ماذا سيفعل الأردن عندما يقرر بشار الأسد فتح جبهة الجنوب السوري؟
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول ضرورة انسحاب قوات جيشه من سوريا بسرعة مخاوف في الأردن من إمكانية قيام النظام في سوريا بهجوم لاستعادة الجنوب السوري المحاذي لحدوده، وزادت تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الأخيرة بأن الرئيس السوري بشار الأسد باق في الحكم الجدل في عمّان أيضا لأنها تضع الأردن وحده بمواجهة هذه المعضلة.
الأردن تجهّز لدراسة هذه الاحتمالات عبر اجتماعات سيادية مؤخرا تم فيها إقرار خطة طوارئ لانفلات محتمل في جنوبي سوريا، غير أن الجزء المثير في هذه الاستعدادات هو التصرف على أساس أن الأردن قد يجد نفسه وحيدا في مواجهة التداعيات. فالرسائل الأردنية هنا تقول ضمنيا إن عمان مهتمة بالتنسيق، وهموم الأردن في جغرافيا الجنوب السوري لا تقف عند حدود خطط ونوايا وأولويات الجيش السوري بل تشمل أيضا نوايا وخطط إسرائيل ومصير «جبهة النصرة» والموقف تجاه عمل الحرس الثوري الايراني وقوات «حزب الله» في محيط درعا الشمالي. وتشمل أيضا وهذا الأهم مصير نحو 15 ألف مقاتل يتبعون «هيئة فتح الشام» («جبهة النصرة» سابقا) والتكتيك الذي سيستخدم للتعامل مع مصير 30 ألف مسلح على الأقل لديهم صلات بالأردن ويمثلون الجيش السوري الحر.
يجري ذلك بالتزامن مع ما قاله سياسيون كبار في الجانب الأردني عن الحاجة لبلدوزرات ثقيلة ورشيقة لتنظيف كل مؤشرات عدم الثقة بين الطرفين قبل الانتقال لأي خطوة أمنية أو عسكرية بعنوان «التفاهم على ما سيجري في معركة الجنوب السوري الوشيكة» وهي المواجهة التي تقلق الأردنيين أكثر من أي تفصيل آخر. وهنا حصريا يمكن تجديد القناعة بأن «تفاعل التجار» من العاصمتين هو محطة من سلسلة محطات تؤثر وتحكم وترسم بصمات. بين تلك المحطات الانعطافة الحادة في موقف المورط الأكبر للأردن في المستنقع السوري أصلا وهو الشقيق السعودي وخصوصا بعد أن صرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأن الرئيس بشار الاسد باق في الحكم.
وكان السعوديون قد أوقفوا تمويل تشكيلات مسلحة في العمق السوري وبدأوا عبر قنوات خلفية يديرون مفاوضات لتسليم سلاح الجماعات الموالية لهم. وبهذا المعنى يمكن اعتبار المستجد في الموقف السعودي عنصرا ضاغطا يقلص هوامش المناورة والمبادرة الأردنية.
ويزداد الضغط بالتصريح العلني الشهير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمخصص لابتزاز دول الخليج ماليا بعنوان «سحب أو عدم سحب ما تبقى من قوات للجيش الأمريكي في سوريا» وهي قوات قليلة العدد عموما ومتواجدة في منطقتين فقط: الأولى هي المنطقة الكردية ولا تشكل أولوية الآن على الأقل في مرحلة خطة وبرنامج استعادة السيادة لجيش النظام السوري، والثانية هي منطقة التنف تحت عنوان «ردع الميلشيات الإيرانية واللبنانية» في المثلث الصحراوي القريب من العراق والسعودية والاردن في بعده الاستراتيجي الأمني.
وسحب هذه القوات الأمريكية يكشف أيضا الظهر الأردني. وهنا تحديدا تبرز الإشكالية الأردنية المعقدة فمعادلة جنوبي سوريا تعني شمالي الأردن كما تعني إسرائيل حيث سيناريو المواجهة العسكرية الاقليمية يعود للمناخ في الوقت الذي يعلن فيه الرئيس ترامب سحب القوات الأمريكية.
لذا نرى الأردن مهتما جدا بمعرفة نوايا وخطط جيش النظام السوري إذا ما انتقلت عدوى «استعادة السيادة إلى عقدة مناطق الجنوب» وبالتالي يريد الأردن أن يعرف مسبقا ما إذا كان جيش النظام السوري مهتما بعودته إلى أراضي الجنوب من دون معارك بالمدفعية الثقيلة أم هو مهتم بعملية تفاوض مع فصائل الجيش السوري الحر.
القدس العربي