5 فوائد للبابونج عليك معرفتها… المعتقدات الخاطئة وأضراره أيضاً
من منا يستطيع تجاهل زهرة البابونج، التي تبدو كشمس صغيرة صفراء، شقت طريقها بين بتلات من الغيوم الناصعة البياض، والتي ارتبط اسمها في ذاكرة طفولتنا، بالعديد من مستحضرات التجميل الشهيرة، التي روج بأنها تجعل الشعر أملس كالحرير، والجلد ناعمًا كبشرة الأطفال!
ولعل السمعة السحرية التي التصقت باسم البابونج، وجعلته يوصف كعلاج لكمٍّ لا يحصى من الأمراض، لها تاريخ طويل في حضارات الشعوب، إذ كان الإنكليز الساكسونيون في القرن الـ 5 الميلادي، يعتقدونه واحدًا من الأعشاب الـ 9 المقدسة، التي منحتها الآلهة للعالم، في حين ألبس المصريون القدماء أكاليله لتماثيل الآلهة في ضريح الملك توت عنخ أمون، وأطلق عليه أخصائيو الأعشاب في القرن الـ 17 و18 اسم “نبات الفضيلة”.
وما يزال منقوع زهور البابونج المجففة والمغلية اليوم، وعلى الرغم من تطور علم العقاقير، جزءًا لا يتجزًأ من وصفات الطب الشعبي، لعلاج اضطرابات النوم، اضطرابات الجهاز الهضمي، الأكزيما، نقص المناعة، البواسير، وعدد لا يحصى من الأمراض، في مختلف الحالات والأعمار، لذا سيطلعكم “العربي الجديد” فيما يلي، على بعض فوائد هذه الزهور الصغيرة، والمعتقدات الخاطئة عنها.
1- البابونج يخفف الالتهابات
يحتوي البابونج على مركبات فعالة تدعى الفلافونوئيدات، ويقول الصيدلاني عاطف السلوم: “تثبط فلافونوئيدات البابونج نشاط أنزيم COX2، المسؤول عن اصطناع مركبات البروستاغلاندينات التي تحفز ردود الفعل الالتهابية، مما يمنحها خصائص مضادة للالتهاب ومخففة لتهيج الجلد”.
2- البابونج يحسن صحة البشرة والشعر
يؤكد الصيدلاني السلوم، أن البابونج يستحق بجدارة أن يكون الوجه الإعلاني لمستحضرات التجميل، ويقول: “تمتلك الفلافونوئيدات والزيوت الأساسية في البابونج، القدرة على اختراق الجلد إلى طبقاته العميقة، مما يجعلها تبدي خصائص مرطبة للبشرة وبصلات الشعر”.
3- البابونج صديق العاجزين عن النوم
كما يعتبر البابونج صديق أولئك الذين يعانون من الأرق والقلق، ويقول الصيدلاني السلوم: “يعزى التأثير المهدئ للبابونج إلى احتوائه على مركب الأبيجينين، الذي يرتبط بمستقبلات غابا في الدماغ، بشكل مشابه لتأثير أدوية البنزوديازيبينات العصبية، مما يؤدي لتثبيط نشاط الخلايا العصبية المسؤولة عن القلق والتوتر”.
4- البابونج يعالج بعض مشاكل الجهاز الهضمي
ويشير الصيدلاني السلوم إلى فائدة البابونج في علاج بعض اضطرابات الجهاز الهضمي، ويقول: “يساعد منقوع البابونج بحسب الدراسات الحديثة، على تخفيف النفخة لتأثيره الطارد للغازات، ويقلل تشنج العضلات الملساء في الأمعاء، بالإضافة إلى خفض حموضة المعدة، بشكل أفضل حتى من مضادات الحموضة التجارية”.
5- البابونج يخفف مغص الرضع ويعزز المناعة
أثبتت التجارب السريرية أن إعطاء الرضع بعمر 2-8 أسابيع، 150 ميلي لتر من منقوع البابونج، 3 مرات يوميًا، يساهم في تخفيف آلام المغص لديهم خلال 3 إلى 7 أيام، في حين أشارت إحدى التجارب التي طبقت على مجموعة من المتطوعين، شربوا 5 أكواب من البابونج يوميًا لمدة أسبوعين، إلى ارتفاع مستوى مركبي الهيبوريت والغلايسين في بولهم، والمرتبطين بزيادة النشاط المضاد للبكتيريا، مما يؤكد فوائد البابونج في تعزيز المناعة.
