الجزائر: استمرار الجدل بشأن تصريحات لزعيم السلفيين أخرج عدة طوائف من «أهل السنّة والجماعة»
قال محمد عيسى وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري إن حكومة بلاده ليس لها أي مشكل مع المذهب السائد في السعودية، وأنها لا ترى أنه يمثل خطراً عليها، لكنها ستقف بالمرصاد لأي فكر هدام يعمل على نشر الفتنة والفرقة بين أفراد الشعب الجزائري، وأن القانون سيطبق على كل من يتجاوز الحدود المرسومة.
وأضاف عيسى أمس الثلاثاء خلال إشرافه على افتتاح معرض الحج والعمرة في قصر المعارض في العاصمة الجزائرية أن العدو الوحيد يتمثل في الشحن الطائفي الذي يقصي طوائف أخرى ويخرجها من الدين، في وقت نحتاج فيه إلى مزيد من الوحدة والتسامح، بعيداً عن الفتن والفرقة ونشر الكراهية والخطاب المتطرف الذي سبق للجزائر أن دفعت ثمنه غالياً، في إشارة إلى الرسالة الشهرية لزعيم التيار السلفي في الجزائر محمد علي فركوس التي أعلن فيها أن الكثير من الطوائف مثل الإخوان والصوفية والإباضية وغيرهم ليسوا من أهل السنّة والجماعة، وهي تصريحات أثارت ردود فعل سلبية.
وكان الوزير عيسى قد هاجم فركوس بقوة في وقت سابق، عندما أكد أن «مدرسة كان يعتقد أنها تريد أن تنتمي لأسلاف الأمة، أعلنت منذ أيام عن فكر إقصائي تختزل من خلاله الانتماء للسنّة والجماعة في مجموعتها فقط مخرجة أغلب الأمة من دائرة الانتماء للسنة والجماعة».
وشدد الوزير على أن الدولة ستواجه هذه الأفكار المنحرفة والهدامة، وأن القانون سيطبق على كل من يريد العبث بوحدة الأمة، مشيراً إلى أن السكوت على مثل هذه التصرفات سيؤدي إلى تغلغل هذه الأفكار في عقول أبنائنا وفي مدارسهم ومساجدهم وجامعاتهم، وأن الدولة ستقف بالمرصاد حتى لا يكون هذا التعصب والإقصاء والتكفير سبباً في إراقة دماء الجزائريين من جديد.
وكانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قد ردت للمرة الثانية على تصريحات محمد علي فركوس، وذلك من خلال مقال نشره نائب رئيسها عمار طالبي في صحيفة البصائر الصادرة عن الجمعية، إذ اعتبر أن كلام فركوس إحياء لفتن تجاوزها الجزائريون، وأن الدولة يجب أن تضع حداً لمثل هذه التصرفات.
وأضاف: «نقرأ هذه الأيام مقالة لبعضهم، ممن يزعم أنه من أهل السنّة دون غيره، يثير الفتنة، ويعمل على تضليل المسلمين وتبديعهم، وحشرهم في أهل الأهواء والبدع، ويرجع إلى افتراق المسلمين في التاريخ البعيد، ويحيي شعارات مصطنعة».
وتساءل إن كان مصطلح أهل السنّة والجماعة موجوداً في عهد الرسول؟ مؤكداً أن هذا المصطلح ظهر في أعقاب الفتنة الكبرى التي عاشتها الأمة، واليوم يأتي بعض مثيري الانقسام في الأمة، وإحياء التفريق القديم.
واعتبر طالبي «أن «عامة الناس اليوم لا يعرف إلا أنه مسلم يؤمن بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر ولا يدري أنه أشعري ولا ماتريدي ولا أنه من أهل السنة والجماعة، ويكتفي بذلك، وبعض هؤلاء يقتصر على المؤلفات القديمة التي فيها ما فيها من التنابز والتبديع والتكفير ويحييها كأنه يعيش في القرن الثالث وما بعده إلى القرن السابع والثامن وما ينازع به ابن تيمية رحمه الله وغيره، وابن حزم من الهجوم على كل فرق المسلمين، بحدة تخرج أحياناً عن أدب الخلاف».
وأوضح عمار طالبي أن الكلام العام المثير للفتنة بين المسلمين من جديد، والذهاب إلى تضليل بعضهم لبعض، والتبديع الذي يؤدي ببعضهم إلى التكفير الذي يعاني العالم الإسلامي، وما داعش وقبلها القاعدة إلا من هذه العقلية العمياء، فيأتي صاحب هذا الكلام فيحيي النزاع والتبديع، والتضليل في عصر تتحد فيه الأمم، وتتسامح المذاهب، وتراعي المشترك وما اتفق عليه وهو الأكثر والأعم ويعذر بعضها بعضاً في ما اختلفوا فيه.
وخلص إلى أن ما ورد في رسالة فركوس يعود بنا إلى قرون خلت، ويعمل إحياء النزاع بين الفرق الإسلامية، رغم أن أغلبها انقرض، بدليل أنه لم يعد هناك وجود للجهمية مثلاً، وأن الناس لم تعد تفرق بين أشعري وماتريدي، ولا بين معتزلي وغيرهم، وأن هذا الصراع لم يبق إلا في خيال من يقرأون الكتب القديمة.