رئيسة بلدية تونس سعاد عبد الرحيم تثير جدلاً بعد مشاركتها في حملة تنظيف العاصمة
أثارت سعاد عبد الرحيم، رئيسة بلدية تونس، جدلا ًجديدًا في أول نشاط ميداني لها بعد افتتاحها لحملة نظافة في العاصمة، حيث رحب سياسيون ونشطاء بمشاركتها شخصيًا بهذه الحملة، فيما اعتبر آخرون أنه أسلوب «شعبوي» يعود لعهد بن علي، وتسويق دعائي لشخصية عبد الرحيم.
ونشرت بلدية مدينة تونس صورا لـ«شيخة المدنية» خلال إشرافها على حملة نظافة تحت شعار «بيك إنتي وأحنا: تونس تولي أحلى» (بك وبنا، تونس تصبح أجمل)، حيث شاركت عبد الرحيم عمال النظافة في أعمالهم، التي شملت تنظيف الشوارع والأبنية وتلوين الأرصفة وتهذيب الأشجار وإفراغ خزانات الصرف الصحي في شارعي الحبيب بورقيبة وفرنسا ومنطقة باب البحر وسط العاصمة التونسية.
وتداول الصور آلاف التونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب ناشط يُدعى عادل غرس الله: «انطلاقة جيدة، ويا حبذا لو تنظم شيخة البلدية حملات تنظيفية مصحوبة بحملات توعية في جميع أحياء العاصمة بالتنسيق مع كل البلديات القريبة من الحاضرة، كما يستحسن تنفيذ القانون بخصوص المخالفات التلويثية كرمي النفايات في الأزقة والشوارع وعلى قارعة الطريق، حتى يحس المواطن الملوث لمحيطه بسلوكه اللا حضاري في جيبه!».
ودوّن ناشط آخر يُدعى توفيق: «برافو للذي تقوم به، وبصرف النظر على الانتماء السياسي، فهذه المرأة ترغب بالعمل، وإن شاء الله تلقى المساعدة، وليس وضع العصا في العجلة. وكما يعيد التونسيون نشر صور رئيسة كرواتيا (كوليندا غرابار كيتاروفيتش) لماذا لا يفعلون كذلك مع سعاد عبد الرحيم؟».
وأضاف باروني بن حامدي: «تذكّرني برئيسة كرواتيا، لكن أظن أنها تعيش بين أُناس لا يريدونها قريبة من الشعب، لأنهم استأنسوا بالمسيّرين البرجوازيين الذين يلبسون الكرافات. شعب استأنس بالعبودية والذل، سيقولون إنها تمثل».
وانتقد آخرون أسلوب عبد الرحيم الذي قالوا إنه ذو طابع شعبوي يعود لعهد السابق، حيث كتب مستخدم يدعى حمودة: «حملة دعائية مكشوفة لا أكثر ولا أقل، وعلى كلّ، نتمنى من الله أن يكون مسؤولونا على هذا الوعي من الصدق والأمانة في تفكيرهم قبل تصرفهم الذي يوحي بالغش والمغالطة في معظم الحالات».
وأضاف نضال نجاح: «هذه ممارسات تجمّعية (نسبة لنظام الرئيس السابق) حتى بن علي كان يصوّر ويقدم لنا تونس أخرى! ليس دورها التنظيف بل التخطيط السليم»، فيما دعت صفا بن عرفة عبد الرحيم إلى الابتعاد عن الشعبوية المقيتة والمتكررة، وأضافت: «عندما أجد النظافة مستمرة طوال ترؤسك للمنصب سأصدق أن ما تقومين به الآن ليس شعبوية».
ورد الباحث سامي براهم على جمهور المنتقدين في تدوينة بعنوان «إلى شيخة الحاضرة: مزيدًا من الشعبويّة رجاءً!»، فكتب: «نزّلت الصفحة الرّسميّة لبلديّة تونس الحاضرة صورًا لشيخة مدينة تونس في زيارة تفقّديّة برفقة أعضاء المجلس البلديّ وهي ترافق العمّال في حملة نظافة ليليّة بالشّارع الرّئيسي للعاصمة، بل وتشارك بنفسها في بعض هذه الأعمال بشكل رمزيّ لم نعهده من شيوخ بلديّة الحاضرة وأعيان البلديّة، الذين كانوا يطلّون علينا في المناسبات الرسميّة بوجوههم اللمّاعة وأزيائهم التقليديّة الفاخرة. هذه الأعمال تكون دائمًا محلّ احتفاء وإشادة ودعوة للاقتداء والاحتذاء عندما تصدر عن مسؤولين غربيين، لكن عددا كبيرا من التعليقات المصاحبة رأت فيها شعبويّة واستبلاها ودعاية واستنقاصا من هيبة منصب شيخة المدينة. هذه التعليقات ذكّرتني بقصّة جحا وابنه والحمار في وضعيّات التنقّل المختلفة التي أثارت انتقاد المارّة في كلّ حالاتها».
وأضاف مخاطبًا عبد الرحيم: «سيّدتي شيخة المدينة، افعلي ما يعبّر عن قناعاتك وما يرضي ضميرك ضمن المهام المنوطة بعهدتك ولا تعبئي كثيرًا بالمنتقدين، الاستماع إلى النّقد الوجيه والبنّاء مفيد ومطوّر للأعمال، أمّا انتقادات التثبيط و«التنبير» والتّنفيس فلا تعيريها كثيرا من الاهتمام. مزيدا من الشعبويّة سيّدتي، منك ومن كلّ المسؤولين البلديين، نريد أن نراكم على عين المكان حيثما كانت متاعب المواطنين ومعاناتهم اليوميّة مع الزبالة المكدّسة والطّرقات المملوءة بالحفر والانتصاب الفوضويّ والمحلات التي احتلّت الطّريق العامّ».
وكان فوز سعاد عبد الرحيم القيادية في حركة «النهضة» بمنصب «شيخ المدينة» أثار جدلاً كبيرا في تونس، حيث رحبت وزيرة المرأة وشخصيات سياسية وحقوقية بهذا الأمر، معتبرة أنه مكسب كبير للمرأة التونسية، فيما شن سياسيون ونشطاء عن حزب «نداء تونس» هجومًا كبيرًا على مرشحي المعارضة بعد امتناعهم عن التصويت لمرشح حزبهم. في حين اعتبر رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي أن فوز عبد الرحيم هو «امتحان» للحداثيين في البلاد، وقد يمهد الطريق نحو صعودها إلى جميع المواقع الكبرى في تونس، بما في ذلك رئاستا الحكومة والجمهورية.