ما حقيقة العفو الرئاسي الذي أصدره السيسي؟
تناقضت تصريحات قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بشأن عدم وجود أي تدخل في عمل لجنة العفو الرئاسي، التي تنظر إعداد قوائم بأسماء المفرج عنهم، مع مسؤولين سابقين وحقوقيين ومحامين بأن “الأمن الوطني” هو الذي يقر تلك الأسماء ويستبعد منها ما يشاء وليس اللجنة.
وأفرجت السلطات المصرية، الأربعاء، عن 331 شابا من المحبوسين الصادر بحقهم أحكام قضائية نهائية في قضايا تظاهر وتجمهر ضمن القائمة الرابعة لما يسمى بلجنة العفو الرئاسية، رغم الإعلان عنها قبل نحو أربعة أشهر، في كانون الثاني/ يناير الماضي، وتضمن قرار العفو “الإعفاء عن العقوبة الأصلية وما تبقى منها والعقوبة التبعية”.
وانتقد حقوقيون مسلك نظام السيسي في الإفراج والاعتقال، وأن ما يطلقه باليمين يحبس أضعافه بالشمال، وأن أعداد المفرج عنهم منذ بدء عمل اللجنة منذ نحو عام ونصف العام لا يتجاوز الألف شاب، ويقابله اعتقال آلاف آخرين.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2016 ؛ تشكلت لجنة لفحص ومراجعة موقف الشباب المعتقلين على ذمة قضايا، أعقبها صدور أول قائمة بالعفو تضمنت 82 معتقلا فقط على ذمة قضايا في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تلاها قائمة ثانية في آذار/ مارس 2017 بإطلاق سراح 203 آخرين، وقائمة ثالثة في حزيران/ يونيو الماضي، شملت 502 سجين، بينهم 25 فتاة.
ويبلغ عدد السجناء السياسيين منذ 3 تموز/ يوليو 2013، نحو 60 ألف معتقل، وفق منظمات حقوقية، بينما تنفي السلطات المصرية وجود أي معتقلين سياسيين، وأن السجناء على ذمة قضايا “جنائية”.
أمن الدولة لا لجنة العفو
الحقوقي ومحامي عدد من المعتقلين، أسامة بيومي، ذهب بالقول إلى أن قضية الإفراج عن المعتقلين في لجنة العفو الرئاسي “ليست بيد الرئاسة”.
وأكد في تعقيب مقتضب لـ”عربي21″ أن “الكلمة الأخيرة فيها لجهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا)”، الذي يتولى إجراء التحريات الأمنية.
وفي تصريحات سابقة لـ”عربي21” أكد نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان السابق، عبد الغفار شكر، خروج قوائم المفرج عنهم بأقل من المتوقع يعود في الأساس إلى “مراجعات الأمن الوطني للأسماء، واستبعاده لبعضها”.
اقرأ أيضا: رمضان بالسجون المصرية.. الرحمة الممنوعة خلف القضبان
وعلقت الناشطة السياسية، والمنسق العام لحركة 6 أبريل بأمريكا، سوسن غريب بالقول إن “النظام الذي يحبس عشرات الآلاف بسبب الرأي ثم يعفو عن عشرات آخرين لا يعوّل عليه في الإفراج عن الشباب المعتقلين في السجون والمعتقلات”.
خدعة النظام
وأضافت لـ”عربي21″: “لو أن النظام جاد فعلا في العفو عن معتقلي الرأي، لكان أفرج عنهم جميعهم، فهناك صحفيون معتقلون وإعلاميون وحقوقيون، وعندنا انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان داخل السجون عليه إيقافها أولا”.
المحامي والحقوقي، عمرو عبدالهادي، فند تصريحات السيسي، وقال “إنه يكذب كما يتنفس، فقد ادعى استقلالية القضاء، ويظهر كذبه من ضحكه، وسؤاله لحاشيته، ثم يدعي عدم التدخل، ويطالب بالإفراج عن الشباب”.
وقال لـ”عربي21″ إن “هذا الإجراء يوضح أن اهتزازه ولقاءه بالشباب هو محاوله لتوصيل رسالة للعالم أنه متماسك، ولم يتأثر بانتفاضة الشعب على الغلاء، ولكن هيهات فاهتزازه واضح وضوح الشمس”.
دعاية أمام الخارج
بدوره؛ أكد المتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد، أن “تقارير العفو تتم عبر التنسيق ما بين الأمن الوطني والرئاسة.
وفي حديث لـ”عربي21″، لم يستبعد أبو زيد إصدار القائمة الأخيرة “في إطار دعائي خاصة من أجل استمرار الحصول على قروض صندوق النقد، إذ إن الخارج يطالب بوضع مستقر في مصر مع تخفيف القبضة الأمنية؛ لأن الخارج وإن كان راضيا عن الوضع في مصر فإنه يتخوف من انفلات مفاجئ”.
وفي ما يتعلق بأعداد المفرج عنهم، قال أبو زيد: “إن أعداد المفرج عنهم لا تمثل نسبة تذكر في إجمالي عدد المعتقلين، بالإضافة إلى أن دفعات كاملة من الذين شملهم العفو كانوا من الجنائيين، وحين يشمل العفو بعض السياسيين، يتم اختيارهم من الذين يفترض أن يخرجوا وفق قانونهم، كأن يكون قضى أغلب فترة العقوبة ولم يتبق منها سوى أشهر قليلة، أو ممن جاوز فترة الحبس الاحتياطي وهكذا”.
العفو لن يحرر الشباب المعتقلين
ورأى الكاتب الصحفي عبدالحميد قطب أنه لا يمكن التعويل على لجنة العفو الرئاسي في الإفراج عن الشباب المحبوسين والذين يقدر عددهم بالآلاف، قائلا: “إن اللجنة مشكلة بقرار من الرئاسة وبالتالي من يتحكم في قرارها هي رئاسة الجمهورية”.
وأضاف لـ”عربي21″: “يبدو أن إنشاء اللجنة كان بهدف تعطيل الإفراج عن الشباب بحيث تمتص الدولة الضغوط الموجهة لها بتصدير اللجنة”.
وشكك في نزاهة اللجنة وفي طريقة عملها، قائلا: “إن اللجنة مشكوك في نزاهتها خاصة أن أغلب أعضائها ينتمون لأفكار سياسية تختلف مع أغلب توجه المعتقلين، وهذا ما يضفي مزاجية على قرارات الإفراج”.