الأردنيون يترقبون مكاسب استعادة الباقورة والغمر من إسرائيل
يترقب الأردنيون تحقيق مكاسب اقتصادية، لاسيما على صعيد ملفي الزراعة والمياه، بعد إعلان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، يوم الأحد الماضي، إنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، ما يقضي بعدم تمديد فترة استئجار إسرائيل لأراضي المنطقتين الأردنيتين.
ومنحت اتفاقية السلام الموقعة في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 1994، إسرائيل حق استخدام هذه الأراضي لمدة 25 عاماً، ويحق لأي من الطرفين قبل انتهاء المدة بعام إبلاغ الطرف الآخر برغبته في إنهاء الاتفاق حولها، وإن حدث ما هو خلاف ذلك فسيتم تمديد الاتفاقية تلقائياً لخمسة وعشرين عاماً جديدة.
واحتلت إسرائيل منطقة الباقورة الواقعة شرق نهر الأردن في محافظة إربد (شمال)، عام 1950، وتبلغ مساحتها ستة آلاف دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع)، استعاد الأردن منها 850 دونماً فقط في عام 1994 ضمن اتفاقية السلام.
أما منطقة الغمر الواقعة بالقرب من طريق البحر الميت القديم داخل الأراضي الأردنية بشكل طولي، فقد احتلتها إسرائيل عام 1967، ومساحتها 4 آلاف دونم، وجميعها مناطق زراعية خصبة غنية بالمياه الجوفية.
وبحسب مراقبين فإن القرار الملكي جاء في توقيت مهم للغاية من حيث نزع فتيل أزمة كانت تتدحرج في الشارع الأردني، حيث تصاعدت خلال الأسبوعين الماضيين المطالب باستعادة الباقورة والغمر.
كما أكد خبراء اقتصاد أن استعادة الباقورة والغمر تنطوي على كثير من المنافع الاقتصادية، نظرا لموقع المنطقتين من الناحية الاستراتيجية وخصوبتهما واحتوائهما على كميات كبيرة من المياه الجوفية، مشيرين إلى ضرورة وضع الحكومة تصورات واضحة وسريعة لكيفية الاستفادة من الأراضي المستعادة، بما يعزز المكاسب الاقتصادية ويسهم في تنشيط بيئة الأعمال وتوفير فرص العمل.
وقال أحمد عوض مدير مركز الفينيق الاقتصادي في حديث لـ “العربي الجديد” إنه بالإضافة إلى المكاسب السياسية من استعادة الباقورة والغمر، فإن لهذه الأراضي أهمية كبيرة جدا، وهو ما يفسر استماتة الاحتلال الإسرائيلي لتمديد العمل بالملحقين الخاصين بهما، بحسب ما جاء على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد عن أن إسرائيل ستدخل مع الأردن في مفاوضات بشأن إمكانية تمديد الملحقين.
وأضاف عوض أن أراضي الباقورة والغمر تتمتع بخصوبة عالية، ولديها قدرات إنتاجية زراعية كبيرة، ما سيعزز أداء القطاع الزراعي في الأردن، ويرفع مساهمته في النشاط الاقتصادي، إضافة إلى توفر كميات كبيرة من المياه في المنطقتين.
وأشار إلى أنه تمكن إقامة العديد من الاستثمارات في المنطقتين، إضافة إلى أهمية الباقورة من الناحية الاستراتيجية وإمكانية أن تصبح منطقة حرة مستقبلا لاستقبال واردات الأردن وصادراته إلى أوروبا ودول أخرى باستخدام الموانئ الفلسطينية المحتلة.
ويستخدم مزارعون إسرائيليون معظم أراضي المنطقتين. والتزم الأردن وفقاً لمعاهدة السلام، بمنح حرية غير مقيدة للمتصرفين بالأرض وضيوفهم أو مستخدميهم بالدخول إليها والخروج منها واستعمالها، وألا يطبق الأردن تشريعاته الجمركية أو المتعلقة بالهجرة على المتصرفين بالأرض أو ضيوفهم أو مستخدميهم الذين يعبرون من إسرائيل إلى المنطقة بهدف الوصول إلى الأرض لغرض الزراعة أو السياحة أو أي غرض آخر يتفق عليه.
وأكد حسام عايش الخبير الاقتصادي، على الأهمية الاقتصادية لمنطقة الأغوار الأردنية بما فيها منطقتا الباقورة والغمر، حيث إن هذه المنطقة تعتبر سلة الأردن الغذائية وغالبية الصادرات الزراعية تأتي منها خاصة المتجهة إلى أوروبا والخليج العربي.
وقال عايش لـ”العربي الجديد” إنه تمكن إقامة صناعات غذائية تعتمد في مدخلات الإنتاج على الزراعات في المنطقتين، وبالتالي لا بد من الانتباه إلى الزراعات التصديرية التي تعود بمردود مالي جيد للمزراعين والدولة دون الاعتماد فقط على زراعات تقليدية تفيض عن حاجة السوق المحلي.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يستفيد اقتصادياً بشكل كبير من منطقة حوض نهر الأردن امتداداً إلى الباقورة ووادي عربة من خلال المنتجات الزراعية وتصديرها وتصنيعها.
ومن جانبه، قال سفيان التل الخبير في مجال المياه والطاقة لـ “العربي الجديد” إن استعادة الباقورة والغمر ستساهم في حل جزء كبير من مشكلة نقص المياه في الأردن، خاصة في المناطق الشمالية التي تعاني من انخفاض حصة الفرد من المياه بسبب تراجع الكميات المتاحة.
وأشار إلى ضرورة وقف العمل بالشرط الذي يمنع الأردن من اتخاذ أي إجراء يؤثر على نوعية وكمية المياه، حيث إن الأردن التزم بهذا النص الوراد في اتفاقية السلام وملاحقها ومنع المزارعين والمواطنين في وادي عربة من حفر الآبار دون أن يلتزم الإسرائيليون بذلك.