مبادرة لبيع الملابس بالتقسيط في محاولة لمواجهة الركود في مصر
أعلن اتحاد الغرف التجارية في القاهرة، دراسة مقترح لبيع الملابس الصيفية بالتقسيط للموظفين وأصحاب المعاشات لمواجهة الكساد وعدم قدرة المواطنين على الشراء.
ويقول مراقبون إن الغلاء غير المسبوق الذي شهدته الأسواق في الأعوام الأخيرة، أحدث تغييرات كبيرة في ثقافة الشراء، فيما سخر نشطاء من شراء المصريين لملابسهم بالتقسيط في عهد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بعد أن كانت السلع مرتفعة الثمن، مثل الأدوات الكهربائية والسيارات، هي التي يتم بيعها بهذه الطريقة.
تراجع حاد
وكشفت شعبة الملابس في الاتحاد أن مبيعات الملابس خلال الموسم الشتوي الماضي تراجعت بنسبة 50% تقريبا، بسبب حالة الركود التى شهدها السوق، معلنة عن استعدادها لتبني مبادرة لبيع الملابس الجاهزة بالتقسيط لموظفي القطاع العام والعاملين بالجهاز الإداري للدولة خلال الموسم الصيفي المقبل.
وقال يحيى زنانيري نائب رئيس شعبة الملابس الجاهزة، إن “مبيعات الموسم الشتوي المنقضي كانت سيئة جدا وشهد كسادا كبيرا، مؤكدا أن المبيعات تراجعت بشدة لأن القدرة الشرائية للمواطن المصري ضعفت كثيرا، حتى إن بعض التجار اضطروا لبيع الملابس بأقل من أسعارها الحقيقية لتقليل خسائرهم، كما تم تقديم الأوكازيون الشتوي شهرا كاملا قبل موعده لمواجهة الركود دون جدوى”.
واقترح زنانيري، في تصريحات صحفية، تبني الفكرة من قبل البنوك في محاولة لتحريك السوق، عبر إتاحة ما يحتاجه الموظفون هذا الموسم ويكون السداد بجزء من رواتبهم.
“بشرة خير”
وطالبت النائبة البرلمانية هالة أبو السعد شعبة الملابس بتنفيذ هذه المبادرة بفائدة لا تزيد عن 5%، تخفيفا عن كاهل المواطنين من أصحاب المعاشات، الأمر الذي سينعش حركة السوق الذي أصيب بالركود التام، بعد أن أصبحت غالبية الأسر غير قادرة على شراء الملابس.
فيما رحبت الإعلامية جيهان منصور، خلال تقديمها برنامج “العيلة” على قناة “الحياة” مساء السبت، بهذه الفكرة وقالت، إنها “بشرة خير” للمصريين، على حد قولها، وطالبت بدعم ومساندة هذه المبادرة من أجل محدودي الدخل والأسر المصرية التي تعاني من أزمات مالية كبيرة”.
وسخر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي من التردي في المستوى الاقتصادي للمصريين في عهد السيسي، فقال “محمد عبد الله”: “هي حصلت؟ طب أنا عاوز شراب بالتقسيط بدون فوائد”.
وقال “محمد الخالدي”: “فكرة عبقرية وكمان ممكن تنزل بلح رمضان بالتقسيط ومعاه الكنافة والقطايف، ربنا يعمر بيتكم يا مسؤولين، ارحمونا شوية، أنا ممكن يجيلي جلطة من كلامكم”.
أما “صبري سعد” فقال، إن الزمن عاد للوراء، وبدلا من تحرير السوق، رجع المصريون إلى أيام الشراء بالتقسيط من محلات القطاع العام مثل عمر أفندي، كما كان يحدث في عهدي عبد الناصر والسادات”.
لم تنجح من قبل
وتعليقا على هذه الفكرة، قال المتحدث باسم شعبة الملابس في الغرفة التجارية بالقاهرة حمدى أبو العينين، إن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها طرحها، مشيرا إلى أنه سبق أن تقدم بعض التجار بمبادرة مماثلة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لكنها لم تنجح في تحقيق الانتشار المطلوب.
وأضاف أبو العينين، في تصريحات لـ “عربي21″، أن تطبيق هذا الاقتراح يحتاج إلى دراسة جيدة حتى ينجح، ويستلزم وجود ضمانات كافية لتحصيل الأقساط من المواطنين حتى يتشجع التجار ويوافقوا على البيع لهم بالتقسيط، مقترحا أن يبدأ تطبيقها على موظفي الحكومة في البداية وليس كل المواطنين؛ حتى يسهل تحصيل الأقساط من المشترين.
واعترف أن تعويم الجنيه قبل عام ونصف أدى إلى ارتفاع كبير في نسبة التضخم، الذي ترتب عليه زيادة الأسعار بنسب غير مسبوقة؛ ولذلك شهد سوق الملابس الجاهزة ركودا كبيرا بسبب عدم قدرة أعداد كبيرة من المواطنين على الشراء بالأسعار الجديدة التي أصبحت مكلفة للغاية.
وتوقع أبو العينين أن تحرك هذه المبادرة الركود في سوق الملابس وتحدث رواجا نسبيا، موضحا أن المصريين بطبيعتهم يفضلون الشراء بالتقسيط لتخفيف الأعباء المالية عنهم.
“مصلحة التجار”
من جانبه قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة الدكتور رشاد عبده، إن هذه المبادرة تستهدف في المقام الأول تحقيق مصلحة التجار، موضحا أن سوق الملابس يمر بحالة من الكساد الشديد للموسم الثالث على التوالي؛ بسبب التضخم الكبير الذي ألغى الفوائض المالية لدى الغالبية العظمى من المصريين.
وأوضح عبده، في تصريحات لـ “عربي21″، أن الطلب قل بشكل كبير على الملابس الجاهزة؛ لأنها تأتي في ترتيب أولويات الأسرة المصرية بعد أشياء أهم مثل الطعام وفواتير الخدمات والصحة والتعليم، لافتا إلى أن بعض الأغنياء لجؤوا في الأعوام الأخيرة إلى شراء الملابس المستخدمة لتوفير احتياجاتهم بسعر معقول.
وتوقع الخبير الاقتصادي نجاح هذه المبادرة كحل مؤقت لضعف القدرة الشرائية عند المصريين الذين يفضلون الشراء بالتقسيط، شريطة تنفيذها مع شريحة موظفي الحكومة والقطاع الخاص، مشيرا إلى أن هذه التجربة نجحت بشدة في تسعينيات القرن الماضي، بعد انتشار معارض تقسيط لكل شيء؛ بدءا من الأحذية والملابس وحتى السلع المعمرة والسيارات.