أمير قطر يبدأ زيارة رسمية إلى بريطانيا ويلتقي تيريزا ماي الثلاثاء المقبل
يبدأ الأحد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني زيارة رسمية إلى المملكة المتحدة، لم يعلن عن مدتها، تلبية لدعوة من تيريزا ماي رئيسة الوزراء، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء القطرية (قنا).
وسيجري أمير قطر مباحثات مع رئيسة الوزراء البريطانية، الثلاثاء المقبل، تتناول توطيد علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات، إضافة إلى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. كما سيلتقي الشيخ تميم خلال زيارته عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين في المملكة المتحدة.
وكان أمير قطر زار المملكة المتحدة عام 2014، التقى خلالها ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، ورئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون.
وتأتي زيارة أمير قطر إلى المملكة المتحدة التي تعدّ من بين الدول التي طالبت بتخفيف الحصار المفروض على قطر منذ الخامس من حزيران/ يونيو 2017، حيث قال وزير خارجيتها السابق بوريس جونسون في تصريح صحافي: “إنني قلق من بعض الأعمال الحادة التي اتخذتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين ضد شريك هام. أدعو جميع الدول إلى اتخاذ خطوات فورية لخفض توتر الوضع والبحث عن مخرج سريع من الوضع الراهن عبر عملية المفاوضات”، واعداً بحث تلك الدول على “تخفيف الحصار عن قطر”.
علاقات تاريخية بين البلدين
ويجمع دولة قطر والمملكة المتحدة تاريخ مشترك في مجال الدفاع والأمن يعود إلى القرن التاسع عشر على يد العقيد بيلي والشيخ محمد بن ثاني-والد الشيخ جاسم بن محمد-، وفي مجال الأعمال والتجارة مع اكتشاف النفط في قطر وقدوم الشركات البريطانية لتكون الأولى التي حطّت رحالها في العديد من القطاعات المحلية، وفي مجال الثقافة والتعليم، حيث درست أجيال من القطريين في المملكة المتحدة من ساندهيرست إلى ويلز.
ويشمل التعاون الاستراتيجي بين البلدين العديد من المجالات ومن بينها على سبيل المثال، قطاع الطاقة والاستثمار، حيث إن 30 بالمائة من غاز المملكة المتحدة يأتي من قطر، بالإضافة إلى التعاون في المسائل الإقليمية وفي مجال مكافحة الإرهاب وغيرها.
وفي أيار/ مايو 2017، وقع الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري مذكرة تفاهم مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي حول كيفية تعزيز التعاون بما يعزز تحقيق رؤية قطر 2030 في مختلف القطاعات، بدءاً من تطوير الاقتصاد وتنمية الإنسان.
55مليار دولار استثمارات قطرية
يرتكز أكبر جزء من علاقات البلدين الاقتصادية بين قطر والمملكة المتحدة في قطاع الأعمال والاستثمار، في ظل وجود استثمارات قطرية ضخمة في المملكة المتحدة بقيمة 35 مليار جنيه إسترليني تقريباً، إضافة إلى 5 مليارات أخرى أعلن عنها الجانب القطري العام الماضي، ليصل إجمالي الاستثمارات القطرية إلى حوالي 40 مليار جنيه إسترليني، بما يعادل 55 مليار دولار تقريباً. وتأتي قطر ضمن أعلى شركاء الاستثمار مع المملكة المتحدة بين دول مجلس التعاون.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 5 مليارات جنيه إسترليني، منها 3 مليارات جنيه عبارة عن صادرات بريطانية إلى قطر، ومليارا جنيه إسترليني واردات بريطانية من قطر، أهمها الغاز القطري المسال».
كما تتواجد أكثر من 600 شركة بريطانية تعمل في قطر. ويتمتع البلدان بعلاقات تجارية واستثمارية قوية ومتنامية، ففي 2015 بلغ إجمالي قيمة الصادرات البريطانية إلى دولة قطر 2.613 مليون جنيه إسترليني، بينما بلغت قيمة الصادرات القطرية إلى بريطانيا 2.721 مليون جنيه».
ويعود أكبر استثمار بريطاني في قطر يعود إلى شركة «شل»، التي استثمرت المليارات على مر السنوات. وتدعم الحكومة البريطانية جهود «شل» لاستثمار المزيد في قطر، لتكون جزءاً من توسعة حقل الشمال الذي يصبّ في صالح تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين، إضافة إلى الاستثمار في التعليم بافتتاح فرع لجامعة أبردين البريطانية في قطر، وسط توقعات بمزيد من الاستثمارات في قطاع الخدمات مثل التعليم والرعاية الصحية، ومجال التصنيع.
