مئات الآلاف مِن الجزائريين يعيشون حالة فزع لانتشار الكوليرا
يعيش مئات الآلاف من الجزائريين في 4 ولايات على الأقل من بين 48 ولاية، حالة فزع واضطراب غير مسبوقة بسبب انتشار وباء الكوليرا، وهو ما خلّف وفاة شخصين، وتم عزل مستشفى كبير جنوب العاصمة، إذ منعت الزيارات عن المرضى على إثر استقبال قسم الطوارئ 20 حالة إصابة بهذا المرض الذي اختفى منذ 20 عاما من البلاد، بينما جنّدت وزارة الشؤون الحكومية أئمة المساجد خلال صلاة الجمعة لدعوة الناس إلى “الهدوء وعدم المبالغة” في التعاطي مع الوباء.
وواجهت ولايات الجزائر العاصمة والبليدة وتيبازة والبويرة، ذات الكثافة السكانية العالية، حالة استنفار قصوى بعد وفاة شخصين في البليدة متأثرين بإسهال حاد، لم تحدد وزارة الصحة سببه بدقة، وكانت الوفاة الأولى الخميس، بينما سجلت الثانية الجمعة.
وتفيد توقعات أطباء متخصصين في الأوبئة بأن سبب الإصابات شرب ماء ملوّث بمياه الصرف الصحي، بينما تردد بمصحات في الولايات المذكورة أن الأمر يتعلق بتناول بطيخ تم ريّه بمياه صرف صحي.
وانتشرت بسرعة كبيرة إشاعات مفادها بأن “ماء الحنفيات الملوّث” هو السبب، وأخرى تحدثت عن ماركة معينة من المياه المعدنية كانت سبب حالات الإصابة بالكوليرا التي بلغت 50 حالة إلى غاية الجمعة, وفق تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط.
ومع “تنوّع” الإشاعة اتسعت رقعة الخوف، وهرع الآلاف من المواطنين إلى محلات بيع المواد الغذائية والمساحات التجارية الكبرى، لشراء المياه المعدنية (مع مقاطعة الماركة محل الشبهة المزعومة)، معلنين بذلك رفض استعمال منتوج الشركة الحكومية لتوزيع الماء الصالح للشرب، في الطهي والاستحمام، وخلّفت هذه الحالة فوضى كبيرة في الولايات الأربع، بينما حاولت وزارة الصحة جاهدة التهدئة من روع المواطنين، مؤكدة أن الماء الذي يتزودون به ليس هو سبب الوباء.
وتناولت خطب الجمعة بالمساجد، الجمعة، القضية وطريقة تفاعل المواطنين معها، ودعا الأئمة، بناء على توجيهات من مديري الشؤون الدينية بالولايات المعنية، إلى “التحلي بالرزانة وتفادي التهويل”.
وقال الطبيب محمد وحدي، مدير الوقاية في وزارة الصحة سابقا، لـ”الشرق الأوسط”، إن الإصابة بالكوليرا “تعود بحسب تجربتي في هذا الميدان، إلى غياب النظافة ونقص وعي المواطنين في بعض مناطق البلاد، ولا ينبغي أن نغفل عن شيء مهم في ما يخص هذا الوباء، هو أنه سريع العدوى، إذ يكفي أن يصاب به شخص واحد حتى ينتشر كالنار في الهشيم، ويزداد الوضع تعقيدا إذا كان منظومة الصحة هشّة وعاجزة عن مواجهة الأوبئة بالسرعة اللازمة”.
واتخذت الحكومة الجمعة قرارا بعزل مستشفى بوفاريك حيث يوجد أكبر عدد من المصابين، وصرّح طبيب بهذا المستشفى إلى صحافيين بأن كل المرضى الذين فحصهم أظهروا أعراض مرض معوي بكتيري حاد شديد العدوى، انتشر عن طريق الماء الملوث على ما يبدو، مشيرا إلى أنهم يعانون من إسهال حاد وجفاف بالجسم، وقال إن وفاة اثنين من المصابين كانت بسبب عدم تلقيهما العلاج بسرعة، وخلص إلى القول إن أعراض الكوليرا ناتجة عن مادة سامة تفرزها بكتيريا، وهو ما ظهر على جميع المصابين.
وقال الزبير حراث مدير “معهد باستور” في الجزائر، المختص في التحاليل والوقاية من الأمراض، إن المختصين في علم الأوبئة كانوا الجمعة بصدد القيام بعمليات التحليل للعينات من المصابين بمستشفى بوفاريك.
وكتبت طالبة في جامعة البليدة، تدعى منال، عن القضية قائلة إن “الجميع مطالب بتحمّل مسؤولية ما يحدث، نحن لم نعد إلى زمن الكوليرا فحسب!! بل إننا نعيش عصرا لم تشهد الجزائر من قبل.. نعم الجزائر البيضاء التي كان يضرب المثل بها في النظافة (والبليدة خاصة باعتبارها مدينة الورود) غزتها اليوم الأوساخ، بل يخيّل لك أننا نعيش وسط مكب كبير للنفايات”.