مؤتمر في باريس من أجل لبنان.. “الإصلاح مقابل المساعدات”
تستضيف باريس اليوم الجمعة، المؤتمر الاقتصادي الدولي لدعم التنمية في لبنان عبر الإصلاحات(سيدر)، والذي ستشارك فيه إحدى وخمسون دولة ومنظمة دولية.
المؤتمر الذي سيفتتحه عند التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ورئيس الوزراء اللبناني سعد #الحريري سيشارك فيه بدءاً من الثالثة والربع من بعد الظهر الرئيس الفرنسي إيمانويل #ماكرونالذي سيعقد اجتماعاً مع الحريري بحضور لودريان ووزير الاقتصاد برونو لومير قبل أن يلقي الحريري كلمة ختامية تعقبها كلمة لماكرون.
الإصلاحات مدخل للمساعدات ولانخفاض الدَّيْن
وفي هذا السياق، قال دبلوماسي فرنسي شارك في التحضير للمؤتمر إن دولاً ومؤسسات دولية باتت تشترط على لبنان قبل تقديم مساعدات جديدة له أن يلتزم بإجراء إصلاحات خصوصاً في قطاعات الكهرباء والمياه والنقل، ووصف الدبلوماسي فاتورة الكهرباء في لبنان ب”الفضيحة” داعياً إلى تحديث شبكات الكهرباء وتخفيض الأسعار ومعتبراً أن قسماً كبيراً من ديون لبنان مرتبط بمشكلة الكهرباء وأن “أفضل طريقة لخفض الدّيْن العام في لبنان هي إصلاح قطاع الكهرباء”. وانتقد الدبلوماسي نفسه قول مسؤولين لبنانيين إنهم يريدون تمويلاً غير مشروط بالإصلاح لأنهم يستقبلون نيابةً عن الأسرة الدولية أعداداً كبيرة من اللاجئين، ولفت إلى أن تأجيل الإصلاحات لن يسرّع الحصول على أموال.
ودائع المغتربين تحمي النظام المصرفي اللبناني
من جهة أخرى، أوضح الدبلوماسي الفرنسي الرفيع المستوى أن الاستدانة بحدّ ذاتها ليست مشكلة، إنما المشكلة تكمن في الكلفة الهائلة لخدمة الدّيْن، لكنه رأى في المقابل أنه “لن تكون هناك مشكلة سيولة في لبنان بسبب الدَّيْن المرتفع لأن المصارف اللبنانية تشتري هذا الدّيْن، وتستند المصارف في هذا التمويل إلى ودائع المغتربين اللبنانيين التي أنقذت لبنان من الهزّة السياسية بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري” ثم عودته عنها في نوفمبر الماضي.
وأوضح المسؤول الفرنسي أن من بين المؤسسات التي ستحضر مؤتمر “سيدر” البنك الدولي “الذي سيلعب دوراً خاصاً في المؤتمر” بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الإسلامي للتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار، كما سيحضر المؤتمر أعضاء المجموعة الدولية لدعم لبنان ومن بينهم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، كما دُعيت دول تتواجد فيها أعداد كبيرة من المغتربين اللبنانيين كالبرازيل وأستراليا.
المراحل الثلاث لخطة الاستثمارات
وعن حاجات لبنان في إطار خطة الاستثمارات التي أعدّتها حكومة الحريري قال الدبلوماسي الفرنسي: “إنها تصل إلى 23 مليار دولار وتتوزع الخطة على ثلاث مراحل تكلّف الأولى بين 10 و12 ملياراً.
وعن المساعدات التي سيُعلَن عنها في ختام مؤتمر “سيدر”، قال: “إنها ستُقدَّم تحت عدة عناوين: بعضها سيكون مِنَحاً لكن معظمها سيكون قروضاً ميسّرة وأخرى وفق شروط السوق ولكن مع تسهيلات معينة، كما أن بعض المساعدات سيُقدّم على شكل ضمانات قروض.
مؤتمر “سيدر” ليس باريس 4
وكان لافتاً أن الدبلوماسي الفرنسي شدّد أكثر من مرة على أن مؤتمر “سيدر” ليس مؤتمر باريس 4، بمعنى أنه ليس امتداداً لمؤتمرات دعم سابقة للبنان استضافتها باريس ولم تُنفّذ كل الوعود التي قُطعت خلالها.
ورأى أن ما يميّز مؤتمر اليوم عمّا سبقه هو أن لبنان ليس في وضعية تأزم مالي كما كان الوضع في السابق كما أن المؤتمر الجديد سيتبعه إنشاء آلية للمتابعة تضمن تنفيذ ما يُتّخذ خلاله من قرارات.
وأوضح المسؤول الفرنسي أن البيان الختامي الذي سيصدر عن مؤتمر اليوم سيتضمّن إعلانات تمويل من عدة أطراف ودعوات إلى الحكومة اللبنانية كي تلتزم بما تعهدت به من إصلاحات، وأشاد بنجاح الحكومة اللبنانية مؤخراً في إقرار موازنة العام 2018 منوّهاً في هذا المجال بجهود رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
من جهته قال مصدر رئاسي فرنسي لـ”العربية نت” إن مؤتمر “سيدر” ليس مؤتمراً كلاسيكياً للمانحين وإن نتائجه لن تحددها الأرقام التي سيُعلَن عنها بل إن المهم هو الاتفاق على خطة مساعدات يصادق عليها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بموازاة تقديم الحكومة اللبنانية خطة إصلاحات مع آلية متابعة تضمن تطبيق الإصلاحات “التي من دونها لن تكون كلّ الالتزامات المالية لا شرعية ولا فعّالة”.
هذا وستشارك السعودية في مؤتمر “سيدر”، وقال مصدر رئاسي فرنسي إن الرياض ستقدم التزامات خلال المؤتمر وقد صدرت عنها إشارات إيجابية في هذا المجال بعد زيارة الحريري الأخيرة إلى المملكة.
وكان الحريري وصل إلى باريس الخميس يرافقه وفد ضمّ وزراء الخارجية والمال والاقتصاد والطاقة والمياه والأشغال العامة.