قطر: الحصار له تبعات خطيرة على الاستقرار والأمن الغذائي بالمنطقة
أكدت دولة قطر أن الأزمة المفتعلة ضد قطر تتعدى أضرارها إلى بلدان أخرى عديدة، مشيرة الى أن استمرار الأزمة والحصار الجائر يلقي بتبعاته الخطيرة على الأمن والاستقرار والأمن الغذائي في الإقليم والمنطقة.
جاء ذلك في كلمة دولة قطر في مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة الوزاري الإقليمي للشرق الأدنى، المنعقد في العاصمة الإيطالية روما، التي ألقاها سعادة السيد عبد العزيز بن أحمد المالكي الجهني سفير دولة قطر لدى الجمهورية الإيطالية وممثلها الدائم لدى وكالات الأمم المتحدة في روما.
وأشار سعادة السفير في كلمته إلى عمليات وبرامج ومشاريع التنمية التي تنفذها دولة قطر، وسياساتها الرامية إلى تحقيق الاكتفاء والأمن الغذائي الوطني، مؤكدا على الآثار والتبعات السلبية الكبيرة للحصار الجائر، والأحادي الجانب، المفروض على دولة قطر على الأمن الغذائي الإقليمي، ومطالبا المؤتمر الإقليمي لبلدان الشرق الأدنى ومنظمة الأغذية بالعمل على إنهاء هذا الحصار.
تداعيات الحصار
وقال سعادة السفير: إن الحصار الجائر، والإجراءات التعسفية التي فرضت على دولة قطر دون أي مبرر أو مسوغ قانوني أو منطقي، يؤثر بشكل سلبي بل ويعرقل مهمة منظمة الأغذية والزراعة الرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي العالمي، وإن كل ما تقوم به دول الحصار يتعارض مع مبادئ وأحكام القانون الدولي وأسس العلاقات الودية بين الدول وحقوق الإنسان.
وأضاف: “في ظل الوضع الدولي المثقل بالتوترات والنزاعات والتحديات المتزايدة الناجمة عن استمرار النزاعات والتباطؤ المقلق في حل الأزمات، وفي الوقت الذي يجب أن تفرض تلك التحديات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط تعاونا واستجابة من الجميع لمواجهتها فإن استمرار الأزمة المفتعلة والحصار الجائر ضد دولة قطر، يلقي بتبعاته الخطيرة ليس على أمن واستقرار المنطقة فحسب بل له تبعات خطيرة أيضا على الأمن الغذائي في بلدان الإقليم والمنطقة”.
وأوضح سعادة السفير أن “التداعيات الخطيرة لهذه الأزمة المفتعلة ضد دولة قطر لا تقتصر آثارها على بلادنا فحسب بل تتعدى أضرارها إلى بلدان أخرى عديدة من دول الإقليم، وهذا ما يستوجب الرفع الفوري لهذا الحصار الجائر وإنهاء كافة الإجراءات التعسفية ضد دولة قطر، وضرورة اعتماد الحوار في حل الخلافات وفقا لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة، وهذا ما دأبت على المطالبة به دولة قطر”.
تحديات رئيسية
وقال سعادته: “إن إقليمنا يعاني منذ زمن طويل تحديات رئيسية جادة تتعدى مستويات الأقاليم الأخرى، وإن حالة التدهور هذه أخذت بالتصاعد منذ عام 2000م، حيث لا تخفى على أحد الأسباب الجذرية لذلك التدهور، والتي تشمل القضايا الاقتصادية والديموغرافية، وزيادة عدد السكان، والهجرة والتشريد الداخلي نتيجة الصراعات طويلة الأمد التي أثرت ولا تزال تؤثر على العديد من بلدان الإقليم”.
وأضاف أن الإنتاج الزراعي في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أصبح في أدنى مستوياته، وكانت ولا تزال الأغذية الأساسية تشكل الأولوية بالنسبة للإنفاق العام، مع اقتران ذلك بمعدلات النمو السكاني التي تجاوزت معدلات النمو في الأقاليم الأخرى، حيث كانت نتيجة ذلك ارتفاع معدلات البطالة والهجرة، ولاسيما بين الشباب والنساء. كما أشار سعادته إلى أن “معدلات البطالة في إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا تظهر أعلى منها في الأقاليم الجغرافية الأخرى، ولا سيما في أوساط الشباب وهذه المشكلة تظهر بشكل حاد في البلدان ذات الدخل المتوسط. وكذلك في بعض البلدان ذات الدخل المرتفع كما تشير إلى ذلك دراسات وإحصائيات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة”.
ورأى سعادة السفير أن تدهور الإنتاج الغذائي الزراعي وارتفاع نسب البطالة والهجرة في إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا ليست المشكلات الوحيدة في هذا الإقليم، “فإقليمنا الجغرافي يعاني من أزمات أصبحت دائمة كقلة المياه والتصحر والتغيرات المناخية والنمو في الزراعة والصناعة الذي ظل يتراوح على مدى الـ35 عاماً الماضية بين 1.5 و2 % وهو الأقل نمواً على الإطلاق قياساً بالأقاليم الأخرى”.
