النساء إلى قيادة السيارات في السعودية في ظل نظام “ولاية الرجل”
تتوّج السلطات السعودية الأحد حملة العلاقات العامة الضخمة التي باشرتها منذ أشهر، بدخول قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة قيد التنفيذ، بعد عقود من الحظر.
الا ان نظام “ولاية الرجل” على المرأة الذي يسمح للرجال بالتحكم بحياة النساء على المستويين الشخصي والعملي، يلقي بظلاله على هذه الحملة المتمحورة حول خطة إصلاحية شاملة في البلد الخليجي الساعي الى تغيير صورة التشدد التي يعرف بها.
وتسلّم الأمير محمد بن سلمان (32 عاماً) قبل سنة منصب ولي العهد في إحدى أغنى دول الشرق الاوسط، ليقود حملة إصلاح غير مسبوقة أدت الى تغييرات اجتماعية كبيرة في فترة زمنية قصيرة.
ورغم هذه الاصلاحات، لا تزال أمام السعودية خطوات عديدة يتوجب اتخاذها في مجال حقوق المرأة، بحسب خبراء ونساء سعوديات.
إلغاء فوري
ويطبّق نظام “ولاية الرجل” على المرأة منذ عقود، وينص خصوصاً على حاجة النساء لموافقة الرجال من الأقرباء، الزوج أو الاخ أو الأب أو الابن، للتعلم، وتجديد جوازات السفر، ومغادرة البلاد.
كما ان النساء قد يُسألن عن موافقة الرجل لدى تقدمهن للحصول على خدمات صحية.
ومنذ تعيين الأمير محمد ولياً للعهد، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز سلسلة قرارات لصالح المرأة، بينها السماح لهن بحضور مباريات بكرة القدم في الملاعب، والانضمام الى الشرطة، والتقدم عبر الانترنت بطلب لحيازة رخصة تأسيس عمل.
وتقول مديرة الحملات في منظمة العفو الدولية في الشرق الاوسط سماح حديد، “السماح للنساء بقيادة السيارات خطوة مرحب بها كونها تمنح المرأة حرية الحركة”.
وتضيف “لكنها غير كافية (…)، اذا كانت السعودية جادة بشان حقوق المرأة، عليها ان تلغي فوراً نظام ولاية الرجل”.
وبالنسبة الى العديد من السعوديات، لا يكفي حق قيادة السيارة لكي تعتبر المرأة مساوية للرجل في مجتمع ذكوري.
ويقول ناشطون ان النظام يمنع السجينة مثلاً من الخروج من السجن بعد انتهاء مدى محكوميتها، إلا إذا أتى رجلٌ لاصطحابها، ما يعرضها للبقاء في السجن لمدة أطول في حال قرر “ولي أمرها” عدم الحضور.
وقالت سعودية مفضلة عدم الكشف عن هويتها، “كيف يمكن وصف هذه الخطوة (قيادة السيارة) بأنها تقوّي المرأة؟ هذا نفاق. أستطيع ان أقود في بلدي، لكنني لا أستطيع ان أغادره الا بموافقة ابني؟”.
وأضافت في اتصال هاتفي “نحن أغنياء، ومتعلمون، ومع ذلك لا ننتمي للنظام ذاته. نحن (النساء) دوما تحت رحمة الأب (…) أو الزوج”.
وقالت امرأة اخرى إنها عاجزة عن التحرر من زواج لم تعد تريده، لأن زوجها يرفض الطلاق ويحتجز جواز سفرها، بينما يقيم أهلها في الخارج.
وتابعت “يرددها أمامي كل يوم: باتصال واحد، لن تعودي قادرة على مغادرة السعودية والالتقاء بأهلك”.
خوف من التوقيف
ويبدو التغيير في السعودية، رغم مساره التصاعدي مؤخراً، بطيئاً بشكل عام. ووقعت المملكة في العام 2000 على اتفاقية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تنص على “تساوي الرجل والمرأة في الحقوق”.
وبعد 17 عاماً من التوقيع، أدخلت المملكة تعديلات على نظام “ولاية الرجل” أمرت بموجبها باستثناء نشاطات منه، في خطوة طالبت ناشطات سعوديات باستكمالها عبر إلغاء هذا النظام برمته.
وأصدر الملك سلمان قراراً أمر فيه بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها “حال تقديم الخدمات لها ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب وفقاً لأحكام الشريعة”.
ورغم ان الحكومة لم تعد تطلب موافقة الرجل لتوظيف المرأة، الا ان منظمة هيومن رايتس ووتش أكدت في تقرير لها ان العديد من الدوائر الحكومية لا تزال تشترط هذه الموافقة لتوظيف النساء.
في 2016، وقّع آلاف الاشخاص عريضة على الانترنت تطالب بإلغاء هذا القانون، الا ان التوقيفات الاخيرة في المملكة بحق ناشطات في مجال حقوق المرأة باتت تفرض على السعوديات “ثقافة الخوف”، بحسب حديد.
وتحتجز السلطات السعودية منذ نحو شهرين ناشطات ونشطاء بارزين في مجال حقوق المرأة، اتهمتهم وسائل الاعلام المحلية ب”الخيانة” والعمل على تقويض استقرار المملكة.
وقالت حديد “من المهم ان نتذكر ان بعض النساء اللواتي حاربن من أجل رفع الحظر (عن قيادة السيارة)، وقدن حملات بشكل سلمي، أصبحن خلف القضبان”.
وتابعت “رفع الحظر من جهة، واعتقال النساء اللواتي سعين له من جهة ثانية، هو بمثابة نفاق”.