انخفاض الإيجارات في الدوحة… خيارات أكثر للباحثين عن سكن
يعمل مكتب الخمسيني القطري فيصل الدوسري على الترويج لعروض خاصة على وحدات سكنية مسؤول عن تأجيرها في مدينة الدوحة، إذ يواجه قناعة من المستأجرين الحاليين بأنهم سيحصلون على قيمة إيجارية أقل في المناطق نفسها، بعدما تراجعت أسعار الإيجارات بصورة يصفها المستأجرون بالإيجابية، فيما يراها الدوسري والعاملون معه بأنها جزء من مرحلة انتقالية يمر بها سوق العقارات من أجل العودة إلى وضعه الطبيعي بعد ما شهد مبالغة في الأسعار المعروضة خلال الفترات الماضية، إذ بلغ متوسط إيجار وحدة سكنية في قلب الدوحة مكونة من غرفتين مع الأجهزة الكهربائية 7 آلاف ريال، أي ما يوازي 1924 دولارا أميركيا في حين أن الوحدة نفسها يمكن تأجيرها الآن بقيمة 5500 ريال قطري أي ما يوازي 1511 دولارا الأمر الذي منح المقيم المصري أحمد خالد فرصة للانتقال وتغيير سكنه بعدما كان يقطن في فيلا مقسمة تبعد حوالي 20 كيلومتر عن مقر عمله.
يمكن القول إن دخول آلاف الوحدات السكنية إلى الخدمة وتعدد الشركات العقارية في قطر، أديا إلى تراجع الإيجارات تدريجيا، كما يقول الدوسري مستدركا، وإن كان بعضهم يرى أنها ما زالت مرتفعة.
ويعمل السوق العقاري في قطر ضمن بعدين أساسيين، الأول يتعلق بتلبية الطلب الداخلي من قبل المواطنين والمقيمين في الدولة، والثاني يتعلق بتطلعات الدولة نحو جذب الاستثمارات والمستثمرين من الخارج، سواء كانوا على مستوى إقليمي أو عالمي، إضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار المشاريع ذات الصلة باستضافة كأس العالم 2022، الذي سيساهم في رفع عدد الوحدات السكنية في السوق القطري إلى 65 ألف وحدة سكنية بحلول عام 2019، بحسب ما جاء في تقرير رصد النشاط العقاري في دولة قطر، أصدرته شركة المزايا القابضة العاملة في قطاع التطوير العقاريّ الخليجي في يناير/كانون الثاني من عام 2017.
تخفيضات المحافظ الإيجارية الكبرى
تضم قائمة الشركات القطرية التي تملك وتدير محافظ تأجير ضخمة بمستويات متفاوتة شركات إزدان، والمتحدة للتنمية، وبروة العقارية.
وتساهم شركة إزدان القابضة في القطاع السكني بما يزيد على 29 ألف وحدة عقارية متنوعة، من بينها ما هو داخل نطاق مدينة الدوحة في مناطق حيوية، ومنها ما هو خارجها في منطقة الوكرة، وفق ما جاء على الموقع الإلكتروني للشركة التي أعلنت عن عدد من العروض في قرى سكنية مملوكة لها بالوكير (تبعد عن الدوحة 22 كيلومترا) ليصل سعر الشقة المكونة من غرفتين في بعض المجمعات السكنية إلى 3900 ريال قطري (1072 دولارا أميركيا) “وذلك حتى يتسنى لها تأجير أكبر عدد من الوحدات غير المؤجرة، خاصةً أن الوحدات في قلب الدوحة بدأت أسعارها في التراجع، ما دفع الكثير من المستأجرين لتفضيل الانتقال للعاصمة” وفق ما أوضحه عاملون في مجمعات سكنية مملوكة للشركة بالدوحة والوكرة.
أما شركة بروة العقارية (والتي تحتفظ بثاني أكبر محفظة عقارية داخل قطر، بمجموع وحدات يزيد على 7000 وحدة سكنية) فاستندت في الفترة الأخيرة إلى قوائم الانتظار التي كانت كوّنتها على مدار سنوات، لتحافظ على نسب الإشغال، ما مكّنها من الإبقاء على الإيجارات عند مستوياتها، وفق ما أكده مصدر في الشركة فضّل عدم ذكر اسمه، في حين أن الإيجار الشهري لشقة في جزيرة اللؤلؤة الفاخرة والتي يقطنها أكثر من 12 ألف شخص، انخفض من 14 ألف ريال (3848 دولارا) للشقة المكونة من غرفتين إلى 10 آلاف ريال (2749 دولارا)، بالإضافة إلى حصول المستأجر على شهر واحد إقامة مجانية مع مرافق الصالة الرياضية وحمام السباحة، وفق ما رصده معد التحقيق عبر إفادات سماسرة يعملون في مكاتب عقارية بالدوحة.
