وكالة ذا هومز روبرت: حصار قطر أضرَّ بمصالح الشركات العالمية
الدوحة تمكَّنت من خلق علاقات اقتصادية وسياسة خارجية هامة
رجال أعمال في دبي: الحصار عطَّل عملنا مع عملائنا القطريين وأفقدنا ملايين الدولارات
للحفاظ على السوق القطرية شركات استشارية كبرى نقلت عملياتها من دبي إلى لندن
دول الحصار تستخدم الحسابات الوهمية لتعزيز ونشر الأخبار المزيفة ضد قطر
رصدت الوكالة البريطانية ذ ا هومز روبرت الخسائر التي لحقت وكالات العلاقات العامة العالمية وتراجع عائداتها بسبب الحصار المفروض على قطر، وصعوبة الاتصال مع عملائها في الدوحة. وقالت الوكالة في استطلاعها أن الأزمة التي افتعلتها كل من السعودية والإمارات والبحرين – بالإضافة إلى مصر – ضد قطر، والتي أدت إلى تعطيل الصادرات وطرد المواطنين وحظر الرحلات الجوية القطرية ومنعها من استخدام المجال الجوي لها تداعيات خطيرة على الشركات العالمية التي تنشط أغلبها في دبي ولها علاقات وعملاء ومكاتب في الدوحة.
وأضاف الاستطلاع أن اللجنة الرباعية أطلقت الحصار في 5 يونيو من العام الماضي، للضغط على قطر قصد إجبارها على تغيير سياساتها واتباع النهج السعودي. غير أن الدوحة تجاوزت تداعيات الحصار، من خلال خلق علاقات جديدة وفتح أسواق مختلفة، كما أن الشركات القطرية الكبرى مثل مؤسسة قطر والخطوط الجوية القطرية وشبكة الجزيرة أثبتت مرونة كبيرة في تخطي المشاكل الاقتصادية التي أنتجتها أزمة الخليج العاصفة، ولعبت الاحتياطيات النقدية للدوحة دورا هاما في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الداخلي وخلق علاقات سياسة خارجية واسعة ومهمة في جميع أنحاء العالم.
الحصار على الشركات العالمية
أوردت الوكالة أن للحصار آثارا عميقة على صناعة العلاقات العامة، ليس فقط في المنطقة، بل في أماكن عديدة حول العالم، حيث تم تعطيل الكثير من الأعمال والصفقات الخاصة بالمؤسسات العالمية التي تتخذ من قطر مقراً لها وتتعامل بالضرورة مع شركات وفروع لها في دبي، مرتبطة بمجموعات من الشركات في لندن وواشنطن. حيث تحدثت الوكالة إلى عدد من كبار أصحاب الأعمال في المنطقة، الذين وافقوا جميعًا على التحدث دون ذكر أسمائهم، لتفسير الكيفية التي أثّر بها حصار قطر على أعمالهم ومصالحهم في المنطقة.
وقال التقرير أنها لم تكن المرة الأولى التي تشهد فيها المنطقة خلافا بين دول الخليج، كان هناك خلاف مماثل في عام 2014 بين الجانبين، والذي استمر لمدة ثمانية أشهر وتم فيه سحب السفراء من الدوحة.
ومع ذلك، فإن قرار وقف الرحلات الجوية من البحرين ومصر والسعودية والإمارات، وكذلك الحرب الإعلامية المتصاعدة، سواء في وسائل الإعلام أو على الإنترنت، جعل رؤساء الوكالات الأجنبية وعملاءهم يدركون أن الأزمة هذه المرة مختلفة ومعقدة. وفي هذا الصدد، صرح أحد رجال الأعمال في دبي: “لقد واجهنا أزمة مماثلة في عام 2014، مع آخر توتر في العلاقات، لكننا لم نعتقد أبداً أن الأزمة ستكون شاملة مثل هذا الحصار، لقد أدى حظر السفر على وجه الخصوص إلى تعقيد عملنا مع عملائنا القطريين”.
وواصل التقرير: بالنسبة للعديد من الوكالات العالمية في الخليج، التي تتخذ دبي مركزا لها لخدمة العملاء والتنقل من خلال السفر داخل وخارج الأسواق المجاورة، فإن الحصار أدى إلى تعقيد خدماتها، حيث تستغرق الرحلة من دبي إلى الدوحة أقل من ساعة عند الطيران مباشرة، بينما الآن، يحتاج موظفو الوكالة للسفر إلى الدوحة عبر الكويت أو مسقط، في رحلة لا تقل عن 10 ساعات. وقال أحد أصحاب الشركات: يصعب علينا اليوم إرسال أحد الموظفين إلى الدوحة ، كانت الرحلة اليومية قبل الحصار منطقية، لكن مع عبء العمل الحالي والتكاليف الإضافية، نتكبد خسائر هائلة”.
تحويل الخدمة إلى لندن
وأوضح التقرير أنه في حين أن الوكالات التي تتخذ من دبي مقراً لها تعاني من تكاليف الصعوبات المرتبطة بخدمة العملاء القطريين، إلا أن البعض الآخر وجد الحل، حيث تقدم إحدى الشركات الاستشارية الكبرى خدماتها للعملاء في الدوحة وأولئك الذين يريدون العمل في قطر من خلال مكاتبها في لندن. “أفضل السفر بين لندن والدوحة أكثر من طيران دبي بشكل غير مباشر، وقد فزنا بالأعمال من خلال تحويل خدمة العملاء من مكاتبنا في الشرق الأوسط إلى مقرنا الرئيسي في لندن. لقد فقد مكتبنا في دبي حسابات شركات قطرية لصالح مكاتب خارج المنطقة. كما كان علينا نقل بعض الكفاءات إلى هذه المكاتب، بحيث يكون لدينا مستوى كاف من المعرفة الإقليمية لعملائنا القطريين”. هكذا صرح أحد رجال الأعمال في دبي.
وأبرز التقرير أنه في ظل عدم التوصل إلى حل للأزمة، والركود في مساعي الوساطة، فإن رجال الأعمال يبحثون عن حلول لعدم فقدانهم السوق القطرية، ويأملون إنهاء الحصار وعودة السوق إلى سابق عهدها، سيما أن الشركات العالمية تعرضت لخسائر فادحة بسبب الحصار. وبما أن الدوحة سوق توسعية هامة للعديد من الوكالات التي تتخذ من دبي مقراً لها، حيث قال أحد أصحاب الشركات: “لقد فقدنا ما قيمته مئات الآلاف من الدولارات من عائدات سوق الدوحة بسبب الحصار.
حرب المعلومات
وتحدث التقرير عن الحرب الإعلامية التي شهدتها المنطقة في أزمة الخليج، حيث استخدمت دول الحصار شركات الضغط والتأثير، بنشر البوتات والأخبار المزيفة والقرصنة لتعزيز مواقفها السياسية، وأكد بين نيمو، باحث في مؤسسة المجلس الأطلسي أن شبكات الروبوت تستخدم لترويج بيانات مناهضة لقطر على تويتر، كما تم استخدام الحسابات الوهمية لتعزيز و نشر الأخبار المزيفة. مما حول الأزمة من أزمة سياسية إلى معركة إعلامية، سيما على شبكات التواصل الاجتماعي التي يكثر فيها نشر الأخبار الزائفة، ونقلت الوكالة عن دينا مطر، محاضرة في الإعلام العربي والاتصال السياسي “إن السياسيين يدركون تماماً أن الإعلام سلاح مهم، إنه سلاح للدعاية، سلاح للمصالح الخاصة والعامة”.