لكن لمَ لا يصلح البابونج علاجًا لكل ما يشاع عنه؟
تحتوي زهور البابونج على 0.24 إلى 1.9% من الزيوت الطيارة، المكونة من العديد من المركبات الفعالة مثل الفلافونوئيدات والتربينوئيدات، ذات الخصائص العلاجية المتعددة، التي جعلتها تستخلص وتستخدم في عدد هائل من الأدوية حول العالم، إلا أن تركيزها المنخفض والمتغير في البابونج، هو ما يجعل بعض فوائد الزهرة نفسها مثارًا للشك.
ويقول المهندس الزراعي محمود محمود، المختص بمجال الأغذية: “يتأثر تركيز المواد الفعالة في النباتات بشكل عام، والبابونج بشكل خاص، بالعديد من العوامل، أهمها تركيب التربة التي تزرع فيها، المناخ، عمر النبتة ونوعها، بالإضافة إلى العمليات التصنيعية التي تتعرض لها بعد حصادها، مثل التجفيف والغلي، مما يجعل استخدامها بشكلها الخام للتداوي، عشوائًيا في كثير من الأحيان أو عديم الفائدة، حتى لو أثبتت خصائصها العلاجية”.
في حين يوضح الصيدلاني السلوم، أن الأدوية تصنع من كميات معروفة ومدروسة من المواد الفعالة، بعد تجربتها على الحيوانات فيما يعرف بالتجارب قبل السريرية، ثم تجرب على البشر وتعتمد، ويضيف: “يحتوي البابونج على العديد من المواد الفعالة من الناحية العلاجية، وأثبت العلم فوائد منقوعه وزيته في بعض الحالات، في حين ما تزال بعض الفوائد قيد التجريب مثل تخفيف الأكزيما وتثبيط نمو الخلايا السرطانية، كما تفقد مركباته بعض خصائصها الطبية بسبب ضآلة تركيزها في النبتة”.
شائعة مغطس البابونج لعلاج البواسير، وأخرى غيرها
يشاع استخدام مغاطس البابونج المغلي، بشكل كبير بين مرضى البواسير، على الرغم من أن التجارب السريرية أثبتت فعالية الفلافونوئيدات المستخلصة من البابونج، وليس البابونج نفسه، في إيقاف النزف الناتج عن البواسير الداخلية.
ويوضح السلوم أن هذا الأمر لن يكون ضارًا، إلا أنه عديم الفائدة بالمقابل، ويقول: “تشكل الفلافونوئيدات جزءًا من تركيب العديد من ادوية البواسير، إلا أنك ستحتاج كميات هائلة من البابونج لمحاكاة كمية المادة الفعالة الموجودة في الدواء، والكفيلة بإيقاف النزف”.
كما يشاع في الطب الشعبي استخدام بخار البابونج الساخن أو منقوعه، لتهدئة آلام الحلق والفم، إلا أن التجارب السريرية التي قارنت بين مجموعتين من البشر، تمضمض أفراد إحداها بمنقوع البابونج، والثانية بغسول فم وهمي، 3 مرات يوميًا لمدة أسبوعين، نفت أن يكون لهذا النبات أي تأثير سلبي أو إيجابي على علاج التهابات الفم وتقرحات الغشاء المخاطي، ونفت تجارب أخرى مشابهة، فوائد بخاره في تقليل التهاب الحلق.
حين يصبح البابونج ضارًا بالصحة
يشاع شرب النساء الحوامل للبابونج لدى إصابتهن بنوبات مغص، او بنزلات برد، من دون أن يعين المخاطر الكارثية التي قد تلحق بهن جراء ذلك، والتي قد تنتهي بالإجهاض.
وينصح السلوم الحوامل بالابتعاد نهائيًا عن شرب منقوع البابونج، ويقول: “يحفز البابونج تصنيع أنواع البروستاغلاندينات المسؤولة عن انقباض الرحم، مما يحث على بدء مخاض مبكر يؤدي إلى الإجهاض”.
كما يحذر السلوم مرضى ارتفاع الضغط من شرب البابونج أيضًا، لأنه يزيد التروية الدموية، ويوصي بتجنبه لمن يستخدمون الأدوية المضادة للتخثر، مثل الوارفارين، الأسبرين ومضادات الالتهاب غير السيتروئيدية، ويقول: “يحتوي البابونج على مركب الكومارين ذي الأثر المميع للدم، وعلى الرغم من أن الدراسات لم تثبت سريريًا أن تركيز هذا المركب في النبات يتداخل مع تأثير مضادات التخثر، إلا أنه يفضل الابتعاد عن شرب البابونج لحين توفر المعلومات الكافية”.