بالصور.. شاب تونسي ينتحر ويترك رسالة موجعة!
قصص انتحار الأدباء والفنانين ليست جديدة، فالكثيرون يعرفون عن انتحار الأديب الأميركي الشهير أرنست همنغواي الذي حاز على جائزة #نوبل في الستينات. وهناك القصة الشهيرة لانتحار الأديبة الإنجليزية فيرجينيا وولف في 28 مارس 1941 التي كانت قد ملأت جيوب معطفها بالحجارة واتجهت صوب نهر الأوز لتُنهي حياتها بالانتحار غرقًا.
كما أن المنتحرين عادة يكتبون رسائل قبل رحيلهم، كأنما يوجهون من خلالها فكرة ما باتجاه نظرتهم للعالم، وقد كتبت وولف رسالة طويلة جاء فيها: “أنا على يقين بأنني سأجن، ولا أظن بأننا قادرون على الخوض في تلك الأوقات الرهيبة مرة أخرى، كما لا أظن بأنني سأتعافى هذه المرة”.
اليوم تناقل الوسط الأدبي في #تونس والعالم العربي انتحار الأديب الشاب تونسي نضال غريبي، الذي انتحر في منزله بمعتمدية سيدي عمر بوحجلة بولاية القيروان عن 32 عامًا يوم 27 مارس، بحسب رسالة تركها تشير لسبب انتحاره ضمنيًا ويذكر فيها التاريخ.
والغريب ومن قبيل الصدفة أن تاريخ انتحاره 27 مارس، يأتي مجاورًا لتاريخ انتحار فيرجينيا وولف في 28 مارس، ولكن لا يعتقد أن ثمة تدبيرا أو قصدية في اختياره ذلك اليوم.
رفض وشك
وقد ترك غريبي رسائل عديدة ومتتالية على صفحته بفيسبوك تشير إلى رفض عام للحياة ونفس تعيش الشك وعدم القدرة على التعايش مع العالم والمجتمع.
وقد كتب مدونون تونسيون أن عجزه عن الحصول على عمل قد يكون من الأسباب التي دعته للانتحار، في حين تكشف مدوناته الشخصية على الإنترنت، وكتاباته على السوشيال ميديا تلك الروح المتمردة والرافضة للوجود.
وفي 13 مارس غرّد نضال غريبي على موقع تويتر يكتب: “ويبقى السؤال الذي يراودني كل ليلة، يغازل إجابة تتوارى خلف النعاس، هل عشتُ اليوم كما ينبغي كي أستحق إشراقة الغد؟؟”.
آخر ما كتبه بفيسبوك
أما آخر ما كتبه يوم 26 مارس في فيسبوك هو:
“.. أسائل نفسي.. من أنا؟؟
ثمَّ أهرب من المواجهة لأنني أعرف أني سأندم إذا ما أجبت..
أراوغني لأستنكر، من ذا الذي يسأل؟
فأغضب لنفسي وتغضب مني لترحل عني.
لم أعد كما كنت.
هذا الصباح لم أجدني..
واختفت رائحتي مع أول سيجارة صباحية بلا طعم.
فتحت روايتي المفضلة فوجدتها فارغةً من العناوين.
خفت.
نزلت مسرعا إلى الشارع وسألت عنّي..
قالوا:
مرت من هنا عاريةً وجميلةً.. ككل مرة تهرب منك..
حينها توقفت..
رسالته الأخيرة
أما الرسالة المتداولة له، التي خلفها وراءه فجاء في مقدمتها:
“أنا الآن لا شيء، تفصلني خطوة عن اللاشيء، أو فلنقل قفزة، غريب أمر الموت ما أبخس ثمنه، دينار ونصف الدينار ثمن الحبل، وبعض السجائر، غريب أمر الحقيقة ما أبخس ثمنها لكننا لا نرى، نملأ أبصارنا وبصائرنا دومًا بالأوهام، حتى تصير الحقيقة تفاصيل لا نراها”.
ومضى يكتب: “غريب أمرهم، بل غريب أمركم جميعًا إذ تظنُّون بموتي أنّني أناني، لكنني في الحقيقة أبعد ما يمكن عن الأنانية، دققوا في التفاصيل، لو كنت كما تدّعون لكنت التهمت ما استطعت من أدوية أمي المريضة ورحلت، لكنني أعلم علم يقين أنّ عائلتي المسكينة ستنصرف إلى مراسم دفني وقبول التعازي، وسينسون بالتأكيد أن يشتروا لها دواء بدل الذي دفن في معدتي، لكنني لم أفعل، لو كنت بالأنانية التي تدّعون، لكنت رميت بنفسي أمام سيارة على عجل، أو من فوق بناية عالية، لكن، حرصا مني أن لا تتلف أعضائي التي أوصي بالتبرع بما صلح منها، لم أفعل”.
وكتب موصيا: “سادتي، أحبّتي، عائلتي المضيّقة والموسّعة، أوصيكم بأنفسكم خيرا، وبأولادكم حبّا.. أحبّوهم لأنفسهم، لا تحبّوهم لتواصل أنفسكم فيهم، اختاروا لهم من الأسماء أعظمها وأرقاها، وكونوا شديدي الحرص في ذلك.. فالمرء سادتي رهين لاسمه، شأني، أمضيت عقودي الثلاثة بين نضال وضلالة وغربة.. علّموا أطفالكم أنّ الحبّ ليس بحرام، وأنّ الفنّ ليس بميوعة، لا تستثمروا من أجلهم، بل استثمروا فيهم، علموهم حب الموسيقى والكتب.. السّاعة الآن الرابعة بعد الظهر، من السابع والعشرون من مارس سبعة عشر وألفين، أفارقكم عن سن تناهز أسبوعين وأربعة أشهر واثنتين وثلاثين سنة.. أحبكم جميعا دون استثناء، وأخص بالذكر هيرا، تلك العشرينية إيناس، تلك البريئة التي شيطنتها الحياة وحبي”.
ويشار إلى أنه في 25 أغسطس 2017 نشر صورته لعدد من المشانق على صفحته بفيسبوك.