وقال السفير البريطاني لدى الدوحة إن بلاده تبحث أيضا التعاون مع ميناء حمد الدولي واستثمار طرق التجارة الجديدة التي أنشأتها قطر.
وكانت الحكومتان القطرية والبريطانية استضافتا منتدى التجارة والاستثمار القطري-البريطاني شهر آذار/ مارس 2017 في ببرمنغهام، تأكيداً لتوجه البلدين نحو توطيد علاقاتهما الاستراتيجية.
24 طائرة تايفون..ومنظومة لحماية المجال الجوي القطري
وفي مجال الدفاع، تتمتع دولة قطر والمملكة المتحدة بعلاقات قوية، حيث تم توقيع اتفاق النوايا بين البلدين في سبتمبر 2017 بشأن خطة دولة قطر لشراء 24 طائرة من نوع “تايفون”.
وقال السفير البريطاني لدى قطر إن طائرات تايفون القتالية التي اشترتها قطر من المملكة المتحدة ستكون جاهزة للاستلام قبل مونديال 2022، وستكون تايفون” ستكون بالتأكيد جزءاً من تأمين البطولة وهي نفس رؤية الجانب القطري”.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الدفاع القطرية أنها أنشأت مع بريطانيا منظومة جوية لحماية المجال الجوي القطري، تزامنا مع مرور العام الأول على مقاطعة السعودية والبحرين والإمارات ومصر لها.
وقال نائب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري، خالد بن محمد العطية في تصريح سابق: “قمنا بإنشاء أول (سرب عملياتي) مع المملكة المتحدة”، لافتاً إلى أنه “أول سرب يتم إنشاؤه في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945، ودولة قطر والمملكة المتحدة تنشئان هذا السرب المكون من طائرات التايفون ليقوم بمهام واجب الدفاع عن الدولتين، وكافة المهام الدفاعية. وسيدخل الخدمة في قطر مع نهاية عام 2021، كما أن قيادته سوف تعمل بشكل دوري بين قطر والمملكة المتحدة”.
بريطانيا ترفض المساس بأمن قطر
وعن الأزمة الخليجية الراهنة، قال سفير المملكة المتحدة في قطر إن النزاع الخليجي لم يؤثر بتاتاً على علاقات البلدين، بقدر ما فتح مجالات أخرى لتطوير الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين، لافتاً إلى أن “بريطانيا متمسكة جدا بصداقتها مع قطر التي تعتبرها بلداً صديقا، ولن تقبل المساس باستقرارها، لأن أمن قطر من أمن المنطقة وأمن العالم بأسره”.
ونوّه بأن «المملكة المتحدة تقوم بالعديد من المساعي للمساعدة في حل الأزمة، ولكن بهدوء؛ لأن المسألة الخليجية تعني الكثير بالنسبة للمملكة المتحدة، ولذلك سوف تواصل بذل قصارى جهدها للوصول إلى حل»، موضحاً أن «هذه الجهود ربما لا تكون معلنة أو مرئية للعامة، ولكن لا يجب أن يشكّك أحد في التزامنا بمحاولة حل هذه المسألة، فالمنطقة تمرّ بفترة صعبة، ولا نريد المزيد من المشكلات غير الضرروية. وتهمنا وحدة الخليج لمواجهة مشكلات أخرى سواء في سوريا أو اليمن».
وأضاف: “إن رغبتنا للحل لم تختفِ، واهتمامنا بدعم جهود حلها لا يزال قوياً، وسنواصل البحث عن فرص للحل مع الجميع، فلدينا علاقات جيدة مع مجلس التعاون ونودّ تطوير هذه العلاقات أكثر، وهذا النزاع يصعّب من هذه المسألة”.
كما أعرب عن تقدير بلاده لأسلوب تعامل دولة قطر مع الخلاف الخليجي، حيث قامت بفتح باب الحوار وتبنت نهجاً يقوم على ضبط النفس.
العلاقات الثنائية لم تتأثر بالأزمة الخليجية
عن مدى تأثير النزاع الخليجي على علاقات البلدين، قال السفير البريطاني لدى قطر: «لا تزال لدينا طموحات كبيرة في علاقاتنا مع قطر، حتى بعد نشوب النزاع الخليجي، ونطمح إلى إنجازات أكبر في علاقاتنا الثنائية مع دولة قطر. وقد بيّن لنا النزاع الخليجي أن هناك مجالات أخرى يمكن أن نتعاون فيها مع دولة قطر».