الاكتفاء الذاتي:
وأكد سعادة السيد عبد العزيز بن أحمد المالكي الجهني أن دولة قطر عملت، وتعمل، بشكل حثيث على تنفيذ وتطوير عدد واسع من البرامج والمشاريع والخطط والدراسات الهادفة لتطوير قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية ومصايد الأسماك والنهوض بها، ومواجهة التغيرات المناخية، وأن كافة هذه الخطط والبرامج والمشاريع التي أعدتها الدولة لها أهمية بالغة في الوصول إلى الاكتفاء الغذائي الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي الوطني الذي هو جزء من الأمن الغذائي العالمي.
وأضاف سعادته “وفقا لمنظور دولة قطر ورؤيتها، فقد عقد في الدوحة بتاريخ 15 أكتوبر 2017، المؤتمر التأسيسي للتحالف العالمي للأراضي الجافة، الذي شاركت فيه 11 دولة من دول الشرق الأدنى وشمال إفريقيا ودول الساحل الإفريقي والخليج العربي، وهناك دول ومنظمات دولية عديدة عبرت عن رغبتها في الانضمام إلى هذا التحالف كأطراف كاملة العضوية أو شريكة، وهذا ما يعني اهتماماً دولياً متنامياً بالتحالف العالمي للأراضي الجافة”. ودعا جميع الدول الأعضاء في المنظمة، وبالأخص دول مجموعة إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، للانضمام إلى التحالف، الذي يعتبر مبادرة تعاونية أطلقتها دولة قطر بمشاركة عدد من الدول الأخرى والشركاء، وتهدف للعمل لضمان الأمن الغذائي للدول ذات الأراضي الجافة، حيث تشكل الأراضي الجافة نسبة 40 % من مساحة الكرة الأرضية، ويسكنها ما يقارب 3 مليارات نسمة يعتمد ثلثهم مباشرة على الزراعة لتأمين قوتهم.
وأكد سعادة السفير دعم العديد من المنظمات الدولية والمراكز المختصة للتحالف العالمي للأراضي الجافة، مثل منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية والبنك الدولي ومنظمة اليونسكو وغيرها الكثير من المنظمات الدولية والإقليمية. وقال إن منظمة الأغذية والزراعة مدعوة لتقديم كافة أشكال الدعم لبلدان إقليم الشرق الأدنى وذلك من خلال الدراسات والبحوث الميدانية وورش العمل والدورات المهنية في جميع القضايا، وخصوصا المياه والإنتاج الغذائي الزراعي والحيواني، والتصحر والتنمية المستدامة، وذلك من خلال مكتب المنظمة الإقليمي في القاهرة والمكاتب القُطْرية للمنظمة المنتشرة في معظم بلدان الإقليم.
ولفت سعادته إلى أن تقرير لجنة الأمن الغذائي في دورته الـ43 في الفقرة (15) يشير إلى “أن الاستعراض الشامل لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية حول العالم مهم جدا لتحديد الاتجاهات والمجالات التي تؤدي إلى عدم التقارب وعرقلة التقدم نحو تحقيق الأمن الغذائي”.. وقال “وهذا ما يدعونا إلى أن نتحدث أمام هذا المؤتمر الموقر”.
وأشار إلى حدث مهم يعني كافة دول إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا وهو أن آخر مؤتمر إقليمي لمجموعة بلدان الشرق الأدنى وشمال إفريقيا عقد خارج مبنى المقر العام للمنظمة كان عام 2010 في السودان، أما المؤتمرات الإقليمية الأخرى لدول المجموعة فقد عقدت جميعها ومنذ عام 2012 وحتى هذا العام 2018 في المقر العام للمنظمة، وأن هذا الحدث هو سابقة لم تحصل سوى مرة واحدة عام 1977 وكانت حينها الظروف السياسية في المنطقة عالية الحساسية. وأضاف “كل ما تقدم يدفعنا إلى أن نشير إلى أن منظمة الأغذية والزراعة مدعوة وبقوة إلى وضع آليات وضوابط واضحة ومحددة تتعلق باستضافة الدول للمؤتمر الإقليمي للمجموعة، وينبغي أن تكون للدولة التي تطلب استضافة المؤتمر دولة أخرى بديلة في حالة اعتذار الدولة التي طلبت الاستضافة لتحل بدلا عنها وفي وقت كاف يسمح لها بتهيئة متطلبات الاستضافة”.
وشدد سعادته على أن مسؤوليات كبيرة تقع على هذا المؤتمر الذي يتعين عليه اتخاذ قرارات وتوصيات ذات أهمية بالغة تتعلق بالوضع الزراعي والمائي وحالة الأغذية والثروات الحيوانية والتصحر والجفاف والبطالة والهجرة في بلدان الإقليم. وقال “إن جل ما نصبوا إليه هو أن تتكاتف الجهود والإرادات السياسية لخلق بيئة صالحة ومستقرة وصولا لتحقيق التكامل المهني بين دول الإقليم وتبادل الخبرات المعارف والاستفادة من التجارب الدولية الأخرى الناجحة والتعاون الكامل مع منظمة الأغذية والزراعة والوكالات الأممية الأخرى ذات الشأن، وصولا إلى تحقيق الاكتفاء الغذائي والأمن الغذائي المستدام، وركز على أن هذا الهدف سيكون هدف كافة دول الإقليم ان تحققت الإرادة السياسية الجادة والتركيز على الاستثمارات في قطاعات الزراعة والمياه والثروات الحيوانية والأسماك وكافة القطاعات الأخرى ذات الصلة بالتغذية وأمن الإقليم الغذائي”.