معبر رفح يمنع صحافية فلسطينية من العودة من مصر لوداع زوجها المتوفى
لم تجد مناشدات الكاتبة الصحافية دنيا الأمل إسماعيل، بإعادتها إلى قطاع غزة هي وابنتها من العاصمة المصرية القاهرة، لإلقاء نظرة الوداع على شريك حياتها، الناشط الحقوقي بسام الأقرع، الذي وافته المنية فجأة، واحتضان أطفالها الصغار، الذين تركتهم برفقة الفقيد، للسفر مع كريمتها الكبرى لإنهاء إجراءات تسجيلها في إحدى الجامعات المصرية.
وفي حكاية من ألف حكاية غزية تعيشها الأسر المحاصرة، جسدت حادثة وفاة زوج الكاتبة دنيا الأمل إسماعيل، مأساة المحاصرين، الذين لا يفتح أمامهم درب النور إلى خارج الحصار المظلم، إلا لسويعات عمل قليلة على معبر رفح المغلق، والفاصل عن الأراضي المصرية.
بدأت مأساة هذه العائلة الفلسطينية حين غادرت دنيا الأمل إسماعيل غزة برفقة كريمتها لإتمام عملية تسجيلها وانتسابها لإحدى الجامعات المصرية، بعد تخلف طويل عن الدراسة، بحكم إغلاق المعبر، تاركة خلفها شريك العمر وأطفالا صغارا، يستعيضون عن حنانها بحنان الوالد، دون أن تعلم أن وداع السفر كان بمثابة الوداع الأخير لزوجها الذي فارق الحياة مساء أول أمس الخميس إثر نوبة قلبية، بعد أن باءت بالفشل كل محاولاتها ومناشداتها لإعادتها إلى غزة بأي شكل من الأشكال، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة، واحتضان أطفالها الذين أفزعهم فراق الوالد.
وفور الإعلان عن وفاة الزوج بسام الأقرع، ناشدت الصحافية إسماعيل عبر صفحتها على «فيسبوك» الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئاسة الفلسطينية والسفير الفلسطيني في القاهرة دياب اللوح وكل المسؤولين، للعمل على فتح معبر رفح لتمكينها من العودة لغزة لإلقاء نظرة الوداع، وهو ما لم يتم، حيث ووري الزوج الثرى ظهر أمس وسط صدمة من المحبين والأهل.
وطلبت الكاتبة إسماعيل من أصدقائها بعد فشل محاولات بالعودة إلى غزة، تصوير جنازة زوجها «فيديو» من أجل مشاهدتها في غربتها.
ومنذ الإعلان عن حالة الوفاة، وحتى اللحظات الأخيرة، لاقت قصة الصحافية إسماعيل تفاعلا كبيرا من الصحافيين والنشطاء الحقوقيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب حول الأمر العديد من التدوينات، حتى أن عددا من النشطاء والمهتمين أطلقوا وسما خاصا للقضية تحت عنوان «#رجعوا دنيا تودع جوزها»، و»#رجعوا دنيا تحضن أطفالها».
وعقب تشييع الجثمان، أظهر الكثير من المتضامنين مع العائلة، حزنهم عما جرى، فكتب الصحافي محمد البابا على موقع «فيسبوك» يقول «ووري جثمان الحقوقي بسام الأقرع الذي أفنى حياته في مؤسسات حقوق الإنسان، دون ان ينتصر لحق زوجته وابنته أحد بالوداع الأخير، رحل دون ان يكفل أحد للناشطة والكاتبة الأديبة دنيا الأمل اسماعيل وابنتها حق التنقل وحرية التحرك، حال الحصار دون عودتها، وأغلقت المعابر أبوابها في وجهها».
وكتبت الناشطة الحقوقية فاطمة عاشور معلقة على الموضوع تقول «دنيا الأمل اسماعيل مقدرتش ترجع غزه تودع جوزها ولا تحضن أطفالها، ولا تأخذ عزاه ولا تكون في وسط أهلها عشان يحضنوها يشاركوها الحزن، ويعيطوا معاها ويخففوا عنها، يا دنيا كلنا مقهورين قهرتك».
يذكر أن الراحل الأقرع كان يعمل في أحد المراكز الحقوقية في مدينة غزة، وكانت له نشاطات عدة في فضح ممارسات الاحتلال، وتعرض للاعتقال عدة مرات في السجون الإسرائيلية.
وجسدت حادثة الوفاة مأساة السكان الغزيين جميعا، الذين يتعرضون لحصار إسرائيلي محكم منذ 11 عاما، ولم يبق لهم سوى معبر رفح الفاصل عن مصر، بغرض التنقل والسفر.
وكانت مصر قد أعادت إغلاق المعبر من جديد وبشكل كامل منذ منتصف 2013، ولا تعيد فتحه إلا لأيام معدودة وعلى فترات متباعدة للحالات الإنسانية من مرضى وطلاب وأصحاب إقامات.
يذكر أن عوائل غزية كثيرة فقدت أقارب لها خلال رحلات العلاج أو الدراسة، ولم تتمكن من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، خاصة وأن المعبر لا يفتح في أيام الإغلاق إلا لإدخال جثث مرضى فارقوا الحياة خلال رحلة العلاج في المشافي المصرية، التي لجأوا إليها لعدم توفر العلاج في غزة.