رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز يقصي ضباط سلك الجمارك الكبار
في خطوة لافتة وجديدة في الأردن تمت أمس إحالة الهيكل الذي يدير الجمارك على التقاعد بقرار بيروقراطي واحد بتوقيع رئيس الوزراء عمر الرزاز وسط تراكم وقصدية الانطباع بأن هذه الإحالة الجماعية هي بمثابة إقرار بحصول «أخطاء كبيرة» في التعاطي مع ملف قضية التبغ والسجائر أولاً وفي سياق محاربة الفساد ومنع تغطيته.
كما يُعد موضوع الإقالة الجماعية إظهاراً للجدية و«تكشيرة» بيرقرواطية من طرف الرزاز والحكومة ورغم عدم وجود قرينة مباشرة بين إحالة طاقم إدارة الجمارك بقرار واحد للتقاعد في الحالة الأردنية وملف السجائر، وبدا القرار مدروساً بعناية فائقة ويخلو من الاثارة والتشويق وتصفية الحسابات، فما أرادته الحكومة وقبل اكتمال تحقيقات التبغ القول بأن الرزاز سيستخدم صلاحياته لمعاقبة الموظفين الكبار الذين تحصل أخطاء في مؤسساتهم.
وفي التفاصيل فقد غادر أهم 20 ضابط جمارك أردنياً وظيفتهم متهمين ضمنياً بالتقصير. وبرزت العقوبة هنا فقط لأن مشكلة التبغ حصلت أصلاً في عهد الإدارة الحالية للجمارك رغم ان أحداً لا يستطيع تحميل رجال الجمارك قانونياً بعد مسؤولية مباشرة عن أي مخالفة لها علاقة بملف السجائر وعوني مطيع. وما تقوله رسالة الرزاز هنا أن من تحصل مشكلة في إدارته سيغادر موقعه بمعنى أن مرحلة التساهل البيروقراطي والتغاضي عن التقصير انتهت. ويبقى السؤال هل يكفي ذلك حتى يتوقف الشارع عن مطالبته بالتراجع عن قانون الضريبة الجديد؟
وكان الرزاز صرح علناً بأنه «يتمنى لو استطاع تأجيل أو الغاء القانون». وأغلب التقدير أن الشارع قد تلفت نظره خطوة الرزاز بإحالة طاقم إدارة الجمارك على التقاعد لكنه لن يقف عند هذا الحد لا في ملف الضريبة ولا في قضية مطيع والسجائر لأن المطلوب حصرياً متابعة التحقيقات وشمولها ووصولها للمناطق المغلقة التي تتعلق بشبكة نفوذ قوية ومتينة مع نخبة من النافذين أقامها رجل التبغ الغامض. وإلى ان يحصل ذلك سيعتبر كثيرون أن مسألة الجمارك ليست أكثر من خطوة واجبة لكنها دعائية.
وشمل قرار الإحالة على التقاعد مدير عام الجمارك اللواء وضاح الحمود ونحو 22 موظفاً متنوعاً من كبار الموظفين وصغارهم. ومن المرجح ان هذه الحلقة من الموظفين المحالين على التقاعد لها صلة على نحو أو آخر بمضامين الجانب الفني في التقييم أو التقرير الذي حولته مؤخراً هيئة مكافحة الفساد. لكن الإجراء ومع الإيحاء الذي ينتج عنه قد يغطي على أخطاء مماثلة حصلت في الهامش نفسه في مؤسسات أخرى من بينها وزارة الصناعة والتجارة ودائرة الضريبة وحتى بعض الموظفين الأمنيين كما لمّح عضو البرلمان السابق الدكتور أحمد شقران.
وقرر الرزاز بوضوح محاسبة طاقم الجمارك قبل غيره، الأمر الذي قد يقود لاحقاً لحرب بيانات ومعلومات وتسريبات باتت متوقعة ما دامت الإجراءات بدأت جدية وعميقة في معالجة آثار ملف التبغ ومطيع. تلك المواجهة مع تسريبات محتملة قد تنتج تشويشاً على الحكومة وجهات التحقيق خصوصاً وان «التلاوم» كان سيد الموقف بين مسؤولين في جهات عدة أثناء مراجعة ملف التبغ. ويبدو أن الرزاز التزم علناً بأن يمضي في تحقيقات الفساد إلى النهاية وعلى أساس»الجميع تحت القانون» شريطة تجنب «اغتيال الشخصية».