لقبوها بالمرأة الحديدية.. ولكن وثائق جديدة تكشف جانباً “رقيقاً” لرئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر
كشفت ملفات خاصة يعود تاريخها إلى الفترة التي قضتها مارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا سابقاً، بمقرها الواقع بشارع داوننغ ستريت، أنها نادراً ما كانت تظهر الدببة المحشوة الخاصة بها، همفري ومستر تيدي، للعيان. تاتشر، التي لُقبت بـ»المرأة الحديدية»، توَّلت رئاسة الحكومة في بريطانيا بين عامي 1979 و1990، وعرفت بقراراتها الاقتصادية الجريئة، وبالتعامل مع الملفات العماليه بيد من حديد. وسلَّطت الوثائق التي صدرت عن مؤسسة مارغريت تاتشر، اليوم السبت، الضوء على جانب جديد من الحياة الخاصة لرئيسة الوزراء البريطانية، والصورة التي كانت تُقدم بها لعامة الشعب. وقد أكدت وثائق الإحاطة، التي كانت بحوزة مكتبها السياسي، أصولها الأيرلندية التي نادراً ما كانت تتطرق إليها، كما ذكرت تفاصيل متعلقة بلونها المفضل، وما إذا كانت من المشاغبين في المدرسة. وبحسب صحيفة The Guardian البريطانية، من بين هذه الملفات التي تعود إلى عام 1988، وثيقة تضمَّنت، وبشكل حصري، الطلبات التي كانت تتلقاها، من أجل استعارة دُمى الدببة خاصتها. وبالفعل، تمت إعارتها من قبل، إلا أن الإجراءات المصاحبة لإرسالها واستعادتها أرهقت طاقم العاملين معها. في شهر أبريل/نيسان من تلك السنة، وصلت رسالة إلى رئيسة الوزراء من رئيس جمعية Redbridge Young Diabetics، جاء فيها: «قبل أربع سنوات، كنت قد تكرمتِ علينا وسمحتِ لنا باصطحاب دمية الدب الخاصة بك، همفري، في نزهة في Woburn. فهل سيكون متاحاً الآن للذهاب إلى ساحة بيازا كوفنت غاردن، وسط لندن، للمساعدة في إطلاق 10 آلاف بالونة في الهواء نيابة عن جمعية British Diabetic Association. ودون شك، سنعتني بهمفري جيداً، كما أن الأطفال واثقون بأنه سيستمتع بكونه مركز اهتمام الجميع». شكر بيري ميلر، أحد أعضاء المكتب السياسي بداوننغ ستريت، المرسل، لكنه أجاب قائلاً: «لسوء الحظ، لن يتمكن من الانضمام إليكم، لأن لديه التزامات في ذلك التاريخ. أعتذر عن هذا الخبر المؤسف. ومع ذلك، ترسل لكم تاتشر أطيب التهاني، وتتمنى لكم يوماً سعيداً مكللاً بالنجاح». في شهر مايو/أيار، كتب غايلز براندريث، عضو البرلمان المحافظ ومؤسس متحف Teddy bear ببلدة ستراتفورد أبون آفون، إلى رئيسة الوزراء ليطلعها على افتتاح متحفه. وفي تلك الرسالة قال غايلز براندريث «إن كانت لديك دمية دب يمكنك إعارتنا إياها… فكوني واثقة بأننا سنعتني بها كما ينبغي، ونقدرها بالشكل الذي يليق بها، كما ستكون مؤمنة بالكامل، وبالتأكيد يمكنك استعادتها مباشرة متى شئتِ». وفي المقابل، أجاب بيري ميلر «لسوء الحظ، لن تتمكن [دمية الدب] من الانضمام إلى مجموعتك، لديها التزامات أخرى في ذلك الشهر». خلال الأسابيع الأخيرة من شهر يونيو/حزيران، ورد في رسالة موجهة إلى رئيسة الوزراء من جمعية Action Research for the Crippled Child للأطفال المشلولين، أنه «لا بد أنك لم تتلقي رسالة حول هذا الموضوع من قبل…»، ثم سألها المرسل حول إمكانية إعارته دب رئيسة الوزراء من أجل اصطحابه في نزهة نظمت في إطار حفل لجمع التبرعات بقرية هافانت. هذه المرة، ردَّت إيما ماكغوغان من المكتب السياسي قائلة: «لسوء الحظ، لن تتمكن [الدببة] من الانضمام إليكم، لأن لديها التزامات أخرى في ذلك الشهر». كما أكد كريس كولينز، من مؤسسة تاتشر، أن السيدة