أول مظاهرة حاشدة بباريس تضامنا مع طارق رمضان
فقد شهدت ساحة تروكاديرو المقابلة لبرج إيفل احتشاد مئات المواطنين المسلمين وغير المسلمين -بينهم عدد كبير من النساء- الذين تحدوا البرد القارس السائد هذه الأيام، للمطالبة بالإفراج عن رمضان بسبب تدهور حالته الصحية، وبتمكينه من حقوقه باعتبار أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
وقد رفضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الأسبوع الماضي للمرة الثانية طلبا لمحامي رمضان بالإفراج عنه بعد تدهور حالته الصحية ونقله إلى المستشفى للعلاج. كما رفضت السماح لزوجته وأبنائه بزيارته.
يُذكر أنه وجهت إلى المفكر -الذي يحمل الجنسية السويسرية- تهمة الاغتصاب بعد قيام امرأتين بالادعاء عليه نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتسليم ملفه إلى ثلاثة قضاة تحقيق.
وأمر قضاة مطلع الشهر الجاري بوضعه قيد التوقيف الاحتياطي بدعوى الخوف من فراره إلى الخارج أو من ممارسة ضغوط على نساء أخريات قدمن شهادات ضده، دون الكشف عن أسمائهن.
لكن رمضان ينفي تماما تهم اغتصاب امرأتين في أكتوبر/تشرين الأول 2009 بمدينة ليون، وفي مارس/آذار 2012 بباريس، وقدم محاموه شكوى ضد خصومه لأنهم قد يكونون قدموا رشى للشهود.
عبد النور أحد منظمي المظاهرة يرفع صور رمضان ومضمون المادة الأولى من الميثاق الدولي لحقوق الإنسان عن المساواة (الجزيرة) |
مناشدات ورسائل
ورفع المتظاهرون لافتات وصورا للمفكر الإسلامي المعتقل كُتب عليها “أطلقوا سراح طارق رمضان” و “العدالة لطارق رمضان” و”أوقفوا سياسة الكيل بمكيالين”.
وناشد المتظاهرون الرئيس إيمانويل ماكرون التدخل فورا من أجل الإفراج عن المفكر الاسلامي، كما اتهموا القضاء بالتمييز وممارسة “عدالة تعمل بسرعتين”.
ودعا عبد النور (أحد منظمي المظاهرة) -في كلمة أمام المحتجين- إلى مواصلة الضغط الشعبي على المستويين المحلي والأوروبي من أجل إطلاق رمضان.
كما حث مسلمي فرنسا على مراسلة رئيس الجمهورية ووزيرة والعدل والمنظمات الحقوقية الدولية من أجل الإفراج عن رمضان ومنحه سراحا مؤقتا، وتكثيف الحملة المساندة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتوقيع على مزيد من العرائض الإلكترونية.
كما طالب عبد النور بتوجيه رسائل خطية عبر البريد للمفكر الإسلامي المعتقل في سجن فلوري ميروجيس بالضاحية الباريسية “حتى تظل معنوياته عالية ولكي يطمئن إلى أن مسلمي فرنسا يقفون إلى جانبه في هذه المحنة”.
تربص سنوات
وعن أهداف المظاهرة، أكدت خضراء (صاحبة الفكرة) في تصريح للجزيرة نت أن لا أطراف سياسية أو إسلامية تقف وراء حملتها بل انطلقت فقط من كونها مواطنة فرنسية مسلمة لم تستسغ الحملة الإعلامية المغرضة، وتحامل القضاء ضد “أحد كبار المفكرين المسلمين في أوروبا”.
وأضافت خضراء أن الهدف من المظاهرة هو نصرة رمضان في محنته “لأننا متأكدون بأنه بريء” وأن هذه الاتهامات “سخيفة وباطلة” الهدف منها القضاء على مفكر ومثقف كبير كان شوكة في حلق أطراف معروفة بعنصريتها وعدائها للإسلام والمسلمين في فرنسا، وفق وصفها.
وأوضحت كريمة (خبيرة قانونية) أن ملف المفكر الإسلامي من الناحية القضائية “فضيحة بكل المقاييس” لأنه لم يحترم قرينة البراءة لرمضان ولم يأخذ بعين الاعتبار انكشاف روايات المشتكيتين التي تحوي مجموعة من المزاعم التي سرعان ما تبين زيفها.
كما استغربت من تكليف القضاء الفرنسي ثلاثة قضاة أحدهم مختص بقضايا الإرهاب للتحقيق مع رمضان، علما بأن هذا الأخير على مدى ثلاثة عقود لم يدعُ من خلال كتبه أو محاضراته إلى الفكر المتطرف.
وختمت الخبيرة القانونية قائلة “إنهم يتربصون به منذ سنوات، والآن مع هذه الحملة العالمية لمناهضة التحرش الجنسي ضد النساء وجدت هذه الأطراف التي تكيد له العداء الفرصة للقضاء عليه”.
وغابت كبرى الجمعيات والمنظمات الإسلامية الفرنسية عن هذه المظاهرة، وأرجع عبد النور السبب إلى أنهم كمنظمين لم يوجهوا الدعوة لهم رفعا للحرج عنهم أولا، وثانيا “لأننا أردنا أن تكون هذه المظاهرة شعبية غير مؤطرة، ولا تقف وراءها أية أطراف “.
المصدر : الجزيرة