مصر تشهد أعلى نسب طلاق وأقل معدلات زواج.. هذه هي الأسباب؟
في أرقام تكشف حالة التردي المجتمعي الذي تعيشه مصر في ظل النظام العسكري الحاكم؛ أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، الأربعاء، ارتفاع حالات وأحكام الطلاق وعلى رأسها الخلع، وانخفاض عقود الزواج في 2017.
الجهاز المركزي في نشرته السنوية، أظهر أن عدد عقود الزواج بلغ 912 ألفا و606 عقود في 2017، مقابل 938 ألفا و526 عقداً عام 2016، بنسبة انخفاض قدرها 2.8 بالمئة.
ممنوع بأمر الغلاء
ويرى مصريون تحدثت إليهم “عربي21″، أن تراجع معدلات الزواج أمر طبيعي في ظل الحالة الاقتصادية والبطالة وضعف الدخل وزيادة الأسعار وتكاليف الزواج.
ويقول أشرف محمد (50 سنة): “زوجت ابنتي الكبرى قبل نحو 4 أعوام، وتكلف جهازها بالكامل نحو 60 ألف جنيه، وهذا الأسبوع تم عقد قران ابنتي الثانية، وقمت بتجهيزها بأقل مما جهزت به أختها الكبرى، ومع ذلك تضاعفت التكلفة ووصلت نحو 250 ألف جنيه، وكل ذلك بسبب غلاء الأسعار”، متسائلا: “وماذا عن زواج الصبيان الذين يحتاجون لشقة وشبكة ذهبية وفرش للشقة وفتح بيت وما يتبعه من إنفاق وإنجاب في ظل البطالة وقلة الأجور وزيادة تكاليف الحياة؟”.
ويعاني المصريون في ظل تطبيق النظام العسكري الحاكم سياسات اقتصادية صارمة بتعليمات من صندوق النقد الدولي بفرض الضرائب والرسوم ورفع الدعم عن السلع والخدمات وزيادة أسعار الوقود أكثر من مرة منذ 2016، ما رفع نسب الفقر بالبلاد لنحو 27 بالمئة، جعلت نحو 30 مليون مصري يندرجون تحت معدل خط الفقر العالمي.
أرقام في الطلاق
وعلى الجانب الآخر؛ ورغم أن مصر تعد الأولى عالميا في نسب الطلاق؛ إلا أن عام 2017 بلغت عدد إشهادات الطلاق به 198 ألفا و269 إشهادا مقابل 192 ألفا و79 إشهادا عام 2016، بنسبة زيادة قدرها 3.2 بالمئة، فيما بلغ عدد أحكام الطلاق النهائية 9364 حكما عام 2017، مقابل 6305 أحكام عام 2016، بزيادة قدرها 48.5 بالمئة من جملة الأحكام.
وفي سابقة أعلنها الجهاز؛ سجلت أعلى نسبة طلاق بسبب الخلع، حيث بلغ عدد الأحكام بها 7199 حكماً بنسبة 76.9 بالمئة من إجمالي الأحكام النهائية (9364 حكما)، فيما سجلت أقل نسبة طلاق بسبب الخيانة الزوجية بـ3 أحكام فقط تمثل 0.03 بالمئة من جملة الأحكام النهائية.
وشهدت مصر في 2016، حالة طلاق واحدة كل 4 دقائق، وعلى مستوى اليوم الواحد تجاوزت الـ250 حالة طلاق، وفي 2017 بلغت نسب الطلاق حالة كل 3.5 دقيقة، فيما بلغ أعلى معدل طلاق 4 في الألف بالعاصمة القاهرة، وبلغ أقل معدل طلاق 1 في الألف بمحافظتي المنيا وأسيوط بالصعيد.
وفي 2018 رصدت التقارير الإحصائية ارتفاع عدد حالات الطلاق خلال الربع الأول من العام إلى 25 ألف حالة شهريا، بزيادة 5 آلاف حالة عن كل شهر بالمقارنة بعام 2017، وبينت الإحصاءات أن 70 بالمئة من حالات الطلاق تقع بين أزواج بالسنوات الأولى من العلاقة.
وبحسب إحصاءات للأمم المتحدة فقد وصل إجمالي المطلقات بمصر إلى 4 ملايين، مقابل 9 ملايين طفل للزوجات المطلقات، فيما تتزايد نسب العنوسة لتبلغ من سن 35 عاما فأكثر، نحو 472 ألف أنثى، خلال عام 2017، مقابل 687 ألف ذكر بنفس الفئة العمرية.
3 سنوات بعنق الزجاجة
ويرى الأستاذ بجامعة الأزهر، الدكتور محمد غنيم، أن تأثير الأسباب الاقتصادية والمجتمعية والدينية التي تتسبب في زيادة معدلات الطلاق حاضرة وبقوة، وأشار القاضي العرفي بمحافظة الشرقية في حديثه لـ”عربي21″، إلى أن “نسب الطلاق في العام الأول من الزواج تبلغ 90 بالمئة، وتنخفض في العام الأول لنحو 60 بالمئة، وحتى بلوغ العام الثالث للزواج تبدأ الأسر حديثة الزواج في الاستقرار، وإذا وصلت للعام الرابع تكون قد خرجت من عنق الزجاجة.
الانقسام والاستقطاب
أما الأستاذ بجامعة المنصورة، الدكتور محمد سرحان، فأكد لـ”عربي21″، أن “مشاكل الحياة اليومية والأزمة الاقتصادية التي يمر بها المصريون، وزيادة نسب البطالة، وارتفاع تكاليف السكن والزواج، والانقسام المجتمعي وحالة الاستقطاب السياسي؛ كل هذه العوامل مجتمعة أو منفردة تؤدي لتلك الأزمات بتراجع عقود الزواج وزيادة نسب الطلاق”.
الأسعار بريئة من الطلاق
وحمّلت رئيس مجلس إدارة الجمعية القانونية لحقوق الطفل والأسرة المحامية دعاء عباس، جزء من الأزمة للحالة الاقتصادية وزيادة نسب الفقر وارتفاع الأسعار، وقالت: “بالفعل إن ارتفاع الأسعار قد يكون ضمن عوامل انخفاض نسبة الزواج؛ ولكنه ليس من أسباب الطلاق”.
عباس، أوضحت لـ”عربي21″، أنها من خلال تجربتها بالعمل المجتمعي تأكد لها أننا نعاني من تنامي مشكلة الطلاق منذ سنوات، مرجعة أسبابها لـ”سوء اختيار الطرف الآخر، ثم ثقافة المجتمع بالزواج، ونظرته للمرأة وضرورة أن تستظل بظل رجل باختيارات متسرعة؛ تنتهي بمأساة يدفع ثمنها الأطفال”.
حيلة ضد الفقر
وأشار أستاذ قسم التاريخ بجامعة المنصورة مصطفى النجار، لجانب غريب من أزمة الطلاق، مؤكدا عبر صفحته في “فيسبوك”، أن الفقر دفع المصريين للطلاق رسميا ثم الزواج عرفيا لتتقدم الزوجة للشؤون الاجتماعية على أنها مطلقة وتتقاضى إعانة المطلقات.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد خزيم، أن أسواء نتائج السياسات الاقتصادية للنظام الحالي، هي زيادة العنوسة والطلاق، قائلا عبر صفحته بـ”فيسبوك”، إن أهم النتائج هي “زيادة الجريمة، وزيادة العنوسة، وزيادة الطلاق، وزيادة أطفال الشوارع وزيادة الرشوة والفساد وزيادة الأمراض”.