تاتشر كانت «مهووسة» بالدمى خاصتها، حتى إنها في مرحلة ما كانت تضع دمية قطة أمام شقتها الواقعة بشارع داوننغ ستريت. وهكذا «وجد [موظفوها] أن الأمر زاد عن حده، بالأخص مع قدوم الرسائل، وربما، لهذا السبب قرَّروا التوقف عن [إعارتها]». بعد التواصل معه الأسبوع الماضي، قال غايلز براندريث، إنه تم إرسال دمية رئيسة الوزراء على ما يتذكر، كما أنها «قضت العطلة الصيفية» في متحفه سنة 1988. وفي الحقيقة، يعتقد براندريث أن رئيسة الوزراء لم تتقيد بتوصيات موظفيها. وقال براندريث إنها أخبرته فيما بعد أن جمع دمى الدببة كان «هواية معقولة للغاية»، لأحد أعضاء البرلمان بالمقارنة مع اهتمامات وأنشطة بعض النواب الآخرين. ومن بين الملفات التي تم إصدارها حديثاً، المتوفرة في أرشيفات تشرشل في كامبريدج، ملف تضمن صفحات كتبت بعناية حول حقائق تتعلق بالسيرة الذاتية لرئيسة الوزراء، ليتمكن الموظفون المكلفون بالإجابة عن الاستفسارات المتعلقة بحياتها الشخصية من العودة إلى مواد مرجعية جاهزة. ومن بين المعلومات الواردة في الملف: «تحمل رئيسة الوزراء مشاعر حب عميقة تجاه همفري، وهو عبارة عن دمية دب صغيرة عمرها 50 سنة». أظهرت المستندات أن والدها، ألفريد روبرتس، كان ابناً لأب من ويلز وأم أيرلندية. وفي إطار التحقق من أن هذه المعلومة صحيحة، أكد ويليام ديفيد فليكس، محرر الدليل السياسي لأيرلندا الشمالية الذي كان يقوم بتحديثه، أن «لرئيسة الوزراء أصولاً أيرلندية بالفعل. فقد ولدت والدة جدتها، كاثرين سيلوين، بمدينة كينمير، الواقعة في مقاطعة كري، سنة 1811. وفي هوامش الوثيقة، علّقت تاتشر بنفسها «هذا كل ما أعرفه. إم. تي». تضمنت الملاحظات أكثر الأشياء المفضلة عندها، بما في ذلك، لونها المفضل وهو الفيروزي، ومشروبها المفضل وهو الويسكي والصودا، وحبها للشوكولاته، والبرامج التلفزيونية التي تتابعها، من بينها «نعم، يا وزير»، «وبروفاشينولز»، وآخر بعنوان «كانون». أما بالنسبة للحيوانات الأليفة، فذكرت الملاحظات أنه «ليس لرئيسة الوزراء أي حيوانات أليفة. ومع ذلك، فإن «ويلبرفورس»، القط، اعتاد أن يجوب ممرات المبنى الذي كانت تقيم فيه تاتشر». عندما سئلت عن الأشياء الأكثر شغباً التي اعتادت فعلها في صغرها، كانت إجابة تاتشر «التسبب في المشاكل في المدرسة». وقد كانت إجابة تاتشر أكثر مراوغة، حيث قالت: «أوه، ألم نفعل جميعنا ذلك. أنا واثقة أننا جميعاً فعلنا ذلك. لا يعد أي منا ملاكاً طاهراً… يمتلك كل واحد منا نزعة التمرد في داخله، أليس كذلك؟» المدهش في كل ما كشفته الوثائق، هو أن الجانب الخفي من شخصية رئيسة الوزراء البريطانية، مختلف تماماً عمَّا عرفه الناس عنها، خلال فترة عملها السياسي. تاتشر التي تعد أول امرأة تتقلد منصب رئاسة الوزراء في بريطانيا، اتَّبعت سياسة اقتصادية حازمة تجاه النقابات العماليه في البلاد، وقامت بخصخة كبرى الشركات والمصانع البريطانية، على غرار «رولز رويس»، وشركات اتصالات بريطانيا. وخلال الفترة الأولى من رئاستها للحكومة، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمرُّ بها بلادها في ذلك الوقت، دخلت في حرب مع الأرجنتين لاستعادة جزر «الملاوين»، وبعد معارك طويلة انتصرت بريطانيا، ما زاد من شعبية «المرأة الحديدية داخل البرلمان، وعلى المستوى الشعبي، فتم تجديد رئاستها للحكومة عام 1983. توفيت مارغريت تاتشر عام 2013 عن عمر 87 عاماً، ولا يزال البريطانيون يعتبرونها من أهم الشخصيات المؤثرة في تاريخ بلادهم.