تصريح خطير لمدير الأمن العام في الجزائر يطيح به
وقع الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، أمس الثلاثاء، مرسومين، ينهي الأول مهام عبد الغني هامل كمدير عام للأمن الوطني، ويعين الثاني مصطفى لهبيري على رأس هذا السلك الأمني، وفق بيان لرئاسة الجمهورية.
وجاءت الإطاحة باللواء بعد تصريح خطير له قال فيه إن المؤسسة التي يشرف عليها غير معنية بقضية محاولة تهريب 701 كيلوغرام من مادة الكوكايين، مشددا على أن الذي يريد محاربة الفساد يجب أن يكون نظيفا! في تصريح غريب ومثير للتساؤلات حول الجهة التي يقصدها من كلامه الذي يحمل نبرة التهديد!
وأضاف اللواء هامل الثلاثاء في تصريحات صحافية أن التحقيق الابتدائي شهد «تجاوزات وخروقات، ولكن القضاة كانوا بالمرصاد، وحسموا الأمور، وتفادوا تمييعها»، مشددا على أن مؤسسة الأمن عازمة على مواصلة عملها، والاستمرار في محاربة الفساد.
واستطرد مدير الأمن العام «: نقول للذي يريد محاربة الفساد، أنه يجب أن يكون نظيفا قبل الإعلان عن نيته محاربة الفساد»!.
وأكد اللواء هامل على أنه حتى وإن كانت مؤسسة الأمن غير معنية مباشرة بالتحقيق في قضية الكوكايين، إلا أن الملفات الموجودة بحوزتها، والتي تخص القضية سنسلمها إلى جهاز القضاء، لأن ثقتنا به كبيرة، وفِي نزاهة قضاتنا يقول اللواء عبد الغني هامل!
وجاء تصريح مدير الأمن العام ليطرح الكثير من التساؤلات، لعدة أسباب أهمها أن لا أحد توقع أن يدلي اللواء هامل بتصريح حول الموضوع، ويلقي بحجر في مياه راكدة، لأنه غير معني مباشرة به، ولأنه عادة كتوم ولا يكثر من التصريحات إلى وسائل الإعلام، ولأن الموضوع حساس، وحتى وزير العدل رفض الخوض في تفاصيله.
الشيء المثير في تصريحات هامل أنها تظهر وكأنها رسالة موجهة إلى جهة ما، وهذه الجهة أكيد أنها في السلطة وليست في مكان ما، خاصة وأن الأمر يتعلق بمدير مؤسسة الأمن وليس بشخص آخر، وكلامه يعطي نوعا من المصداقية لما دار من كلام طوال الأسابيع الماضية حول قضية الكوكايين، وإمكانية تحولها إلى فضيحة دولة، لأن المسؤول الأول عنها والمعروف باسم «كمال البوشي» كانت له علاقات متشعبة مع عدة مسؤولين، والشبهات تحوم حول تورط الكثير من الأسماء والرؤوس معه، وإذا تحولت القضية إلى فضيحة فغالبا ما ستتم التضحية ببعض الأسماء والرؤوس وتبييض البعض الاخر!
منذ إبطال صفقة الكوكايين، وتدخل الجيش لحجز السفينة وهي في عرض البحر، وعرض صور العملية في النشرة الرئيسية، أثيرت تساؤلات كثيرة، منها مشروعة حول الجهات التي تورطت مع صاحب الشحنة كمال شيخي، المعروف بكمال «البوشي» (الجزار) الذي تحول بقدرة قادر من بائع لحوم في سوق بلدي صغير إلى واحد من بارونات استيراد اللحوم، وواحد من أكبر أصحاب المشاريع العقارية في العاصمة، والذي يصعب تصديق أنه استطاع لوحده تنظيم عملية استيراد 701 كيلوغرام من الكوكايين كلفتها عشرات الملايين من الدولارات، بدليل أن بداية التحقيق كشفت كوارث، وخلال تفتيش إحدى إقاماته تم العثور على حوالى 50 مليون دولار نقدا.
ولما يقول اللواء هامل إن التحقيق الابتدائي شهد تجاوزات، فهذا أمر يدعو إلى التساؤل، عن المقصود بهذه التجاوزات، علما أنه مما تسرب عن التحقيقات استدعاء موظف في مديرية الأمن العام قيل إنه السائق الشخصي للمدير العام اللواء هامل، لكن مديرية الأمن العام كذبت ذلك، وقالت إن المعني يعمل كسائق في حظيرة العتاد التابعة إليها ضمن مئات الموظفين، وأإه ليس السائق الشخصي للواء هامل، وحتى لما يقول إن لديه ملفات سيقوم بتسليمها، يثير ذلك التساؤل عن نوعية تلك الملفات، على اعتبار أن الملف بكامله بين يدي القضاء، وكذا عمن تدينهم تلك الملفات.
الأكيد أن قضية «البوشي» تخفي وراءها الكثير من الأسرار، قد تنكشف كلها، وهذا غير وارد بالنظر إلى تجارب سابقة، مما سيؤدي إلى سقوط الكثير من الرؤوس، وذلك في إطار معركة كسر العظم بين مكونات النظام، أو تتم تسوية الأمور والقضايا الخلافية القائمة بين العصب، وتكون النتيجة اختزال القضية في البوشي ومن معه، ولا يدفع الثمن بالنهاية سوى أكباش الفداء والحيتان الصغيرة!
جدير بالذكر أن وزير العدل طيب لوح قال أمس الأول إن قضية تهريب الكوكايين كشفت عن أربع قضايا مختلفة، كلها مرتبطة بـ«كمال البوشي»، مشددا على أن لا أحد فوق القانون، وأن كل من يثبت تورطه في واحدة من القضايا المفتوحة أمام المحققين سيمثل أمام القضاء مهما كان منصبه ودرجة مسؤولياته.