الحنَّاء السوداء التي قتلت ليبيَّات ليلة زفافهن وأرعبت الجزائر.. هذه قصتها

استنفرت الجزائر مصالحها التجارية المختصة في قمع الغش، لمنع تسويق حناء سوداء، مصدرها ليبيا، بسبب احتوائها على مكونات كيمياوية تؤدي إلى تسمم ووفاة مستعمليها. وتلقَّت مديريات التجارة الجزائرية، تعليمات وزارية، منتصف أبريل/نيسان الجاري، تُشدِّد على اتِّخاذ التدابير اللازمة لمنع وصول هذا النوع من الحناء إلى المستهلكين، مستندةً إلى تحاليل طبية أجرتها وزارة الصحة الليبية، وأثبتت خطر المنتج التجميلي.
أصل القصة
وأثيرت قضية الحناء القاتلة في ليبيا خلال السنتين الأخيرتين، حيث تحدَّثت تقارير إعلامية عن تسمّمات وحالات وفاة، كانت ضحيتها عشرات الليبيات وبالأخص شرقي البلاد ببنغازي. وتُسبب الحناء السوداء مآسي للعديد من العائلات الليبية، لأن أغلب ضحاياها من العرائس اللواتي تحوَّلت فرحتهن بالزواج إلى مصيبة، جراء اعتمادهن على أنواع تتضمن مواد سامة وقاتلة للزينة. وأنجزت قناة ليبيا الآن، تقريراً عن القضية، في يناير/كانون الثاني 2017، بعدما لوحظ ارتفاع قتلى الحناء. ونقلت عن دكتورة تدعى مرعية المهدوي، وهي رئيسة لجنة مكلفة من قبل مركز الخبرة القضائية والبحوث بمستشفى المرج ببنغازي الليبية، أن ” نوعاً من الحناء يدعى رويال، يحتوي على مادة مضافة تسمى الـ(بي دي جي)، بنسبة مرتفعة جداً، مقارنة بالمعايير المسموحة، ما ينجم عنها تسممات لمستخدميها”. وذكر خبير كيميائي، يدعى عبدالعاطي محمد، أن “المادة عالية السمية، يفترض ألا تتجاوز نسبة مزجها بالحناء 2 إلى 4% حسب المعايير الدولية، ووجدنا أثناء التحليل أن نسبتها في الحناء المعجونة 40%”.
أعراض مرعبة
وحسب ذات الخبير، فإن الأعراض الأولى التي تظهر على مستعمِل الحناء التي تحتوي على نسبة عالية من المادة المضافة السامة “تبدأ بحرقة على مستوى الجلد، وتورّم على مستوى الرقبة والعينين يكون شديد الألم، ثم آلام شديدة في الكُليتين، بسبب عدم قدرتهما على تصفية المواد السامة، مما يؤدي إلى ضرر كبير في الأنابيب الكلوية، ثم ينتقل السم إلى الكبد، حيث يسبب التهاباً كبدياً حاداً، لينتقل بعد ذلك إلى القلب والرئتين”. ونصح ذات المتحدث بالإسراع في إزالة الحناء بالماء فور الشعور بالأعراض الأولى للتسمم، لتفادي مضاعفات مميتة. ومن سنة 2011 إلى 2016، استقبل مستشفى المرج 103 حالات تسمم، وسجل 58 حالة وفاة.
الجزائر في حالة تأهب
ورغم عدم تسجيل حالات تسمم أو وفاة في الجزائر بسبب الحناء القاتلة، أقرَّت وزارة التجارة تعليمات مؤرَّخة في 15 أبريل/نيسان 2018، تحت رقم 422، صدرت عن مديرية الرقابة الاقتصادية وقمع الغش، وأرسلت لكافة المصالح الولائية، تحذِّر من حناء سوداء بدولة ليبيا. وجاء في التعليمات أن المادة المذكورة “تتسبب في 59 حالة وفاة، بسبب احتوائها على مواد كيمياوية سامة تسبب التهابات جلدية وتسممات تؤدي إلى الوفاة، حسب نتائج تحاليل وزارة الصحة الليبية”، وتختتم “بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة”. ولم تُشر التعليمات إلى ما إذا كانت الحناء السامة قد دخلت إلى السوق الجزائرية سواء عن طريق الاستيراد القانوني أو عن طريق التهريب، خاصة بالولايات الحدودية مع ليبيا. ويفهم من تحذير وزارة التجارة الجزائرية، أنه خطوة استباقية لتفادي مآسٍ قد تنجم عن الحناء السوداء، مثلما حدث في ليبيا.