“حياتنا وردية” في الجمعية القطرية للسرطان
ما زال السرطان، ذلك المرض الخبيث، ماضياً في إقلاق الناس جميعاً. الجمعية القطرية للسرطان من الجهات التي تحاول العمل على التخفيف من ذلك القلق.
في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أطلقت الجمعية القطرية للسرطان حملة “حياتنا وردية” للتوعية حول سرطان الثدي، وذلك في إطار الشهر العالمي المخصص للتوعية حول هذا النوع من السرطان الذي يحتلّ المرتبة الأولى في قطر، بنسبة 39 في المائة بين المواطنين القطريين والمقيمين. وتشير السفيرة الفخرية للجمعية القطرية للسرطان، الطبيبة المتخصصة في الجراحة العامة في مستشفى حمد العام في الدوحة، ارتفاع الشمري، إلى أنّ “ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الثدي ما هو إلا دليل نجاعة برنامج الفحص المبكر الذي تنفّذه الجمعية ويكشف عن مزيد من الحالات”.
وتوضح الشمري، في حديث إلى “العربي الجديد”، أنّ “حملة حياتنا وردية تستهدف المجتمع بكل فئاته من قطريين ومقيمين، وهي تطاول المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية وكلّ أماكن وجود النساء من مختلف الأعمار. أمّا الهدف منها فتصحيح المفهوم الخاطئ القائل إنّ سرطان الثدي لا يصيب المرأة إلا بعد بلوغها سنّ الخمسين”. وتلفت إلى أنّ “ثمّة إصابات جرى اكتشافها في بين شابات لا يملكنَ تاريخاً وراثياً للمرض ولا جينات وراثية له”. وحول ضرورة الفحص المبكر، تقول الشمري إنّ “الجمعية أطلقت برنامج الفحص المبكر للنساء ابتداءً من 40 عاماً فما فوق، فيخضعنَ مرّة واحدة كل عامَين إلى الصورة الإشعاعية الخاصة بالثدي أو ما يعرف بالماموغرام”. وتشدد على أنّ “هذه الصورة غير ضارة نهائياً، بخلاف ما تظنّ نساء كثيرات. والكشف عن المرض مبكراً يتيح العلاج للمريضة وعودتها إلى الحياة الطبيعية والشفاء بنسبة تصل إلى 98 في المائة”. وتتحدّث الشمري عن “فحوصات أخرى نلجأ إليها من خلال أخذ عيّنة أو خزعة من الورم، وهي الوسيلة الوحيدة التي تؤكّد أن الورم سرطاني وليس حميداً. كذلك هي الوسيلة الوحيدة التي تسمح بعدم إخضاع المريضة إلى علاجات لا داعي لها”، مشددة على أنّ “فكرة أخذ الخزعة تساعد على انتشار المرض هي شائعة لا صحة لها علمياً”.
تجدر الإشارة إلى أنّ الجمعية القطرية للسرطان تدخل عامها الواحد والعشرين في مجال التوعية حول ذلك المرض الخبيث وعلاجه. وهي تأسست في عام 1997 كجمعية خيرية إنسانية غير ربحية تعمل تحت مظلة هيئة تنظيم الأعمال الخيرية القطرية، وتكرّس جهودها للوقاية من السرطان وعلاجه، وتركّز على تطبيق برامج التوعية والوقاية التي تهدف إلى رفع نسبة الوعي لدى أفراد المجتمع. كذلك تتوجّه إلى مرضى السرطان والناجين منه وإلى عائلاتهم فتوفّر لهم الدعم النفسي الاجتماعي وكذلك الدعم المالي الخاص بالعلاج.
وتوضح الشمري أنّ “الجمعية غطّت منذ بداية العام الجاري ولغاية يونيو/ حزيران الماضي 300 حالة، تخطّت تكاليفها ستّة ملايين ريال قطري (نحو 1.6 مليون دولار أميركي)، 55 حالة منها تعود إلى مرضى من دول الحصار ما زالوا يقيمون في قطر، وقد تكفّلت الجمعية بعلاجهم كاملاً، سواء أكان جراحياً أو كيميائياً أو نفسياً. كذلك، تحمّلت الجمعية تكاليف علاج ألفَي مريض في خلال الفترة الممتدة من عام 2013 حتى عام 2017 بتكلفة إجماليّة وصلت إلى 20 مليون ريال (5.4 ملايين دولار)”. تضيف الشمري أنّ “الجمعية سعت منذ تأسيسها إلى تحقيق مجموعة أهداف، منها التركيز على نشر التوعية حول المرض وطرق الوقاية منه والكشف المبكر عنه، وذلك من خلال أنشطة للتوعية تنظمها على مدار العام. وقد بلغت أنشطتها المتعلقة بالتثقيف الصحي 350 نشاطاً في عام 2017، في حين بلغ عدد المستفيدين من أنشطة التوعية 46 ألفاً و300 مستفيد من كل شرائح المجتمع”.
وبصورة عامة، توضح الشمري أنّ “الجمعية تهدف إلى مساعدة المرضى على التعامل مع الآثار الجانبية لعلاج السرطان وتزويدهم وتزويد الناجين وكذلك أسرهم بمعلومات عن الخدمات المتاحة في قطر. كذلك، تقديم المعلومات والنصائح للمحافظة على نظام حياة صحي وتحسين قدرات المرضى والناجين البدنية والنفسية لممارسة نشاطات حياتهم اليوميّة قدر المستطاع، مع تحسين نوعية الحياة للمرضى والناجين وأسرهم خلال فترة العلاج وما بعدها لتجاوز الآثار المرتبطة بالمرض وعلاجه ومساعدتهم على إعادة تفعيل دورهم في المجتمع بعد العلاج”.
“حان الوقت لمحاربة سرطان القولون” (الجمعية القطرية للسرطان)
في السياق، كانت الجمعية قد أطلقت في العام الماضي برنامج “ابتسامتك حياتنا” لدعم المرضى والناجين وأسرهم، استفاد منه 600 شخص من خلال خمس ورش عمل امتدّت على العامَين 2017 و2018. وتضمّن البرنامج نشاطات عدّة كمحاضرات توعية وتثقيف حول المرض، واستعراض قصص نجاة وأمل من الناجين الذين عاشوا تجارب مشابهة، بالإضافة إلى جلسات متنوّعة تشمل اليوغا والاسترخاء. وتبرز أهمية البرنامج في أنه فرصة كبيرة للمرضى والناجين وأسرهم للاستفادة منه خارج نطاق المستشفيات التي اعتادوها.
وتؤكّد الشمري أنّ الجمعية القطرية “تتولى التوعية حول كل الأمراض السرطانية، مثل سرطانات الأطفال وسرطان البروستات وسرطان القولون والمستقيم وسرطان عنق الرحم وسرطان الغدة الدرقية وسرطانات الدم وسرطانات الجلد، حتى لو لم تكن منتشرة بكثرة. وهي تنظم أنشطة وفعاليات خاصة بكل نوع من هذه السرطانات بوتيرة شهرية”. ومن الحملات الأخيرة التي نفّذتها، حملة خاصة بتوعية العمّال حول الكشف المبكر عن سرطان الجلد، وطاولت أربعة آلاف عامل في المنطقة الصناعية، وركّزت على ضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة عند التعرّض إلى أشعة الشمس، لا سيّما في فصل الصيف، وتجنّب التعرّض المباشر لها في الفترة ما بين العاشرة صباحاً والرابعة عصراً.
كذلك، وتحت شعار “أنا بطل” نظّمت الجمعية حملة توعية حول سرطانات الأطفال التي تعد السبب الثاني لوفيات الأطفال بعد الحوادث في العالم، في خلال سبتمبر/ أيلول الماضي. وهدفت إلى تثقيف الآباء والأمهات حول أهمية الفحص الدوري للكشف المبكر عن المرض وطرق الوقاية إلى جانب تعزيز دور المجتمع في دعم الأطفال المصابين. وكانت حملة أخرى تحت شعار “كل صح.. عيش أصح” في خلال مارس/ آذار الماضي، وهو شهر التوعية حول سرطان القولون والمستقيم الذي يحتلّ المرتبة الثانية بين سرطانات الرجال والثالث بين سرطانات النساء، كالأكثر انتشاراً في قطر.