مستشفى في بغداد يوثق 18 محاولة انتحار في شهر واحد
ارتفعت معدلات الانتحار في العراق إلى مستويات قياسية بسبب عوامل عدة أبرزها الفقر والبطالة، واليأس من وجود أمل في حل قريب للأزمات المتواصلة منذ الاحتلال الأميركي للبلاد.
وكشف مستشفى في العاصمة بغداد، اليوم الاثنين، عن استقباله 18 محاولة انتحار خلال شهر أغسطس/آب الماضي، ونقلت وسائل إعلام محلية عن مدير المستشفى، الطبيب عمار حسن كاطع، أن “معظم حالات الانتحار كانت باستخدام السم، وعادة باستخدام المبيدات الحشرية، أو الإفراط في تعاطي الأدوية، وخاصة أدوية الاكتئاب أو المهدئات”.
وذكرت طبيبة الطوارئ، هديل صباح منصور، أن “معظم دوافع الانتحار هي تعرض المريض لعوامل نفسية وأسرية، وخاصة الفشل في الدراسة. نقوم باستقبال المريض وإجراء الإسعافات الأولية والفحوصات السريرية والمختبرية وفحص الفعاليات الحيوية وأخذ عينات من البول والدم والمعدة لفحص مقدار السم، ونوع المواد التي تناولها المريض، إذا لم تكن معروفة، وهناك حالات تستوجب غسيل معدة وإعطاء بعض الأدوية، ونسبة الذين يتماثلون للشفاء من 80 إلى 90 في المائة حسب حدة الحالة والمادة المأخوذة وكمية المادة ونوعها”.
وقال رئيس منظمة ديالى لحقوق الإنسان، طالب الخزرجي، إن منظمته سجلت 6 حالات انتحار خلال شهر أغسطس الماضي، منها 3 حالات انتهت بالوفاة، لافتًا إلى أنّ “هناك أسبابا متعددة تقف وراء تصاعد حالات الانتحار، منها عوامل نفسية واجتماعية واقتصادية، وسجلت محافظة ديالى وحدها خلال العام الحالي 50 حالة انتحار حتى الآن”.
وقال الناشط المدني إبراهيم محمود، إنه “لا يمكن تفسير ظاهرة الانتحار دون الغوص في حقيقة ما إذا كان هؤلاء أقدموا على الانتحار بالفعل، أو أنّ هناك من قام بقتلهم لسبب أو لآخر، يجب البحث عن الأسباب الحقيقية للحد من الظاهرة، والوقوف على مسبباتها ودوافعها”.
وبيّن لـ”العربي الجديد”، أن “معالجة هذا الأمر تتطلب جهودا كبيرة من قبل رجال الدين بشكل خاص، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والعالمية المتواجدة في البلاد، وكذلك الجهات الرسمية المعنية؛ قبل أنّ تتحول حالات الانتحار أو القتل تحت ستار الانتحار، إلى أمر طبيعي غير مستهجن من قبل المجتمع، بعد أن كانت تمثل عارا على المنتحر وأسرته”.
وعن دوافع الانتحار تقول الباحثة الاجتماعية، رؤى مهدي، لـ”العربي الجديد”، إن “ارتفاع معدلات الانتحار في الآونة الأخيرة يرجع إلى جملة أسباب، منها غياب الروابط العائلية، وارتفاع معدلات الطلاق والتفكك الأسري، والحالة الاقتصادية المتردية لكثير من الأسر، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت تشكل خطرا على حياة بعض المستخدمين من خلال تأثرهم بقصص ليست من الواقع الذي يعيشونه، فضلا عن انتشار السلاح، وتعاطي المخدرات، والبطالة والاكتئاب والأمراض النفسية والشعور باليأس والإحباط”.
وتشير تقارير طبية وإعلامية إلى أن إقليم كردستان العراق، يسجل أعلى نسب انتحار على مستوى البلاد، وأن عدد النساء المنتحرات في الإقليم بلغ 400 امرأة في عام واحد، وتباينت طرق انتحارهن بين الشنق وتناول الحبوب المهدئة والحرق، في ظاهرة لم يشهد لها الإقليم مثيلًا من قبل.
وقالت مفوضية حقوق الإنسان في تقرير سابق، إنها سجلت 119 حالة انتحار في محافظة ذي قار، و76 في ديالى، و68 في نينوى، و44 في بغداد، و33 في البصرة، و16 بالمثنى، و15 في ميسان، و12 في واسط.