حركة تصحيحية للسوق
يرى خبراء العقارات في قطر أن تراجع الإيجارات في السوق القطري ناتج عن حركة تصحيحية لمسار السوق، وهو ما يؤكده المهندس أحمد جاسم الجولو، رئيس جمعية المهندسين القطرية، قائلا في تصريح لـ”العربي الجديد”: “تراجع الإيجارات في السوق القطري ناتج عن تخمة في المعروض، فقد شهدت السنوات القليلة الماضية عملا دؤوبا على الكثير من المشروعات العقارية، وانتهى أغلبها في وقت متقارب، الأمر الذي زاد من حجم المعروض بصورة واضحة”.
وأضاف الجولو: “المنطقة تشهد دورة اقتصادية تتمثل في تغيرات وتقلبات منتظمة بصورة دورية في مستوى النشاط الاقتصادي، وتراجع الإيجارات أو غيرها من الحركة في السوق العقاري يسري على دول الخليج كافة”.
وشهد السوق القطري استثمارا متزايدا في القطاع العقاري، كما تابع الجولو قائلاً: “الكثير من المجمعات التجارية والسكنية انتهى أو شارف على الانتهاء، وهذا يؤدي إلى زيادة كبيرة في المعروض، فضلاً عن التوسع العمراني، والناتج عن حصول القطريين على قطع أراض في مختلف مناطق الدولة، ومنها مناطق بعيدة عن العاصمة الدوحة، وهذا يعني توسعا عقاريا كبيرا”.
توقعات المستقبل
يشهد قطاع الخدمات نمواً متزايداً، ويُتوقع أن يستمر هذا النمو حتى 2022، وبعده ستستمر قطر في رؤيتها الوطنية 2030، وهذا يعني دفعة جديدة لسوق العقارات، وفق ما ذكره رئيس جمعية المهندسين القطرية والذي توقع أن الأشهر المقبلة ستشهد ثباتا جزئيا في الأسعار، لتبقى عند مستويات معقولة، متجاوزة الزيادة التي كانت محط شكوى الكثيرين في السنوات الماضية”.
ويتفق حمد علي العذبة المري (صاحب إحدى الشركات العقارية في قطر) مع المهندس الجولو قائلا “الإيجارات استقرت على تراجع يبلغ قرابة 25%، والعائد من العمل في القطاع العقاري يتفاوت على حسب قدرة الشركة التسويقية، لكنه بشكل عام ما زال “ممتازاً” على حد وصفه”.
وعن توقّعه للقطاع العقاري، قال المري إن سوق العقارات سيظل عند نشاطه الكبير خلال السنوات المقبلة، خاصةً مع الاستحقاقات العالمية التي تقبل عليها الدولة، وفي مقدمتها مونديال 2022، والخطط التنموية المختلفة لقطر، الأمر الذي يؤكده الخبير والمثمّن العقاري خليفة المسلماني الذي توقع استمرار نشاط السوق العقاري، نظراً لأن العائد من العمل فيه ما زال مجزياً، وكذلك الإجراءات المشجعة للاستثمار في السوق القطري، والتي سمحت لغير القطريين بالتملك، إذ وافق مجلس الوزراء في إبريل/نيسان الماضي على مشروع قانون بشأن تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها.
وبموجب أحكام المشروع فإنه يجوز لغير القطريين تملك العقارات والانتفاع بها، في المناطق وفقا للشروط والضوابط والمزايا والإجراءات التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء، بناء على اقتراح لجنة تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها. وفي جميع الأحوال، لا ينقضي حق الانتفاع الممنوح لغير القطري بوفاته وينتقل إلى الورثة، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.
ويقصد بالعقارات في تطبيق أحكام هذا القانون، الأراضي الفضاء، والمباني والمنشآت والوحدات السكنية، والوحدات المفرزة في المجمعات السكنية وفق ما جاء في نص القانون، الأمر الذي يؤثر إيجابا على السوق، كما يقول أحمد العروقي المدير العام لشركة روتس العقارية، والذي أكد أن القطاع العقاري القطري يتمتع بالقوة التي تمكنه من الاستمرارية بالرغم من الصعوبات كافة، فضلاً عن الفرص الاستثمارية التي تتيحها الدولة أمام الكثير من المستثمرين داخل وخارج قطر، ويتوقع أن تستقطب الراغبين في الاستثمار في القطاع العقاري.