من جهته، قال وزير التّشغيل والتّكوين المهنيّ فوزي عبد الرّحمان، إن هذا البرنامج يشمل 200 شاب في دفعة أولى وسيتم تدعيمه مستقبلا، مبينا في تصريح صحافي أن التركيز سيقع على الحالات المعرضة لخطر التطرف حالة بحالة، لأن كل شخص يمثل قصة لوحده قد تكون مختلفة عن البقية، تحتاج إلى اهتمام خاص وحلول مناسبة.
وبيّن أن البرنامج يهتم بتأهيل الشباب خريجي السجون بالتعاون مع المجتمع المدني، وبالتعاون مع العديد من الوزارات، نظرا لأن المسألة تهم جميع الأطراف، فالقضايا قد تكون متنوعة ولكنها تستحق إعادة تأهيل وعناية.