قصة كاتب تنبأ بموجات الهجرة إلى أوروبا قبل 19 عاماً
قبل 19 عاماً، حذر الكاتب الألماني الشهير، غونتر غراس، الحائز على جائزة نوبل من “أنهُر اللاجئين”، التي سوف تجتاح أوروبا بسبب الفقر المدقع المتنامي في دول جنوب العالم، لكن قبل ذلك بخمسة وأربعين عاماً كان صاحب رواية “الطبل والصفيح” ينبه كذلك من نقص المواد الغذائية التي سوف تقود إلى تلك الهجرة.
لكن حكمة قصيرة تفوه بها المستشار الألماني في عام 1973 في الأمم المتحدة كانت المفتاح لنبوءة الكاتب الكبير.
“حتى المجاعة حرب”. قائل هذه الحكمة السياسية هو المستشار الألماني السابق ويلي براندت، في كلمة له، في الأمم المتحدة خلال الأزمة التشيلية الأميركية في أوائل سبعينيات القرن الماضي بعد فوز مرشح الحزب الاشتراكي سلفادور ألليندي، وكان ذلك في أوج اشتعال الحرب الباردة.
الكاتب الألماني صاحب رواية الطبل والصفيح كان صحافياً شاباً وكان موجوداً عندما ألقيت كلمة المستشار التي تناغمت مع رواية كان يكتبها عن الغذاء والجوع.
وبعد 26 عاماً، كان الصحافي الشاب قد تحول إلى كاتب كبير وأدرك حكمة المستشار الألماني ولكن على طريقته كروائي وليس كرجل سياسة غير أن نصيحته لأوروبا ذهبت أدراج الرياح.
في كلمته التي ألقاها في الأكاديمية السويدية عند تسلمه لجائزة نوبل عام 1999 حكى تلك القصة بطريقته المرحة الساخرة قائلاً “كنت موجوداً عندما ألقيت تلك الكلمة. كنت أكتب روايتي “سمك موسى” التي تتطرق في جزئها الأكبر إلى أسس وجود الإنسان على الأرض ألا وهي المواد الغذائية، وأعني كثرة المواد الغذائية وفقدانها. هذا الموضوع لا يزال موجوداً حتى الآن”.
في ذلك المحفل النخبوي الرفيع قرع غونتر غراس الجرس مبكراً لأوروبا، محذراً من أن ازدياد حدة الفقر في دول الجنوب الفقيرة ونقص الغذاء وارتفاع عدد الجياع سوف يخلق موجة هادرة من الهجرة إلى أوروبا لم يسبق لها مثيل.
يقول غراس في هذا الصدد “الفقر في العالم الذي يزداد غنى هو تضخم سكاني. والجزء الشمالي والغربي المتمتعان بنعم الأرض لا يتركان مجالاً للخوف كي يرعبهما حتى أنهما يصران على حقهما من العالم الفقير في الجنوب تماماً مثل البعوضة مصاصة الدماء. أنهر اللاجئين ستطالهما بسبب الجوع المنتشر وحينذاك لن يكون هناك أي قانون يعمل به”.
بعد مرور 19 عاما على تحذيرات غراس الذي رحل عن العالم في 13 أبريل 2015 تدفق “نهر اللاجئين إلى أوروبا وفي ألمانيا وحدها وصل مليون لاجئ في العام الماضي عبر البحر المتوسط، وكما تنبأ بالضبط لم تستطع أوروبا حتى الآن التوافق على “أي قانون يعمل به”، لوقف الهجرة وللتعامل معها.
أما نقص الغذاء الذي جسده في رواية “سمك موسى”، قبل أكثر من أربعين عاماً، فقد وصل إلى مليار جائع في عام 2017 حسب إحصائيات حديثة للأمم المتحدة.