اقتراب محاكمة رفعت الأسد في فرنسا بتهم فساد
تعود ملكية 80 بالمئة من أصول وضعت السلطات الجمركية الفرنسية يدها عليها العام الماضي الى رفعت الأسد مع اقتراب انتهاء تحقيق يتعلق بممتلكات عمّ الرئيس السوري بشار الأسد في أوروبا استمر مدة أربع سنوات.
ووفق مصادر قريبة من الملف فانه من المحتمل ان تبدأ محاكمة رفعت الأسد البالغ 80 عاما ويوصف بأنه “جزار حماة” حول مزاعم تتعلق بمصادر ثروته التي تقدر بعشرات ملايين اليورو.
قاد الأسد “سرايا الدفاع″ وهي نخبة عسكرية أخمدت تمردا للاخوان المسلمين في مدينة حماة في شباط/ فبراير عام 1982 في حملة أسفرت عن مقتل من عشرة الى اربعين الف شخص بحسب تقديرات مختلفة.
لكنه غادر بعد عشر سنوات سوريا اثر تحرك فاشل ضد شقيقه حافظ الأسد الذي قاد سوريا من عام 1971 حتى عام 2000.
وبعد وصوله الى أوروبا لفت اسلوب حياة رفعت الباذخ مع أربع زوجات واكثر من عشرة أولاد الأنظار هناك.
ويعتبر اتساع نطاق ثروة رفعت الاسد التي تم جمعها ابان الثمانينات أمرا مدهشا، اذ تشمل ممتلكاته 500 عقار في اسبانيا وقصرين في باريس احدهما مساحته ثلاثة آلاف متر ومزرعة خيول وقصرا قرب العاصمة الفرنسية، اضافة إلى 7300 متر مربع في ليون.
وتم استحواذ معظم هذه الممتلكات من خلال شركات اوفشور مسجلة في بنما وكوراساو وليشتنشتاين ولوكسمبورغ وجبل طارق.
وتقدر ثروة رفعت الاسد في فرنسا بحوالي 90 مليون يورو، لكن معظم أصوله هناك تحت الحراسة القضائية.
وتعود ملكية 691 مليون يورو من اصول حجمها 862 مليون يورو صادرتها الجمارك الفرنسية في آذار/ مارس في العام الماضي الى رفعت الاسد.
ويعتقد ان عائلة رفعت امتلكت ايضا قصر “ويتنهيرست” وهو ثاني أكبر قصر سكني في لندن بعد “باكينغهام بالاس″ من خلال شركة مسجلة في بنما قبل بيعه عام 2007.
-”أموال كالمطر”
مصدر قريب من القضية قال ان مديرا يعمل في فرنسا وصف كيف انها “كانت تمطر اموالا” بين عامي 1996 و2010 ويتذكر انه كان يسحب حوالى 100 الف يورو شهريا لدفع رواتب موظفي رفعت الأسد.
وفتحت السلطات الفرنسية تحقيقا حول ثروة رفعت الاسد في نيسان/ أبريل 2014 بعد ان أثارت المسألة مجموعتان مناهضتان للفساد هما “شيربا” و”الشفافية الدولية”.
وبعد عامين، تم توجيه التهمة الى الأسد بالتهرب من الضرائب واختلاس اموال عامة.
ولدى ظهور رفعت للمرة الأولى امام محكمة فرنسية في كانون الثاني/ يناير عام 2015 عمد الى التهرّب من الاجابة عن الاسئلة وقال انه لم يكن يدير ثروته بشكل شخصي، وشدد على “اهتمامه فقط بالسياسة”.
ومع ذلك فان سجلات التنصت وشهودا قالوا عكس ذلك ورسموا صورة لرجل لم يكلف احدا بأي مهام وكان يراقب ممتلكاته من كثب.
- فاعل خير سعودي؟
وأدعى رفعت الأسد ايضا انه يدين بثروته الى سخاء الملك السعودي عبدالله الذي توفي في كانون الثاني/ يناير 2015.
وأبرز محاموه بيار هايك وبيير كورنوت-جنتيي وبنيامين غروتدلير شيكا بقيمة عشرة ملايين دولار من عبدالله يعود الى الفترة التي كان فيها الأخير وليا للعهد عام 1984.
وقالوا في بيان لفرانس برس “قدمنا أدلة بثلاثة تحويلات كبيرة تعود لأعوام 2008 و2009 و2010 بشكل لا يمكن انكاره (بعد استحواذ السلطات على املاكه الفرنسية) ما يظهر المساعدة المستمرة والكبيرة من الملك منذ بداية الثمانينات”.
وسلم فريق الدفاع ايضا مؤخرا رسالة من الملك عبدالله تشير الى وهب منح لرفعت لاسد، وقالوا انه من المستحيل عمليا البحث في سجلات بنك تعود لثلاثين عاما.
لكن الاتهامات بارتكاب رفعت الاسد للفساد والاختلاس مصادرها عديدة.
فقد ذكر رئيس جهاز المخابرات الرومانية السابق ايون ميهاي باسيبا في كتاب ان الديكتاتور السابق نيكولاي تشاوشيسكو أشار الى ان رفعت الاسد هو عميله في سوريا ويؤدي خدمات له مقابل مبالغ مالية كبيرة.
ويشير المحققون ايضا الى تصريحات لعبد الحليم خدام قال فيها ان حافظ الأسد دفع 300 مليون دولار لشقيقه عام 1984 كطريقة للتخلص منه بعد تحركه الفاشل ضده، وجاء ثلثا المبلغ من ميزانية الرئيس والثلث الباقي كان قرضا من ليبيا.
وزعم وزير الدفاع الاسبق مصطفى طلاس ان “رجال” رفعت الأسد نقلوا عربات محملة بالنقد من البنك المركزي اضافة الى ممتلكات ثقافية.
وأشار شاهد آخر إلى سرقات آثار وقال للمحققين إن رفعت الأسد سرق “كنزا بقيمة كبيرة” من أرض يملكها جده في سوريا.
ورفض رفعت الأسد الاتهامات واعتبرها محاولات من خصومه للتخلص منه.
وقد يواجه رفعت الأسد ايضا اتهامات في سويسرا حيث كان قد خضع للتحقيق عام 2013 بتهمة ارتكاب جرائم حرب في سوريا ابان الثمانينات.
القدس العربي