وأضاف: «أياً كان ما سيحدث في هذا الخلاف، سوف تستمر العلاقات بين قطر والمملكة المتحدة في النمو والانتقال من نجاح إلى نجاح، هذا هو شأن أية علاقة حقيقية وصداقة قوية، أن نكون معاً في السراء والضراء، وأن نجتاز العواصف وأن نحقق أقصى استفادة من الفرص الجديدة، لافتاً إلى إن المملكة المتحدة ملتزمة بعلاقاتها مع دولة قطر بقدر علمي بالتزام دولة قطر بعلاقاتها مع المملكة المتحدة».
وتابع قائلاً: «إننا نتقاسم مع قطر رغبتنا في تحقيق الاستقرار في المنطقة.. إننا ندرك تماماً أهمية استقرار دولة قطر بالنسبة لأمن واستقرار المنطقة، وحتى بالنسبة للعالم، وأهمية استقرار قطر بالنسبة لمصالحنا المشتركة، ومن ثَمّ لا نتحمل تعريض استقرارها للخطر. وكما تعلمون، فإن نسبة 25 % من الغاز التي تصل المملكة المتحدة نستوردها من دولة قطر، والكثير من دول العالم تعتمد على الغاز القطري أيضاً”.
وخلص قائلاً: «أحد أهم الأسباب التي تجعل المملكة المتحدة لا تقبل المساس باستقرار قطر، هي أنها بلد صديق لنا، وتجمعنا علاقات استراتيجية ومصالح اقتصادية مشتركة، تعكسها الاستثمارات القطرية التي تصل إلى 25 مليار جنيه إسترليني، إلى جانب وعود باستثمار 5 مليارات جنيه إسترليني خلال السنوات المقبلة في المملكة المتحدة».
شراكة في مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني
تعتبر المملكة المتحدة دولة قطر جزءاً من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، ويعمل البلدان بشكل وثيق لمكافحة مصادر تمويل الإرهاب. واعتبر السفير البريطاني في الدوحة أن “اتهام قطر بدعمها للإرهاب يجب أن يكون مدعوماً بأدلّة، ومن المهم جداً أن يتم تقديم تلك الأدلّة”.
وفي شهر مايو الماضي، وقع الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي، وأجاي شارما سفير المملكة المتحدة لدى الدولة بالنيابة عن مؤسسة الدفاع والأمن بوزارة التجارة الدولية البريطانية، مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الأمن السيبراني.
وتهدف مذكرة التفاهم إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجال الأمن السيبراني والتنسيق بين المؤسستين وإيجاد حلول لحماية المعلومات بالإضافة إلى تشجيع الشركات ذات الصلة مع المؤسسات القطرية على تعزيز التعاون في هذا المجال.
التزام بريطاني بدعم مونديال 2022
بعد فترة طويلة من المواقف المتباينة في وسائل الإعلام البريطانية بشأن استضافة قطر لمونديال 2022، حسمت المملكة المتحدة موقفها الرسمي، حيث قال سفير المملكة المتحدة لدى قطر إن أقوى رسالة يريد أن يبلغها للقطريين هي “أننا في المملكة المتحدة نعمل جاهدين لتقديم الدعم الكامل لضمان أن تكون قطر جاهزة لتنظيم ناجح لمونديال 2022″.
وأضاف: «في الماضي، كان هناك ضجيج كبير حول موقف المملكة المتحدة من مونديال 2022، واليوم أريد التأكيد أن موقفنا واضح، وسنقوم بكل ما نستطيع لدعم قطر، سواء على مستوى الحكومة أم رجال الأعمال، أم المواطنين البريطانيين المقيمين في قطر».
ونوه إلى إن بلاده تعمل عن كثب مع قطر من أجل ضمان تحقيق نجاح كبير لبطولة كأس العالم التي ستقام في قطر العام 2022.
4آلاف طالب قطري في بريطانيا
يتواجد في قطر 22 ألف مواطن بريطاني مقيم في الدوحة، وهي أكبر جالية غربية في قطر. ويعيش بعضهم بها منذ عدة سنوات. كما أن بريطانيا تبقى أكبر وجهة للتعلم والدراسة بالنسبة للقطريين بحوالي 4 آلاف طالب من قطر يدرسون بها.
80 ألف سائح قطري للملكة المتحدة في 2017
تتصدر المملكة المتحدة الوجهات السياحية للقطريين، وهناك ما يقرب من 80 ألف زيارة للمملكة المتحدة من دولة قطر العام الماضي. كما أن هناك 7 رحلات جوية مباشرة منها إلى لندن وبرمنجهام وأدنبره ومانشستر. ودشنت الخطوط الجوية القطرية خطاً جديداً إلى كارديف أول مايو الماضي.