مصر

قرية محمد صلاح..”تحت الحصار” !

داخل حافلة صغيرة متجهة من القاهرة إلى محافظة الغربية (ِدلتا مصر)، سأل أحدهم هل هناك من يعرف قرية “نجريج” بالمحافظة؟

الرجل، الذي كان يصطحب طفلة، فوجئ بأن جميع من بالحافلة، وعددهم 13 راكباً، يعرفون مكانها بدقة.. فهي بلدة لاعب كرة القدم الدولي محمد صلاح.

انفرجت أسارير الرجل الذي كان للتو حائراً، وأخذ طفلته تردد الأغنية الشهيرة “مو صلا .. مو صلاح”.

بدأ الرجل يقصّ سبب بحثه عن منزل أسرة صلاح، قائلاً: “اسمي “أحمد . ع .ا” متزوج ولدىّ طفلة فقدت كل أموالي في التجارة، ومعرّض للسجن الآن”.

وكشف أنه يواجه ديوناً بمبلغ 60 ألف جنيه (3400 دولار)، ويحتاج إلى مساعدة، وسمع أن أسرة صلاح تفعل ذلك.

قبلة الخير

وفي منزل بسيط بالقرية، من 3 طوابق يقطن والد صلاح ووالدته وشقيقه الصغير نصر، كما أن شقيقته متزوجة بالقرية نفسها.

خلال السير في شوارعها الضيقة والملتوية، لن تشعر أنّك في قرية صلاح، فلا توجد صورة للاعب معلقة فيها سوى في النادي الذي يحمل اسمه.

حالة أحمد، وفق أحد المقربين من صلاح، هي واحدة من العشرات الذين يترددون يومياً على البلدة لطلب المساعدة من كافة المحافظات.

ويضيف مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن اللاعب يمنع جميع أفراد أسرته من الظهور الإعلامي، كما أنهم غالبية الأوقات خارج بيوتهم لعدم الحرج ممن يطرق بابهم “فلا تمر ساعة سواء ليلاً أو نهاراً إلا وهناك اتصال هاتفي أو حالة تطلب المساعدة”.

ويشير إلى أن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ساعدوا في ذلك، كل يوم نسمع أن والد صلاح يذبح عجلاً مع كل هدف لصلاح فنجد العشرات ينتظرون عقب كل مباراة.

وهناك من يقول إنه يزوّج 50 فتاة من وقت لآخر أو يتبرع بأفدنة من الأراضي لإقاقة شبكة صرف صحي، وكلها تشجع المحتاجين على التدفق إلى القرية.

ويضيف: “حتى المسؤولين بدأوا يروجون مثل هذه الشائعات كنوع من الإحراج للاعب، صلاح ليس مسؤوليته حل المشاكل هناك مسؤولون يجب أن يلتزموا بأدوارهم”.

ويتابع “صلاح يساعد، ولكن كل شيء له آخر”. ويمضى قائلاً: “نجريج، التي تحتاج للمساعدة، أصبحت قبلة للوافدين من كل محافظات البلاد، وكل منهم يحمل قصة مأساوية وبعضهم ظهر كذبه”.

ويؤكد أن “الأسرة أصبحت تحت الحصار لا تفتح أبوابها لأحد ولا تقابل أحداً، ولا تستطيع أن تمارس حياتها بشكل طبيعي”.

تحت المراقبة

أحد جيران صلاح، يقول متحفظاً على ذكر اسمه، إنه اعتاد على رؤية غرباء ما بين كاميرات وسائل إعلام محلية وأجنبية وطالبي المساعدة، في شارعهم الذي كان هادئاً قبل نجومية “مو صلاح” .

ويضيف أنه مع كل بطولة يكون الزائرون أكثر من أهل القرية ذاتها في النادي الذي يحمل اسم “محمد صلاح” وتسهر القرية حتى الصباح رغماً عنها.

جمعية صلاح الخيرية

لمحاولته التجاوب مع السائلين عن سكن أسرته، فكر اللاعب الدولي في إنشاء جمعية خيرية تتولى بحث الحالات المحتاجة، ويدير الجمعية مجلس أمناء، من بين أعضاءه والد اللاعب.

حسن بكر، باحث اجتماعي في جمعية صلاح الخيرية، يقول، في تصريحات صحافية، إن صلاح هو صاحب فكرة إنشائها في شهر رمضان الماضي، عندما قضى في القرية عدة أيام، ولاحظ كثرة تردد بعض الأهالي والمحتاجين على منزله،بشكل عشوائي، ففضل أن يقنن هذا العمل، لتصل المساعدات إلى مستحقيها.

ويضيف بكر: كما أنه كان يحاول إبعاد السائلين عن سكن أسرته، فقط لأنّه سكن، ومقصد الراحة والهدوء.

ويشير إلى أن الجمعية تم تأسيسها رسميا نهاية العام الماضي و450 أسرة من القرية والقرى المجاورة، من الأرامل والأيتام، والمرضى يتلقون المساعدة شهريا، بجانب بعض حالات الزواج، رافضاً الإفصاح عن قيمة المساعدات.

وزارة خير

“نجريج” تعاني نقص الخدمات الخدمات، فهي بلا وحدة إسعاف ولا مطافئ وحتى “الملعب (نادي رياضي)” تعرض للإهمال، فأصبح مكباً للقمامة.

وتسود حالة سخط بين أبناء القرية حيث يتهمون الحكومة بأنها تنتظر من نجم ليفربول ومنتخب مصر لأن يقوم بدورها في حل تلك المشاكل.

ونجح صلاح (25 عاماً) في جذب الأنظار إليه خلال الموسم الحالي مع ليفربول؛ حيث شارك معه في 48 مباراة بمختلف البطولات، مسجلاً 43 هدفاً وصنع 15 آخرين.

وبات خامس لاعب عربي يتأهل إلى المباراة النهائية لبطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، وسيلعب ليفربول المباراة النهائية للبطولة يوم 26 مايو/ أيار الجاري أمام ريال مدريد الإسباني.

تبرعات معلنة

وبجانب ما يقدمه صلاح من مساعدات للمحتاجين بشكل غير معلن هناك قائمة تبرعات معلنة منه لبلاده، من اهمها:

** “صندوق تحيا مصر” (صندوق حكومي لجمع التبرعات).. خلال لقاء مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يناير/كانون الثاني 2017، أعلن صلاح تبرعه بـ5 ملايين جنيه (285 ألف دولار) للصندوق.

** “جهاز تنفس صناعي”.. والد اللاعب أعلن عن تبرع نجله بجهاز تنفس صناعي لمستشفى بسيون العام (الغربية)، بالإضافة إلى تطوير قسم حضانات الرضع، عبر هدية من رجل أعمال مصري، فضل صلاح التبرع بها للمستشفى.

** “وحدة إسعاف”.. حصل اللاعب الدولي على موافقة السلطات في يونيو/حزيران 2017 على إنشاء وحدة إسعاف بقريته، وتعهد باستكمال بنائها.

** “معهد ديني”.. أعلنت أسرة صلاح عن تبرعه لإنشاء معهد ديني لمرحلتين الابتدائية والإعدادية بتكلفة تصل إلى 10 ملايين جنيه (570 ألف دولار).

وارتفع عدد الذين يعانون من الفقر المدقع بمصر من 4.4 بالمائة في عام 2012/2013 إلى نحو 5.3 بالمائة في عام 2015، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

ويعرف الجهاز الفقر المدقع بأنه يعني عدم قدرة الفرد أو الأسرة على توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية. (الأناضول)

المصدر
القدس العربي
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى