حين لم يكن للبريطانيات حق التصويت والتخرج في الجامعات
تمر هذا الثلاثاء 100 عام على يوم تاريخي لبريطانيا تغيّر معه العالم تقريبا، ففي 6 فبراير 1918 حصلت المرأة على حق التصويت بعد كفاح كان مريرا على كل صعيد، وشهد مراحل عنف نسائي متنوع، انتهى بإقرار البرلمان ما سموه “قانون 1918 حول التمثيل الشعبي” وبه أضيفت إلى قوائم التصويت في إمبراطورية ممتدة النفوذ إلى معظم العالم، أصوات 8 ملايين و500 ألف امرأة فوق سن الثلاثين دفعة واحدة، ثم مرت 10 سنوات ليشمل القانون البالغات 21 سنة أيضا، فأصبحت المرأة كما الرجال تماما.
قبل القانون الجديد، كانت البريطانيات، مواطنات فئة ثانية، إلى درجة أن الاغتصاب الزوجي لم يكن جريمة، ولم يكن للمرأة أي حق بالجلوس ضمن هيئة محلفين في المحاكم، ولا التخرج في الجامعة أو التصويت بأي انتخابات، طبقا لما قرأت “العربية.نت” في أخبار وتحقيقات أرشيفية عما عانت منه البريطانيات للوصول إلى أحد أهم الحقوق، ونراه أيضا بالصوت والصورة في فيلم دراما بريطاني شهير، أنتجوه في 2015 باسم Suffragette عن نساء كن ناشطات بحركة تأسست في القرن التاسع عشر بالاسم نفسه، وكانت أكثر من جاهد لانتزاع حق التصويت.
يروي الفيلم الذي يمكن مشاهدته “يوتيوبيا” بالكامل، الشيء الكثير عن كفاح البريطانية لنيل حقها بالتصويت، وعما واجهته بعضهن من وحشية السلطات وازدراء جزء من المجتمع وصمت وسائل الإعلام، في أحداث معظمها واقعي وتدور بأوائل القرن العشرين، وتخللتها حملات سلمية لنساء عاملات، في وقت كانت الحكومات المتعاقبة تعاند وترفض تعديل قانون التصويت، حتى وصل قطار الكفاح النسائي إلى محطته النهائية.
وانتحرت تحت أقدام الحصان احتجاجا
أما الأخبار المؤرشفة عن نيل المرأة لحق التصويت، فهي بالعشرات ومعظم اللغات الحية بالإنترنت، ونجد فيها كيف كانت بعض الناشطات “يوثقن أنفسهن على السكك الحديد، أو يحطّمن واجهات المتاجر، ويخرّبن خطوط التيار الكهربائي” إلى درجة أن عنف الجنس اللطيف وصل حتى إلى إلقاء قنبلة على منزل أحد الوزراء. كما قضت الناشطة Emily Davison بعمر 41 سنة، منتحرة بإلقاء نفسها تحت أقدام حصان ملكي في سباق للخيول.
وراء معظم ذلك العنف النسائي، كانت Emmeline Pankhurst مؤسسة منظمة “سافراغيت” للمطالبات بتصويت المرأة، فاعتقلوها وسجنوها 11 مرة، وفقا لما طالعته “العربية.نت” بسيرتها، كما في موقع مجلة TIME التي ضمتها في 1999 الى قائمة الشخصيات الأكثر تأثيرا بالقرن العشرين.
أول من فازت بمقعد نيابي تخلت عنه بأمر حزبي
وصفتها المجلة الأميركية بأنها “كانت مثالاً للمرأة المعاصرة وقلبت النظام الاجتماعي في شكل لا عودة بعده”، وفق تعبيرها عمن تمكنت حركتها مع انتهاء الحرب العالمية الأولى في 1918 من موافقة البرلمان على إقرار قانون تصويت النساء وتعبيد طريق المساواة مع الرجل.
وفي ديسمبر 1918 حان موعد أول انتخابات عامة تدلي فيها البريطانية بصوتها، وفيها فازت أول امرأة بمقعد نيابي بمجلس العموم، هي البولندية الأصل Constance Markievicz الراحلة في 1927 بعمر 59 سنة، لكن بوصفها من حزب Sinn Fein بجمهورية إيرلندا، فقد عملت بنظام الحزب واختارت عدم الانضمام الى المجلس، فاحتلت مكانها أول من تجلس على مقعد بالبرلمان البريطاني الشهير، وهي الأميركية الأصل Nancy Astor المهاجرة بعمر 26 إلى إنجلترا، والحاصلة بدائرتها على أكبر عدد من الأصوات بعدها.
خطأ تاريخي شبيه بما ورد في فيلم مصري
أما أول من أدلت بصوتها بين النساء في صندوق للاقتراع بتاريخ بريطانيا، فكانت ممنوعة أصلا بموجب القانون من الانتخاب، الا أن خطأ حدث جعلها تسبق من لهن الحق في التصويت في 1918 بسبع سنوات، فقبل موعد انتخابات 1911 العامة، ورد اسم Frances Connelly بلوائح الشطب الانتخابية على أنها رجل، ووصلت إليها بطاقة التصويت بالبريد على هذا الأساس، فلم يتمكنوا من تغيير الاسم في اللحظة الأخيرة يوم التصويت، فتغاضوا عنها وسمحوا بصوتها.
ذلك الخطأ، رأينا مثله تقريبا بفيلم مصري أنتجوه في 2002 بعنوان “معالي الوزير” وفيه يتم تعيين الممثل الراحل فيما بعد، أحمد زكي، وزيرا في حكومة مصرية جديدة، لأنه وصل يوم قسم اليمين أمام الرئيس حسني مبارك على أنه أستاذ جامعي اسمه رأفت عبد الفتاح أحمد رستم، واختاره رئيس الوزراء المكلف (الممثل عمر الحريري) ليكون هو الوزير، وحين اكتشف المكلف أن من وصل يحمل الاسم نفسه، إلا أنه ليس من اختاره، عمل برأي مستشاره الذي نصحه بأن يبقيه، وقال له: “ع البركة يا فندم.. لو نفع خير وبركة. ما نفعش ينطرد مع أول تعديل، ويا دار ما دخلك شر” وهكذا كان.